حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( وكثلاثة في ثوب ) وعرض ومثلي ( وصح ) أي الخيار وجاز ( بعد ) عقد ( بت ) أي يصح فيما وقع فيه البيع على البت أن يجعل أحدهما لصاحبه ، أو كل منهما للآخر الخيار ( وهل ) محل الصحة والجواز ( إن نقد ) المشتري الثمن للبائع وعليه الأكثر ، وهو المعتمد فكان الأولى الاقتصار عليه ; لأنه إذا لم ينقد فقد فسخ البائع ماله في ذمة المشتري في معين يتأخر قبضه إن كان الخيار للبائع [ ص: 94 ] فإن كان للمبتاع فالمنع لمظنة التأخير لاحتمال اختيار المشتري ، والمبيع للبائع ، أو الصحة والجواز مطلقا ( تأويلان وضمنه حينئذ ) أي حين جعل الخيار بعد البت ( المشتري ) ; لأنه صار بائعا ، ولو جعل البائع الخيار له . .


( قوله وعرض ) من جملته الكتب وهل السفن كذلك ، أو كالدور قولان ، وأما الخضر والفواكه فأمد الخيار فيها بقدر الحاجة مما لا يتغير فيه كذا في المج ( قوله وجاز ) أي ابتداء لا أنه يصح بعد الوقوع مع منعه ابتداء ( قوله بعد بت ) أي ، وأما الجمع بين البت والخيار في عقد واحد فهو ممنوع كما نقله بن عن التوضيح لخروج الرخصة عن موردها ; لأن إباحة الخيار رخصة وذلك ; لأن الخيار محتو على غرر إذ لا يدري كل من المتبايعين ما يحصل له هل الثمن ، أو المثمن لجهله بانبرام العقد ومتى يحصل ؟ فكان مقتضاه أن يكون ممنوعا لكن رخص الشارع فيه فأباحه عند انفراده ( قوله أن يجعل أحدهما لصاحبه ، أو كل منهما للآخر الخيار ) قال في المدونة ، وهو بيع مؤتنف بمنزلة بيع المشتري لها من غير البائع وما أصاب السلعة في أيام الخيار فهو من المشتري ; لأنه صار بائعا ( قوله فقد فسخ البائع إلخ ) حاصله أن البائع قد تقرر له بالبت الواقع أولا ثمن عند المشتري ، أوجب ذلك الثمن [ ص: 94 ] للمشتري عند البائع سلعة فيها الخيار فقد فسخ البائع ما له من الثمن في ذمة المشتري في معين يتأخر قبضه ; لأن تلك السلعة في ضمان البائع لتمام مدة الخيار فالمراد بالقبض القبض الشرعي ، وهو دخولها في ضمان المشتري ( قوله فالمنع لمظنة التأخير ) أي تأخير رد السلعة فكأنه إذا اختار الرد إنما ردها بعد يومين فقد فسخ البائع ما في ذمة المشتري في معين ، وقد تأخر قبضه له بالنظر لآخرة الأمر ، وحاصله أن الثمن الذي تقرر في ذمة المشتري للبائع بالبت فقد فسخه البائع في سلعة يتأخر قبضه لها ; لأن المشتري يحتمل أن يمضي البيع وأن يرده وعلى احتمال رده له يظن أنه أخر ردها للبائع يوما ، أو يومين فقوله لاحتمال اللازم بمعنى مع ، وقد علمت أن العلة في المنع عند عدم النقد فسخ البائع ما في ذمة المشتري وفي معين يتأخر قبضه سواء كان الخيار للبائع ، أو للمشتري إلا إنه إن كان الخيار للبائع فتأخير القبض بالنسبة للمشتري ، وإن كان الخيار للمشتري فتأخير القبض بالنسبة للبائع ، وعلى كل حال فالفاسخ لما في الذمة هو البائع إذا علمت هذا فالأولى للشارح أن يقول ; لأنه إذا لم ينقد فقد فسخ البائع ما له في ذمة المشتري في معين يتأخر قبضه ، وهو ظاهر إن كان الخيار للبائع ، وإن كان للمشتري فبالنظر لمظنة التأخير مع احتمال اختيار المشتري رد البيع .

( قوله ، أو الصحة والجواز مطلقا ) أي سواء نقد المشتري الثمن للبائع ، أو لم ينقده كما هو ظاهر المدونة وذلك ; لأن جعل الخيار لأحدهما ليس عقدا حقيقة إذ المقصود منه تطييب نفس من جعل له الخيار لا حقيقة البيع فلا يلزم المحذور المذكور ( قوله تأويلان ) الأول لبعض شيوخ ابن يونس والثاني للخمي ( قوله ; لأنه صار بائعا ) وذلك ; لأن المشتري لما اتفق مع البائع على ما جعل لكل منهما من الخيار عد بائعا ; لأنه أخرج السلعة عن ملكه بعد وقوع البيع على البت ، والحاصل أن تراضيهما على الخيار بعد البت بيع مؤتنف بمنزلة بيع المشتري لها ومن غير البائع والضمان في مدة الخيار من البائع ( قوله ، ولو جعل البائع الخيار للمشتري ) هذا مبالغة في قوله ، وضمنه المشتري أي هذا إذا جعل المشتري الخيار للبائع اتفاقا بل ، ولو جعل البائع الخيار للمشتري بناء على المذهب من أن اللاحق للعقود ليس كالواقع فيها أما على مقابله من أن اللاحق للعقود كالواقع فيها فالضمان من البائع في تلك الحالة . .

التالي السابق


الخدمات العلمية