موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين

القاسمي - محمد جمال الدين القاسمي

صفحة جزء
الإمامة :

على الإمام وظائف قبل الصلاة وفي القراءة وفي أركان الصلاة وبعد السلام :

أما الوظائف التي هي قبل الصلاة فست : [ أولها ] : أن لا يتقدم للإمامة على قوم يكرهونه ، وأن لا يتقدم ووراءه من هو أفقه منه إلا إذا امتنع من هو أولى منه فله التقدم ، ويكره عند ذلك المدافعة .

[ ثانيها ] .

[ ص: 42 ] [ ثالثها ] : أن يراعي الإمام أوقات الصلوات فيصلي في أوائلها ليدرك رضوان الله تعالى ، ففضل أول الوقت على آخره كفضل الآخرة على الأولى ، ولا ينبغي أن يؤخر الصلاة لانتظار كثرة الجمع بل عليه المبادرة لحيازة فضيلة أول الوقت فهي أفضل من كثرة الجماعة ومن تطويل السورة ، وقد تأخر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صلاة الفجر وكانوا في سفر وإنما تأخر للطهارة فلم ينتظر وقدم " عبد الرحمن بن عوف " فصلى بهم حتى فاتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركعة فقام يقضيها فأشفقوا من ذلك ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " قد أحسنتم هكذا فافعلوا " وذهب مرة بين قوم فتأخر عن صلاة الظهر فقدموا أبا بكر - رضي الله عنه - حتى جاء صلوات الله عليه وهو في الصلاة فقام إلى جانبه . وليس على الإمام انتظار المؤذن وإنما على المؤذن انتظار الإمام .

[ رابعها ] : أن يؤم مخلصا لله عز وجل ومؤديا أمانة الله تعالى في طهارته وجميع شروط صلاته ، أما الإخلاص فبأن لا يأخذ عليها أجرة قال [ الشيخ : تقي الدين ابن تيمية : ما يؤخذ من بيت المال فليس عوضا وأجرة بل رزقا للإعانة على الطاعة ، وكذلك المال الموقوف على أعمال البر والموصى به أو المنذور له ليس كالأجرة والجعل انتهى .

قال " الحارثي " : فالقائل بالمنع من أخذ الأجرة على نوع القرب لا يمنع من أخذ المشروط في الوقف ] .

وأما الأمانة فهي الطهارة باطنا عن الفسق والكبائر والإصرار على الصغائر ، فالمترشح للإمامة ينبغي أن يحترز عن ذلك بجهده فإنه كالوفد والشفيع للقوم فينبغي أن يكون خير القوم . وكذا الطهارة ظاهرا عن الحدث والخبث فإنه لا يطلع عليه سواه ، فإن تذكر في أثناء صلاته حدثا أو خرج منه ريح فلا ينبغي أن يستحي بل يأخذ بيد من يقرب منه ويستخلفه .

[ خامسها ] : أن لا يكبر حتى تستوي الصفوف فليلتفت يمينا وشمالا فإن رأى خللا أمر بالتسوية . قيل كانوا يتحاذون بالمناكب ويتضامون بالكعاب ، ولا يكبر حتى يفرغ المؤذن من الإقامة ، والمؤذن يؤخر الإقامة عن الأذان بقدر استعداد الناس للصلاة .

[ ص: 43 ] [ سادسها ] : أن يرفع صوته بتكبيرة الإحرام وسائر التكبيرات ، ولا يرفع المأموم صوته إلا بقدر ما يسمع نفسه ، وليؤخر المأموم تكبيرة عن تكبيرة الإمام فيبتدئ بعد فراغه .

التالي السابق


الخدمات العلمية