حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
ولما أنهى الكلام على الميقات الزماني شرع في المكاني عاطفا له على قوله وقته فقال ( ومكانه ) أي الإحرام ( له ) أي للحج غير قران بالنسبة ( للمقيم ) بمكة متوطنا بها أم لا ، كانت الإقامة تقطع حكم السفر أم لا ، ( بمكة ) أي الأولى لغير ذي النفس لا المتعين فلو أحرم من الحل ، أو من الحرم خالف الأولى ولا دم عليه ومثل المقيم بها من منزله بالحرم كمنى ومزدلفة ( وندب ) له الإحرام ( بالمسجد ) أي في جوفه موضع صلاته ويلبي وهو جالس وليس عليه أن يقوم من مصلاه ولا أن يتقدم إلى جهة البيت وشبه في الاستحباب قوله ( كخروج ) المقيم بها الآفاقي ( ذي التفث ) بفتح الفاء أي معه سعة زمن يمكنه فيه الخروج لميقاته ، وإدراك الحج فيندب له الخروج ( لميقاته و ) لأن مكان الإحرام ( لها ) أي للعمرة لمن بمكة ( وللقران الحل ) ليجمع في إحرامه بين الحل والحرم في الصورتين كما هو الشرط في كل إحرام ، ولا يجوز الإحرام من الحرم ، وانعقد إن وقع ، ولا دم عليه ولا بد من خروجه للحل كما يأتي ( والجعرانة ) بكسر الجيم وسكون العين وتخفيف المهملة ، وبكسر العين وتشديد الراء ( أولى ) من غيرها من سائر الحل بالإحرام بالعمرة منها لاعتمار النبي صلى الله عليه وسلم منها وقد قيل إنه اعتمر منها ثلثمائة نبي ( ثم ) يليها في الفضل ( التنعيم ) المسمى الآن بمساجد عائشة رضي الله عنها بالنسبة للعمرة أيضا وأما القران فلا يطلب فيه مكان معين فإن أحرم لها في الحرم خرج للحل ليجمع في إحرامه بين الحل والحرم . [ ص: 23 ] ( وإن لم يخرج أعاد طوافه وسعيه ) إن فعلهما قبل خروجه ( بعده ) أي بعد خروجه للحل ورجوعه لفسادهما قبل الخروج ( وأهدى إن حلق ) بعد سعيه الفاسد لأنه حلق وهو محرم ، والتعبير بأهدى تجوز عن افتدى وأما منأحرم بالقران من الحرم فيلزمه الخروج للحل أيضا لكنه لا يطوف ويسعى بعده ; لأن طواف الإفاضة ، والسعي بعده يندرج فيهما طواف وسعي العمرة فإن لم يخرج حتى خرج لعرفة فطاف للإفاضة وسعى فاستظهر الإجزاء ، وإنما وجب عليه الخروج قبل عرفة ; لأن خروجه لعرفة لم يكن للعمرة ; لأنه خاص بالحج وإنما أجزأ ; لأن طوافها لما اندرج في طوافه المشتمل على الشرط وهو المقصود بالذات أغنى عن طوافها وكذا السعي ( وإلا ) يكن مقيما بمكة وما في حكمها مما سبق ( فلهما ) أي فالميقات المكاني للحج والعمرة ( ذو الحليفة ) تصغير حلفة ، للمدني ومن وراءه ( والجحفة ) لأهل مصر والمغرب والتكرور والشام والروم ( ويلملم ) لأهل اليمن والهند ( وقرن ) لأهل نجد اليمن ونجد الحجاز ( وذات عرق ) بكسر العين وسكون الراء المهملتين لأهل العراق وفارس وخراسان والمشرق ومن وراءهم .


( قوله : غير قران ) أي حالة كون ذلك الإحرام غير قران أي وأما لو كان من بمكة أراد الإحرام على وجه القران فلا بد من خروجه للحل ويحرم منه كما يأتي . ( قوله : أي الأولى لغير ذي النفس ) أي مكانه الأولى لا المتعين وقوله : لغير ذي النفس أي وأما ذو النفس فالأولى أن يخرج لميقاته ليحرم منه . ( قوله : لغير ذي النفس ) أي لغير المقيم بمكة الآفاقي ذي النفس . ( قوله : فلو أحرم ) أي المقيم بمكة من الحل وقوله : أو من الحرم أي غير مكة كمنى ومزدلفة . ( قوله : وندب له ) أي للمقيم بمكة وقوله : " الإحرام بالمسجد " أي الإحرام فيه وقوله : " موضع صلاته " أي التي يحرم بعدها فرضا أو نفلا . ( قوله : أن يقوم من مصلاه ) أي ثم يلبي بعد ذلك . ( قوله : الحل ) المراد به ما جاوز الحرم . ( قوله : ليجمع إلخ ) هذا ظاهر في العمرة وأما في القران فالجمع بالنسبة للعمرة التي تضمنها القران ; لأن خروجه لعرفة إنما هو للحج فقط لكن لو لم يخرج القارن للحل لكفاه خروجه لعرفة ; لأن خروجه للحل ابتداء واجب غير شرط كما سيأتي في الشارح . ( قوله : كما هو الشرط ) أي ولا يرد إحرام المفرد للحج من مكة ; لأنه يخرج لعرفة وهي في الحل فقد جمع في إحرامه للحج من مكة بين الحل والحرم . ( قوله : ثم يليها إلخ ) تبع المصنف في ذلك ما في النوادر لكن الذي عليه الأكثر كما قال بهرام وابن شاس وابن الحاجب وابن عرفة وغيرهم أنهما متساويان لا أفضلية لواحد منهما على الآخر كما في ( قوله : المسمى الآن بمساجد عائشة ) قيل إنما سمي التنعيم بذلك - .

[ ص: 23 ] لأن النبي صلى الله عليه وسلم { أمر عبد الرحمن بن أبي بكر أن يخرج أخته عائشة له لتحرم منه } . ( قوله : وإن لم يخرج ) أي للحل من أحرم بالعمرة من الحرم أعاد ( طوافه وسعيه ) بعد خروجه للحل ورجوعه منه وهذا بخلاف من أحرم بالقران من الحرم فإنه إذا لم يخرج للحل حتى خرج لعرفة وطاف وسعى فإنه يجزيه ولا دم عليه كما في ح وشب . ( قوله : لفسادهما قبل الخروج ) أي لأنهما فعلا بغير شرطهما . ( قوله : عن " افتدى " ) أي لأن الحلاق لا هدي فيه ; لأن الفدية فيما يترفه به ، أو يزيل أذى ، والحلاق يترفه به وقد يزيل أذى كما لو كان يترتب على بقاء الشعر حصول صداع وكان الحلاق يزيله . ( قوله : لكنه لا يطوف ويسعى بعده ) أي بعد خروجه والأولى حذف هذا ; لأن الموضوع في القارن المقيم بمكة وهذا لا يكون سعيه إلا بعد الإفاضة إذ لا قدوم عليه وطواف الإفاضة إنما يكون بعد الخروج لعرفة ، وإذا كان كذلك فلا معنى لهذا الاستدراك فالأولى حذفه إلى قوله فإن لم يخرج إلخ . ( قوله : وإنما أجزأ ) أي خروجه لعرفة مع أنه خاص بالحج . ( قوله : وهو المقصود ) أي والحال أن الحج هو المقصود بالذات . ( قوله : وكذا السعي ) أي وكذلك سعيها لما كان مندرجا في سعيه المشتمل على الشرط وهو المقصود بالذات أغنى عن سعيها . ( قوله : وما في حكمها ) أي وهو الذي منزله بالحرم كمنى ومزدلفة وغيرهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية