صفحة جزء
ولقد تأملت أغلب ما أوقع الناس في الحيل ، فوجدته أحد شيئين : إما ذنوب جوزوا عليها بتضييق في أمورهم ، فلم يستطيعوا دفع هذا الضيق إلا بالحيل ، فلم تزدهم الحيل إلا بلاء ، كما جرى لأصحاب السبت من اليهود ، وكما قال تعالى : ( فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم ) [النساء : 160 ] ، وهذا الذنب ذنب عملي ، وإما مبالغة في التشديد لما اعتقدوه من تحريم الشارع ، فاضطرهم هذا الاعتقاد إلى الاستحلال بالحيل ، وهذا من خطأ الاجتهاد ، وإلا فمن اتقى الله وأخذ ما أحل له ، وأدى ما أوجب عليه ، فإن الله لا يحوجه إلى الحيل المبتدعة أبدا ، فإنه سبحانه لم يجعل علينا في الدين من حرج ، وإنما بعث نبينا - صلى الله عليه وسلم - بالحنيفية السمحة .

فالسبب الأول : هو الظلم .

والسبب الثاني : هو عدم العلم . والظلم ، والجهل هما وصف للإنسان المذكور في قوله تعالى ( وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا ) [الأحزاب : 72 ] .

[ ص: 189 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية