صفحة جزء
ومن ذرائع ذلك : مسألة العينة ، وهو أن يبيعه سلعة إلى أجل ، ثم يبتاعها منه بأقل من ذلك ، فهذا مع التواطؤ يبطل البيعين ؛ لأنها حيلة . وقد روى أحمد وأبو داود بإسنادين جيدين عن ابن عمر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إذا تبايعتم بالعينة ، واتبعتم أذناب البقر ، وتركتم الجهاد في سبيل الله ؛ أرسل الله عليكم ذلا لا يرفعه عنكم حتى تراجعوا دينكم ، وإن لم يتواطآ فإنهما يبطلان البيع الثاني ، سدا [ ص: 176 ] للذريعة ، ولو كانت عكس مسألة العينة من غير تواطؤ : ففيه روايتان عن أحمد ، وهو أن يبيعه حالا ، ثم يبتاع منه بأكثر مؤجلا . وأما مع التواطؤ فربا محتال عليه .

ولو كان مقصود المشتري الدراهم وابتاع السلعة إلى أجل ليبيعها ويأخذ ثمنها ، فهذا يسمى التورق ، وفي كراهته عن أحمد روايتان ، والكراهة قول عمر بن عبد العزيز ومالك ، فيما أظن ، بخلاف المشتري الذي غرضه التجارة ، أو غرضه الانتفاع أو القنية ، فهذا يجوز شراؤه إلى أجل بالاتفاق .

ففي الجملة : أهل المدينة وفقهاء الحديث مانعون من أنواع الربا منعا محكما مراعين لمقصود الشريعة وأصولها ، وقولهم في ذلك هو الذي يؤثر مثله عن الصحابة ، وتدل عليه معاني الكتاب والسنة .

التالي السابق


الخدمات العلمية