حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( و ) حنث ( بالبعض ) فمن حلف لا يأكل رغيفا فأكل بعضه ، ولو لقمة حنث ، وهذا في صيغة البر ، ولو قيد بالكل ، وأما في صيغة الحنث فلا يبر بفعل البعض فمن حلف لآكلن هذا الرغيف ، وإن لم آكله فأنت طالق فلا يبر بأكل بعضه ، وهذا معنى قوله ( عكس البر ) أي في صيغة الحنث .


( قوله : وبالبعض ) أي وحنث بالحلف على ترك ذي أجزاء بفعل البعض منه فمن حلف أنه لا يأكل رغيفا حنث بأكل لقمة منه ، ومن حلف أنه لا يلبس هذا الثوب حنث بإدخال طوقه في عنقه ، وإن حلف لا يصلي حنث بالإحرام أو لا يصوم حنث بالإصباح ناويا ، ولو أفسد بعد ذلك فيهما بل في ح إن حلف لا يركب حنث بوضع رجله في الركاب ، ولو لم يستقر على الدابة حيث استقل عن الأرض ، وإن حلف إن وضعت ما في بطنك فوضعت واحدا وبقي واحد حنث بوضع أحدهما قال ، ولو حلف لا يطؤها حنث بمغيب الحشفة ، وقيل بالإنزال ، ولم يلتفتوا في هذا البعض كأنه لتعويل الشارع في أحكام الوطء على مغيب الحشفة ، ولو حلف أنه لا يدخل الدار لم يحنث بإدخال رأسه بخلاف رجله والأظهر إن اعتمد عليها انظر البدر ( قوله : ولو قيد بالكل ) أي بأن قال لا آكل كل الرغيف ، وهذا هو المشهور واستشكل هذا بأنه مخالف لما تقرر من أن إفادة كل للكلية محله ما لم تقع في حيز النفي ، وإلا لم تستغرق غالبا بل يكون المقصود نفي الهيئة الاجتماعية الصادق بثبوت البعض كقوله :

ما كل ما يتمنى المرء يدركه تجري الرياح بما لا تشتهي السفن

، ومن هنا من هذا القبيل ، ومن غير الغالب استغراقها نحو قول الله تعالى { والله لا يحب كل مختال فخور } فتأمله إلا أن يقال روعي في هذا القول المشهور الوجه القليل حيث لا نية ، ولا بساط ; لأن الحنث يقع بأدنى وجه فتأمله .

( قوله : عكس البر ) أي إذا كانت الصيغة صيغة حنث وحلف على فعل شيء ذي أجزاء فلا يبر بفعل البعض ، وذكر شيخنا وغيره أن من حلف بالأكل فإن كان في آخر الأكل فلا يبر الحالف إلا بأكل المحلوف عليه ثلاث لقم فأكثر ، وإن لم يكن الحلف عليه في آخر أكله فلا يبر الحالف إلا بشبع مثله .

التالي السابق


الخدمات العلمية