حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( وصيغتها ) أي لفظها الخاص كأحلتك على فلان وحولت حقك عليه وأنت محال وقال ابن عرفة وهي ما دل على ترك المحال دينه في ذمة المحيل بمثله في ذمة المحال عليه انتهى وهو شامل لنحو خذ حقك من فلان وأنا بريء منه ونحو ذلك فلا تنحصر صيغتها في لفظ مشتق من الحوالة وها هو المعتمد خلافا لظاهر المصنف ( وحلول ) الدين ( المحال به ) وهو الذي على المحيل ; لأنه إذا لم يكن حالا [ ص: 327 ] أدى إلى تعمير ذمة بذمة فيؤدي إلى بيع الدين بالدين والذهب بالذهب أو الورق بالورق أو أحدهما بالآخر لا يدا بيد إن كان الدينان عينا إلا أن يكون المحال عليه حالا ويقبضه قبل أن يتفرقا مثل الصرف فيجوز وبالغ على شرط حلول المحال به بقوله ( وإن كتابة ) حلت أو عجل السيد عتقه وأحال بها المكاتب سيده على دين له على غريم ( لا ) حلول الدين لمحال ( عليه ) فلا يشترط


. ( قوله وصيغتها ) عطف على قوله رضا المحيل وفي كلام المصنف مسامحة لأن الصيغة ركن لا شرط لكن الفقهاء قد يتسمحون فيطلقون الشرط على الركن .

( قوله : ما دل إلخ ) ظاهره كانت الدلالة بطريق الصراحة أو لا وقوله في ذمة المحيل أي الكائن في ذمة المحيل وقوله بمثله متعلق بترك أي بسبب وجود مثله الكائن ذلك المثل في ذمة المحال عليه ( قوله خلافا لظاهر المصنف ) فيه أن ظاهر المصنف لا يقتضي انحصار صيغتها في اللفظ المشتق من الحوالة إلا أن يقال أن هذا ظاهره [ ص: 327 ] بمعونة ما ذكره في الهبة حيث قال فيها بصيغة أو مفهمها فأراد بالصيغة ما كان مشتقا من لفظ الهبة بقرينة قوله أو مفهمها فلما اقتصر هنا على قوله وصيغتها ولم يقل ومفهمها علم أن مراده بصيغتها ما كان مشتقا من لفظ الحوالة فتأمل ( تنبيه ) تكفي الإشارة الدالة على الحوالة من الأخرس لا من الناطق خلافا لما يوهمه كلام ابن عرفة من كفايتها مطلقا في تعريفه الصيغة كذا قرر شيخنا .

( قوله : أدى إلى تعمير ذمة ) أي ذمة المحال عليه وقوله بذمة أي بدين ذمة أخرى وهي ذمة المحيل إذ الذمة لا تتعمر بذمة أخرى واعترض بأن هذا التعليل موجود في حالة الحلول وقوله فيؤدي إلى بيع الدين أي المحال به وقوله بالدين أي المحال عليه وقوله والذهب بالذهب أي ويؤدي إلى بيع الذهب بالذهب إلخ وفيه أن هذا التعليل موجود في حالة الحلول فالأحسن أن يقال إنما اشترط حلول الدين المحال به لأن الأصل في الحوالة المنع لكن رخص فيها عند حلول المحال به والرخصة لا تتعدى موردها .

( قوله : إلا أن يكون المحال عليه حالا ) هذا استثناء من مفهوم قول المصنف وحلول المحال به والرخصة لا تتعدى موردها . قوله : ( إلا أن يكون المحال به حالا ) هذا استثناء من مفهوم قول المصنف وحلول المحال به أي فإن كان الدين المحال به غير حال فلا تجوز إلا أن يكون المحال عليه حالا وإلا فلا يمنع كما نقله المواق عن ابن رشد قال طفى فإن خرجت عن محل الرخصة بعدم حلول الدين المحال به فأجرها على القواعد فإن أدت لممنوع فامنع وإلا فأجز كما قال ابن رشد والحاصل أن الشرط في جوازها أما حلول الدين المحال به أو المحال عليه أو هما لعدم وجود ما يقتضي المنع وأما إذا كانا معا غير حالين فالمنع لبيع الدين بالدين ( قوله وإن كتابة ) أي هذا إذا كان الدين المحال به غير كتابة بل وإن كان كتابة إن قلت قد تقدم أول الباب أنه لا بد في الحوالة أن يكون الدين الذي على المحال عليه لازما ومقتضاه أنه لا تجوز الحوالة على الكتابة لأنها غير لازمة ومفاد ما هنا الجواز قلت لا نسلم ذلك لأن ما هنا أحال المكاتب سيده بالكتابة على أجنبي مدين له وما تقدم أحال السيد أجنبيا على المكاتب فالكتابة هنا محال بها وما مر محال عليها تأمل .

والحاصل أن الكتابة تصح الحوالة بها ويمتنع الحوالة عليها ولو كانت حالة كما في التوضيح عن التونسي خلافا لما في عبق من الجواز تبعا لتت وقد رده طفى فانظره ( تنبيه ) قال في التوضيح وأما الكتابة المحال بها فاشترط ابن القاسم في المدونة حلولها قال وإلا فهي بيع دين بدين وقال غيره فيها لا تجوز إلا أن يعتق مكانه لأن ما على الكاتب ليس دينا ثابتا فإذا أعتقه على أن عليه ذلك المال صار لازما له فقد اشترط ابن القاسم الحلول لما مر من أن شرط الدين المحال به الحلول ورأى غيره أن ذلك ليس دينا ثابتا كالديون واختار سحنون وابن يونس وغيرهما قول ذلك الغير ا هـ وإذا علمت هذا تعلم أن قول الشارح أو عجل السيد عتقه أو لحكاية الخلاف انظر بن وجعل شب تعجيل السيد العتق حلولا للكتابة حكما

التالي السابق


الخدمات العلمية