حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( و ) لا ( ذبح ) بكسر الذال أي مذبوح ( لصنم ) فلا يؤكل ; لأنه مما أهل به لغير الله واللام للاختصاص بأن قصد التقرب أي التعبد له لكونه إلها كما يقصد المسلم التقرب للإله الحق .


( قوله : لصنم ) أراد به كل ما عبد من دون الله بحيث يشمل الصنم والصليب وغيرهما كعيسى ( قوله : بأن قصد التقرب له ) أي ، وأما ما ذبحوه بقصد أكلهم منه ، ولو في أعيادهم ، ولكن سمي عليه اسم عيسى أو الصنم تبركا فهذا يكره أكله ، وهو الآتي في المصنف .

والحاصل أن ذبح أهل الكتاب إذا قصدوا به التقرب لآلهتهم بأن ذبحوه لآلهتهم قربانا وتركوه لها لا ينتفعون به فإنه لا يحل لنا أكله إذ ليس من طعامهم ; لأنهم لا ينتفعون به ، وهذا هو المراد هنا ، وأما ما يأتي من الكراهة في ذبح لصليب فالمراد ما ذبحوه لأنفسهم بقصد أكلهم منه ، ولو في أعيادهم لكن سموا عليه اسم آلهتهم مثلا تبركا فهذا يؤكل بكره ; لأنه تناوله عموم { وطعام الذين أوتوا الكتاب } هذا حاصل ما ذكره بن فلم يعول على ذكر الله ، ولا على ذكر آلهتهم ، والذي عليه أشياخنا المصريون أن المراد بذبح الكتابي للصنم الذي لا يؤكل هو الذي ذكر اسم الصنم عند ذبحه بأن قيل باسم الصنم مثلا بدل بسم الله ، والحال أنه جعل ذلك محللا كالله أو متبركا به تبرك الألوهية ، وأما ما ذبح للصنم قاصدا إهداء ثوابه له كذبح المسلمين لأوليائهم ، والحال أنه ذكر اسم الله عليه فهو المكروه الآتي في قوله ، وذبح لصليب أو عيسى ، وكلام شارحنا يميل فيما يأتي لما قاله المصريون ، ولعل كلامهم هو الأظهر ; لأن أهل الكتاب لا يتركون ما يذبحونه قربانا لآلهتهم هدرا بل يطعمونه لفقرائهم على أن كلام بن يقتضي عدم الأكل من الأول ، ولو ذكر اسم الله عليه ، وهو خلاف عموم { ما أنهر الدم ، وذكر اسم الله عليه فكل } كما أنه يقتضي الأكل من الثاني ، ولو ذكر اسم آلهتهم فقط ، وهو خلاف عموم { أو فسقا أهل لغير الله به } .

التالي السابق


الخدمات العلمية