صفحة جزء
وأيضا ففي صحيح مسلم عن أبي رافع : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استسلف من رجل بكرا ، فقدمت عليه إبل من إبل الصدقة ، فأمر أبا [ ص: 194 ] رافع أن يقضي الرجل بكره ، فرجع إليه أبو رافع فقال : لم أجد فيها إلا جملا خيارا رباعيا ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " أعطه إياه فإن خيار الناس أحسنهم قضاء " .

ففي هذا دليل على جواز الاستسلاف فيما سوى المكيل والموزون من الحيوان ونحوه ، كما عليه فقهاء الحجاز والحديث ، خلافا لمن قال من الكوفيين : لا يجوز ذلك ; لأن القرض موجب لرد المثل ، والحيوان ليس بمثلي ، وبناء على أن ما سوى المكيل والموزون لا يثبت في الذمة عوضا عن مال .

وفيه دليل على أنه يثبت مثل الحيوان تقريبا في الذمة ، كما هو المشهور من مذاهبهم ، خلافا للكوفيين ، ووجه في مذهب أحمد أنه يثبت بالقيمة .

وهذا دليل على أن المعتبر في معرفة المعقود عليه : هو التقريب ، وإلا فيعجز الإنسان عن وجود حيوان مثل ذلك الحيوان ، لا سيما عند القائلين بأن الحيوان ليس بمثلي ، وأنه مضمون في الغصب والإتلاف بالقيمة .

التالي السابق


الخدمات العلمية