حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( و ) الشرط الثالث ( أن يؤجل ) أي السلم بمعنى المسلم فيه ( بمعلوم ) أي بأجل معلوم للمتعاقدين ولو حكما كمن لهم عادة بوقت القبض وإلا فسد وأشار لأقل الأجل بقوله ( زائد على نصف شهر ) ظاهره أن نصف الشهر لا يكفي وليس كذلك فالوجه أن يقول أقله نصف شهر ولا حد لأكثره إلا ما لا يجوز البيع إليه وأشار بقوله ( كالنيروز ) إلى أن الأيام المعلومة كالمنصوصة وهو أول يوم من السنة القبطية ومعناه اليوم الجديد وفي سابعه ولادة عيسى عليه السلام ( والحصاد والدارس ) بفتح أولهما وكسره ( وقدوم الحاج ) والصيف والشتاء ( واعتبر ) في الحصاد وما معه ( ميقات معظمه ) وسواء وجدت الأفعال أو عدمت فالمراد وجود الوقت الذي يغلب فيه الوقوع ثم استثني من قوله زائد إلخ قوله ( إلا ) أن يشترط ( أن يقبض ) المسلم فيه ( ببلد ) غير بلد العقد على مسافة ( كيومين ) فأكثر ذهابا فقط ولا يشترط نصف شهر [ ص: 206 ] بخلاف ما إذا كانت أقل من اليومين ويشترط أيضا أن يخرجا بالفعل كما أشار له بقوله ( إن خرج ) العاقد الشامل لهما ( حينئذ ) أي حين العقد بأنفسهما أو بوكيلهما ولا بد من اشتراط الخروج وتعجيل قبض رأس المال بالمجلس وأن يكون السفر في اليومين ( ببر أو ) بحر ( بغير ريح ) كالمنحدرين احترازا من السفر بالريح كالمقلعين فلا يجوز لعدم الانضباط لجواز قطع المسافة الكثيرة في ساعة فيؤدي إلى السلم الحال فقوله ببر إلخ راجع لقوله كيومين فلو قدمه على قوله إن خرج كان أحسن والحاصل أن الشروط خمسة متى اختل منها شرط وجب ضرب الأجل ( والأشهر ) إذا ضربت أجلا للسلم تحسب ( بالأهلة ) إن وقع العقد في أولها فإن وقع في أثناء شهر من ثلاثة مثلا حسب الثاني والثالث بالهلال ( وتمم ) الشهر الأول ( المنكسر ) ثلاثين يوما ( من الرابع ) وإن كان تسعة وعشرين هلالا ( و ) إن أجل ( إلى ربيع ) مثلا ( حل بأوله ) أي بأول جزء منه وهو أول ليلة منه ( وفسد ) السلم إن قال أقضيك ( فيه ) أي في ربيع مثلا لجهله باحتمال أوله ووسطه وآخره ( على المقول ) وهو ضعيف جدا والمعتمد قول مالك وابن القاسم لا يفسد ويقضيه وسطه ومثله العام ( لا ) إن قال أقضيك ( في اليوم ) الفلاني فلا فساد لخفة الأمر فيه [ ص: 207 ] ويحمل على طلوع فجره


( قوله وأن يؤجل ) أي لأجل أن يسلم من بيع ما ليس عند الإنسان المنهي عنه بخلاف ما إذا ضرب الأجل فإن الغالب تحصيل المسلم فيه في ذلك الأجل فلم يكن من بيع الإنسان ما ليس عنده إذ كأنه إنما بيع ما هو عنده عند الأجل ، واشترط في الأجل أن يكون معلوما ليعلم منه الوقت الذي يقع فيه قضاء المسلم فيه والأجل المجهول لا يفيد للغرر وإنما حد أقل الأجل بخمسة عشر يوما لأنها مظنة اختلاف الأسواق غالبا واختلافها مظنة لحصول المسلم فيه فكأنه عنده ( قوله كمن لهم عادة بوقت القبض ) أي فلا يحتاج لضرب الأجل وذلك كأرباب المزارع وأرباب الألبان وأرباب الثمار فإن عادة الأول القبض عند حصاد الزرع وعادة من بعدهم الوفاء بدفع ما عليهم زمن الربيع وزمن جذ الثمار ( قوله وليس كذلك ) بل الخمسة عشر كافية في الأجل ( قوله إلا ما لا يجوز البيع فيه ) أي كمدة التعمير فتأجيل الثمن أو المثمن إليها مفسد للعقد وأما ما أجله عشرون سنة ونحوها فمكروه ولا يفسد البيع ( قوله كالنيروز والحصاد إلخ ) أي والحال أن الباقي من حين العقد لذلك خمسة عشر يوما فلا بد من ذلك إلا ما يستثنيه .

( قوله إلى أن الأيام المعلومة ) أي للمتعاقدين كالمنصوصة فالأول كخذ هذا الدينار سلما على إردب قمح إلى النيروز أو إلى عاشوراء أو لعيد الفطر أو لعيد الأضحى أو لمولد النبي صلى الله عليه وسلم والحال أنهما يعلمان أن النيروز أول يوم من شهر توت وأن عاشوراء عاشر يوم من شهر المحرم وأن مولد النبي ثاني عشر ربيع الأول وهكذا والثاني كخذ هذا الدينار سلما في إردب قمح إلى أول شهر رجب أو آخذه منك بعد عشرين يوما ( قوله والحصاد إلخ ) أشار بهذا إلى أن التأجيل بالفعل الذي يفعل في الأيام المعتادة كالتأجيل بها ( قوله والصيف والشتاء ) أي ولو لم يعرفاه إلا بشدة الحر أو البرد لا بالحساب ( قوله واعتبر في الحصاد وما معه ) أي من الدراس وقدوم الحاج وقوله ميقات معظمه أي الوقت الذي يحصل فيه غالب ما ذكر وهو وسط الوقت المعد لذلك وقوله وسواء وجدت الأفعال أعني الحصاد والدراس في بلد العقد أو لم توجد فيها ( قوله إلا أن يشترط إلخ ) أشار بهذا إلى أن محل اشتراط التأجيل بالخمسة عشر يوما إذا كان قبض المسلم فيه ببلد عقده لأنها مظنة [ ص: 206 ] اختلاف الأسواق في البلد الواحد ، وأما إذا كان قبضه في غير بلد عقده فالمشترط أن يكون أقل المسافة الكائنة بين البلدين يومين لأنها مظنة اختلاف الأسواق في البلدين وإن لم تختلف بالفعل قال في معين الحكام إذا شرط القبض بغير البلد الذي وقع فيه السلم ولم يضرب أجل ولم يكن للمسلم فيه وقت لا يوجد إلا فيه جاز ذلك وكانت المسافة التي بين البلدين كالأجل ويجبر المسلم إليه على الخروج بفور العقد أو التوكيل على الوفاء فإذا وصل إلى البلد جبر على القضاء هذا هو المشهور ا هـ ثم إن الاكتفاء بمسافة كيومين مقيد بقيود أربعة أشار المصنف لبعضها وأشار الشارح لبعضها .

( قوله بخلاف ما إذا كانت أقل من اليومين ) أي فإنه لا يكفي ولو اختلف السوق بالفعل فلا بد من التأجيل بنصف شهر فأكثر لأن البلدين حينئذ كالبلد الواحدة خلافا للجزولي حيث قال يكفي ولو نصف يوم إذا اختلفت الأسعار ( قوله ولا بد من اشتراط الخروج ) أي حين العقد فالخروج بالفعل من غير اشتراطه لا يكفي كما أن اشتراطه من غير خروج بالفعل لا يكفي فالشرط مجموع الأمرين من اشتراط الخروج والخروج بالفعل كما يفيده ابن عرفة ( قوله بالمجلس ) أي أو قربه كما مر أول الباب ( قوله راجع لقوله كيومين ) أي أنه مرتبط به قال بن وفيه نظر لأنه يقتضي تحديد المسافة بالبر تارة وبالبحر أخرى مع أنها إنما تقدر بالبر فقط فالصواب أنه متعلق بقوله إن خرج أي إن خرج في الحال فالواجب أن يكون السير في البر أو في البحر بغير ريح وإلا فلا بد من ضرب الأجل { تنبيه } لو حصل عائق عن الخروج ورجا انكشافه انتظره وإلا خير المسلم في البقاء والفسخ قاله البدر القرافي وأما لو ترك الخروج من غير عائق فسد العقد فإن سافر ووصل قبل مضي اليومين فإن كان السفر ببر أو بغير ريح كان صحيحا ولكن لا يمكن من القبض حتى يمضي اليومان وإن كان السفر بريح كان فاسدا ( قوله والحاصل أن الشروط ) أي المعتبرة في عدم التأجيل بنصف شهر ( قوله خمسة ) الأول اشتراط قبضه بمجرد الوصول للبلد الثانية وإليه أشار المصنف بقوله إلا أن يقبض إلخ أي إلا أن يشترط قبضه بمجرد الوصول للبلد إذ الشرط اشتراط قبضه فورا لا قبضه بالفعل ، الثاني أن تكون البلد الثانية على مسافة يومين من بلد العقد وإن لم يلفظ بمسافتها ، الثالث أن يشترط في العقد الخروج فورا وأن يخرجا بالفعل إما بنفسهما أو بوكيلهما ، الرابع تعجيل رأس المال في المجلس أو قربه ، الخامس أن يكون السفر في يومين ببر أو بغير ريح والحاصل أن السلم لا بد أن يؤجل بأجل معلوم أقله نصف شهر إلا إذا اشترط قبضه بمجرد الوصول لبلد غير بلد العقد وكانت على مسافة يومين من بلد العقد واشترط حين العقد خروجهما بأنفسهما أو بوكيلهما وخرجا يومه بالفعل وعجل رأس المال في مجلس العقد أو قربه وكان السفر في البر أو بغير ريح فإذا وجدت هذه الشروط فلا يشترط التأجيل بنصف شهر ا هـ ( قوله والأشهر ) أي وكذلك الشهر والشهران فتجعل أل في الأشهر للجنس ( قوله وإن كان ) أي ذلك الأول ( قوله أي بأول جزء منه ) أي بآخر أول جزء أي بآخر الليلة الأولى وعلى هذا اقتصر المواق وقيل المراد بأوله رؤية هلاله ، وثمرة الخلاف تظهر إذ طالب المسلم المسلم إليه وقت رؤية الهلال فامتنع المسلم إليه من الدفع وقال لا أدفع إلا بعد مضي الليلة الأولى فإن المسلم إليه يجبر على الدفع على القول الثاني لا على الأول ( قوله على المقول ) أي عند المازري ( قوله والمعتمد إلخ ) هذا هو الذي رجحه ابن رشد في نوازل أصبغ من كتاب النذور ورجحه أيضا ابن زرب وابن سهل وعزاه لمالك في المبسوط والعتبية قائلا يكون حلول الأجل في وسط الشهر إذا قال في شهر كذا وفي وسط السنة إذا قال في سنة كذا ا هـ بن ( قوله ومثله ) أي مثل في ربيع في العام الفلاني أي مثله في جريان الخلاف وقد علمت المعتمد منه ( قوله لخفة الأمر ) علة لمحذوف أي ولا يضر الجهل لاحتمال أوله ووسطه [ ص: 207 ] وآخره لخفة الأمر ( قوله ويحمل ) أي قوله أقضيك في اليوم الفلاني على طلوع فجره أي على أن القضاء وقت طلوع فجره

التالي السابق


الخدمات العلمية