حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( وسقط ) الظهار ( إن تعلق ) بشيء ( ولم يتنجز ) ما علقه ( بالطلاق الثلاث ) متعلق بسقط فإذا قال لها إن دخلت الدار فأنت علي كظهر أمي ثم طلقها ثلاثا أو ما يكمل الثلاث قبل دخولها الدار سقط الظهار فإذا تزوجها بعد زوج ودخلت الدار فلا ظهار عليه لذهاب العصمة المعلق عليها وهذه عصمة أخرى

[ ص: 446 ] وأولى لو دخلت الدار قبل عودها له فلو تنجز الظهار قبل انقطاع العصمة بأن دخلت وهي في عصمته أو في عدة رجعي ثم طلقها ثلاثا وعادت له بعد زوج لم يطأها حتى يكفر ; لأنه إذا تنجز لم يسقط بالطلاق الثلاث ولا بغيره ومفهوم بالطلاق الثلاث أنه لو أبانها بدون الثلاث ثم تزوجها ، ودخلت الدار لزمه الظهار ( أو تأخر ) الظهار في اللفظ عن الطلاق الثلاث ( كأنت طالق ثلاثا ) أو ألبتة ( وأنت علي كظهر أمي ) فإنه يسقط لعدم وجود محله وهو العصمة كما لو تأخر عن الطلاق البائن وهو دون الثلاث ( كقوله لغير مدخول بها أنت طالق وأنت علي كظهر أمي ) ; لأن غير المدخول بها تبين بأول وقوع الطلاق عليها وتصير أجنبية ومثلها المدخول بها في البائن ( لا إن تقدم ) الظهار على الطلاق في اللفظ كأنت علي كظهر أمي وأنت طالق ثلاثا فلا يسقط فإذا تزوجها بعد زوج فلا يقربها حتى يكفر ( أو صاحب ) الطلاق في الوقوع لا في اللفظ ( كإن تزوجتك فأنت طالق ثلاثا وأنت علي كظهر أمي ) أو عكسه بالأولى فتطلق عليه ثلاثا بمجرد العقد فإذا تزوجها بعد زوج فلا يمسها حتى يكفر ; لأن أجزاء المشروط يقع بعضها مع بعض ، ولا ترتيب بينها في الوقوع


( قوله : وسقط إن تعلق ولم يتنجز بالطلاق الثلاث ) أي سقط الظهار بالطلاق الثلاث إن علق ذلك الظهار بشيء ولم يتنجز أي ولم يحصل ذلك الظهار الذي علقه لعدم حصول المعلق عليه إلا بعد البينونة والمراد بالسقوط عدم اللزوم قال أبو الحسن نقلا عن المقدمات وأما من ظاهر من أمته ثم باعها ثم اشتراها فإن اليمين ترجع عليه على مذهب ابن القاسم ; لأنه يتهم في إسقاط اليمين عن نفسه وإن بيعت عليه في الدين بعدها ما ظاهر منها واشتراها ممن بيعت منه لم تعد عليه اليمين ، وإنما لم يكن عودها له بعد بيع الغرماء كعودها له بعد بيعه لعدم تهمته في بيعهم دون بيعه ويفهم من تعليل عدم عود اليمين بعدم التهمة أن يمينه لا تعود عليه بعودها له بإرث ، وأما إذا باع أمة ليمين ثم اشتراها قبل أن يحنث في اليمين أي قبل حصول المعلق عليه وحصل بعد ما اشتراها فقال في المقدمات ذهب بعض الشيوخ إلى أن اليمين لا تعود عليه ، وذهب بعضهم إلى أنها تعود

[ ص: 446 ] إليه ا هـ قال ابن يونس وهو أصوب انظر ح .

( قوله : وأولى لو دخلت الدار ) أي بعد الطلاق وقبل عودها له ( قوله : لأن غير المدخول بها تبين بأول وقوع الطلاق إلخ ) ظاهر هذا التعليل عدم لزوم الظهار ولو نسقه عقب الطلاق ، وأورد عليه ما إذا قال لغير المدخول بها أو قال لمدخول بها على وجه الخلع : أنت طالق أنت طالق أنت طالق نسقا فإن المشهور لزوم الثلاث مع أنها بانت بأول وقوع الطلاق عليها ، وأجاب أبو محمد بأن الطلاق لما كان جنسا واحدا عد كوقوعه في كلمة واحدة ، ولا كذلك الظهار والطلاق ( قوله : ومثلها ) أي مثل غير المدخول بها في صيرورتها أجنبية بمجرد الطلاق المدخول بها إذا كان الطلاق بائنا بكخلع ( قوله : أو صاحب إلخ ) قال عبق وظاهره ولو عطف بعضها على بعض بما يفيد الترتيب كثم وهو كذلك ; لأن التعليق أبطل مزية الترتيب كذا قال شيخنا وقال بن هذا غير صحيح ففي أبي الحسن ما نصه ولو أنه قال : إن تزوجتها فهي طالق ثلاثا ثم هي علي كظهر أمي أو قال لزوجته إن دخلت الدار فأنت طالق ثلاثا ثم أنت علي كظهر أمي لم يلزمه الظهار ; لأنه حينئذ وقع على غير زوجة لما وقع مرتبا على الطلاق ا هـ منه وقال ابن عرفة قال ابن محرز : إنما لزماه معا في الأول ; لأن الواو لا ترتب ، ولو عطف الظهار بثم لم يلزمه ظهار ; لأنه وقع على غير زوجة ا هـ بن وبالجملة المسألة ذات قولين الأول يقول : يلزم الظهار عند العطف بثم نظرا إلى أن التعليق أبطل مزية الترتيب ، والقول الثاني يقول بعدم لزوم الظهار نظرا إلى أن أجزاء المشروط إذا عطف بعضها على بعض بثم لم تقع معا بل تكون مرتبة فلم يجد الظهار له محلا .

( قوله : لأن أجزاء المشروط ) أي الذي هو جزء الشرط يقع بعضها مع بعض ، ولا ترتيب بينها في الوقوع أي وإذا وقعا معا وجد الظهار له محلا ، وعبارة القرافي في الفروق إذا قال : إن دخلت الدار فامرأته طالق وعبدي حر فدخل الدار لا يمكننا أن نقول : لزمه الطلاق قبل العتق ، ولا العتق قبل الطلاق بل وقعا مرتبين على الشرط الذي هو وجود الدخول من غير ترتيب فلا يتعين تقديم أحدهما فكذلك إذا قال : إن تزوجتك فأنت طالق ، وأنت علي كظهر أمي لا نقول : إن الطلاق متقدم على الظهار حتى يمنعه بل الشرط اقتضاهما اقتضاء واحدا فلا ترتيب في ذلك

التالي السابق


الخدمات العلمية