حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( وتفسد بشرط التفاوت ) في ذلك ويفسخ العقد إن اطلع على ذلك قبل العمل ، فإن اطلع عليه بعده فض الربح على قدر المالين ( ولكل أجر عمله للآخر ) فإذا كان لأحدهما الثلث وللآخر الثلثان ودخلا على المناصفة في العمل والربح فيرجع صاحب الثلثين على صاحب الثلث بسدس الربح ويرجع صاحب الثلث بسدس أجرة العمل ( وله ) أي لكل واحد منهما ( التبرع ) لشريكه بشيء من الربح أو العمل ( والسلف والهبة بعد العقد ) لا قبله أو فيه ( والقول لمدعي التلف والخسر ) عند تنازعهما فيهما [ ص: 355 ] وحلف المتهم وهذا إن لم يظهر كذبه وإلا غرم ( و ) القول بلا يمين ( لأخذ لائق ) به أو بعياله من طعام أو لباس فقط إذا ادعى شراءه ( له ) أو لعياله ولم يصدقه شريكه ، وأما غير الطعام واللباس وغير اللائق منهما فلا يصدق ويرد للشركة ( و ) القول ( لمدعي النصف ) بيمين ( وحمل عليه في تنازعهما ) بيمينهما اعترض بأن الثاني تكرار مع الأول وأجيب بحمل أحدهما على ما بعد الموت والآخر حال حياتهما ( وللاشتراك ) أي القول لمدعيه ( فيما بيد أحدهما ) دون مدعيه لنفسه ( إلا لبينة ) تشهد للحائز ( علي كإرثه ) وقالت وهو متأخر عن الشركة ( وإن قالت لا نعلم تقدمه لها ) الصواب تأخره عنها ، فإن قالت نعلم تقدمه عليها فهو بينهما ما لم تقل وأنهما عقداها على إخراجه عنها ، ومحل كون القول لمدعي الاشتراك ( إن شهد بالمفاوضة ) أي بتصرفهما تصرف المتفاوضين وأولى إن شهد بوقوع العقد عليها [ ص: 356 ] ( ولو لم يشهد ) عليهما ( بالإقرار بها ) أي بالمفاوضة ( على ) القول ( الأصح ) واحترز بالشرط عن الشهادة بمجرد الشركة أو الإقرار بها فلا يقتضيان المفاوضة وقيل يقتضيانها وقيل الشهادة بها تقتضيها دون الشهادة على الإقرار .

( و ) القول ( لمقيم بينة ) على شريكه الميت كما في المدونة ( بأخذ مائة ) مثلا من مال الشركة قبل موته ( أنها باقية ) معمول القول المقدر بأحد شرطين أشار إلى الأول بقوله ( إن أشهد بها عند الأخذ ) وعبر بأشهد دون شهد إشارة إلى أنه لا بد من كونها مقصودة للتوثق بها وسواء طال الزمن أو قصر وأشار للثاني بقوله ( أو ) لم يشهد بها على الوجه المذكور لكن ( قصرت المدة ) من يوم أخذها إلى يوم موته بأن قصرت عن سنة ، فإن مضت سنة فأكثر حمل على أنه ردها لمال الشركة ( كدفع صداق ) من أحد المتفاوضين ( عنه ) أي عن صاحبه وادعى الدافع أو وارثه أنه من المفاوضة والزوج أنه من ماله الخاص به أو بالعكس فالقول [ ص: 357 ] ( في ) ذلك لمدع ( أنه ) أي الصداق المدفوع ( من ) مال ( المفاوضة ) لتمسكه بالأصل ( إلا أن يطول ) الزمن من يوم الدفع ( كسنة ) فلا يكون القول قول مدعي أنه من المفاوضة بل لمدعي الاختصاص ( وإلا ببينة ) أقامها مدعي الاختصاص ( علي كإرثه ) فيكون القول قول مدعي الاختصاص ( وإن قالت ) البينة ( لا نعلم ) تأخره عن المفاوضة


( قوله وتفسد بشرط التفاوت ) من إضافة المصدر لمفعوله أي باشتراط أحدهما التفاوت ومعلوم أنه لا يقال اشتراط إلا إذا كان ذلك عند العقد ( قوله في ذلك ) أي الربح والخسر والعمل ( قوله ولكل أجر عمله للآخر ) أي الذي عمله عن الآخر ثم إن المصنف أطلق أجر العمل على حقيقته ومجازه فحقيقته الأجرة التابعة للعمل ومجازه الربح التابع للمال والقرينة على ذلك قوله ولكل دلالته على الحالتين وإلا فالذي له أجر العمل الذي عمله عن الآخر عند اشتراط التفاوت إنما هو أحدهما ( قوله بعد العقد ) أي ولو كانت بأثره فورا والجواز مبني على أن اللاحق للعقود ليس كواقع فيها وأما على القول بأن اللاحق للعقود كالواقع فيها فيمنع كل من الثلاثة المذكورة بأثر العقد .

( قوله لا قبله أو فيه ) أي وإلا كان ذلك ممنوعا وظاهره في التبرع والسلف والهبة أما في السلف فظاهر ; لأنه سلف جر نفعا وأما في الهبة والتبرع فلأن ذلك كأنه من ربح فيكون قد أخذ أكثر من حقه وما ذكره الشارح من منع كل من الثلاثة حال العقد كقبله هو ما في شب والذي في عبق أن غير السلف يمنع في حالة العقد وقبله وأما السلف فيمنع قبل العقد وأما فيه فيفصل بين كون المتسلف ذا بصيرة بالبيع والشراء فيمنع ; لأنه سلف جر نفعا وإلا فيجوز هذا هو الذي في كتاب ابن المواز عن مالك وبه أخذ ابن القاسم وروي عن ابن القاسم أن مالكا رجع عنه وقال بمنع السلف مطلقا وهو ما في الشارح وشب ( قوله لمدعي التلف ) هو ما نشأ لا عن تحريك بل بأمر سماوي أو نص وأما الخسر فهو ما نشأ عن تحريك وإنما كان القول قول مدعي ذلك ; لأنه أمين في مال الشركة ( قوله عند تنازعهما فيهما ) أي بأن ادعى أحد الشريكين فيما بيده من بعض مال الشركة تلفا أو خسرا وكذبه الآخر [ ص: 355 ] وادعى عليه أنه أخفاه ولم يحصل تلف ولا خسر .

( قوله وحلف المتهم ) أي من اتهمه صاحبه وإن كان في ذاته غير متهم وقوله وحلف المتهم أي إن كانت التهمة غير قوية وأما التهمة القوية فإنها توجب الضمان كما في ابن عرفة انظر بن ومراده بالتهمة القوية ظهور كذبه بالقرينة ( قوله إن لم يظهر كذبه ) أي بالبينة أو القرائن كدعواه التلف وهو في رفقة لا يخفى عليهم ذلك ولم يعلم به أحد منهم وكدعواه الخسارة في سلعة لم يعلم ذلك فيها لشهرة سعرها ( قوله ولم يصدقه شريكه ) أي وقال له بل اشتريت ذلك للشركة ( قوله وأما غير الطعام واللباس ) أي من عروض أو عقار أو حيوان عاقل أو غير عاقل ولو كان لائقا به .

( قوله والقول لمدعي النصف ) فإذا تنازعا وادعى أحدهما أن له ثلثي المال وادعى الآخر أن لكل نصفه فالقول قول مدعي النصف فيقسم المال بينهما مناصفة بعد حلفهما هذا قول أشهب نظرا لتساويهما في الحوز ، والقضاء بالحوز لا يستقل الحكم به بدون يمين ، وقال ابن القاسم إذا ادعى أحدهما أن له الثلثين والآخر ادعى أن له النصف دفع لكل ما سلم له وقسم السدس المتنازع فيه بينهما وحينئذ فيأخذ مدعي النصف الثلث ونصف سدس ويأخذ مدعي الثلثين النصف ونصف سدس وهذا كله إذا وقع التنازع من اثنين وإلا قسم المال على عدد الرءوس كما قال ابن غازي ( قوله بحمل أحدهما ) أي وهو الأول ( قوله على ما بعد الموت ) أي فإن مات أحد الشريكين فأرادت ورثته المفاصلة مع شريكه وقالوا لمورثنا ثلثا المال وثلثا الربح وقال الشريك بل المال بيني وبين مورثكم على التنصيف فيحملان على النصف بعد حلف كل على ما ادعاه .

( قوله وللاشتراك ) عطف على التلف واللام مقوية وحاصله أن الشركة إذا انعقدت بينهما فادعى أحدهما على شيء رآه بيد شريكه أنه للشركة وأنه من جملة سلع التجارة وادعى الآخر الاختصاص فالقول قول من ادعى أنه للشركة إذا شهدت البينة أنهما يتصرفان تصرف المتفاوضين سواء شهدت البينة على إقرارهما بالمفاوضة أو لا ، وأولى إذا شهدت البينة بوقوع الشركة على المفاوضة إلا أن تشهد بينة لمدعي الاختصاص على إرث أو هبة فإنه يختص به ولا يكون للشركة ; لأن الأصل عدم خروج الأملاك عن يد أربابها وسواء قالت البينة أن ذلك سابق على المفاوضة ولم يدخل فيها أو قالت لا نعلم هل المفاوضة سابقة على الإرث أو هو سابق عليها فإنه يختص به في الحالتين وأولى لو قالت نعلم تأخره عن المفاوضة ففي هذه الحالات الثلاثة تكون لمدعي الاختصاص وأما إذا شهدت البينة بتقدمه عليها ولم تشهد بعدم الدخول في المفاوضة ففي هذه الحالة تكون تلك السلعة المتنازع فيها على الشركة ، فالأحوال أربعة قد علمتها وزاد شيخنا حالا خامسا وهو ما إذا لم يحصل من البينة قول أصلا زيادة على الشهادة بأنه قد ورثه أو وهب له وحكمه كما إذا قالت لا نعلم تقدمه عليها ولا تأخره عنها .

( قوله الصواب تأخره عنها ) أي الصواب أن يقول إلا لبينة علي كإرثه وإن قالت لا نعلم تأخره عنها وحاصل ما في المقام أن المصنف قد اعترض عليه بأن ظاهره أن ما قبل المبالغة ما إذا قالت البينة نعلم تقدم الميراث على الشركة وهو لا يصح ; لأن السلعة حينئذ تكون للشركة لا لمدعي الاختصاص ما لم تشهد بأنها لم تدخل في المفاوضة فالأولى للمصنف أن يقول إلا لبينة علي كإرثه وإن قالت لا نعلم تأخره عنها لأجل أن يفيد أن ما قبل المبالغة ما إذا شهدت بتأخره عنها وأجيب عن المصنف بأن الواو للحال وإن زائدة لا أنها للمبالغة أو أن ما قبل المبالغة ليس قولها نعلم تقدم الميراث عليها كما فهم المعترض بل قولها نعلم تأخره عنها وشارحنا حل المبالغة بهذا ثم صوب كلام المصنف وأنت خبير بأنه إذا جعل ما قبل المبالغة قولها نعلم تأخره عنها لا يتأتى الاعتراض على المصنف فكان الأولى للشارح أن يقول فاندفع ما يقال الصواب أن يقول إلا لبينة علي كميراث وإن قالت نعلم تأخره عنها فتأمل ( قوله إن شهد بالمفاوضة ) أي بأن قالت البينة نحن نعلم أنهما يتصرفان في جميع أموالهما تصرف المتفاوضين [ ص: 356 ] قوله ولو لم يشهد عليهما بالإقرار ) أي هذا إذا شهدت البينة عليهما بالإقرار بها بل ولو لم تشهد عليهما بالإقرار بها ، وقوله ولو لم إلخ مبالغة في الشهادة على تصرفهما تصرف المتفاوضين ( قوله على القول الأصح ) أي عند ابن سهل خلافا لابن القطان وابن الشقاق وابن دحون حيث قالوا إن شهادة البينة بالمفاوضة شهادة ناقصة لا يجب بها قضاء بشركة بينهما إذا لم يبينوا معرفتهم بالشركة إن كانت بإشهاد من المتفاوضين أو بإقرار منهم بذلك فيجوز أن يعرفوا ذلك بسماع وهذا لا يفيد لا سيما إن كان الشهود من غير أهل لهذا ا هـ . وفي بن من النقول المتعددة ما يقوي كلام ابن سهل وأن قول الشهود نحن نعرف أنهما شريكان متفاوضان شهادة تامة وإن لم تبين الشهود الوجه الذي عرفوا به ذلك فراجعه .

( قوله أو الإقرار ) أي الشهادة على مجرد الإقرار بالشركة من غير معرفة تصرفهما تصرف المتفاوضين ( قوله فلا يقتضيان المفاوضة ) الأولى فلا يقتضيان الاشتراك أي في الشيء المتنازع فيه ، وقوله وقيل يقتضيانها الأولى وقيل يقتضيانه ، وقوله وقيل الشهادة بها تقتضيها الأولى تقتضيه ; لأن الخلاف في اقتضائهما للاشتراك لا للمفاوضة وإن كان ذلك لازما .

( قوله وقيل الشهادة بها تقتضيها ) الأولى وقيل الإشهاد على الإقرار يقتضيه والشهادة على مجرد الشركة لا تقتضيه فكلام الشارح كعبق مقلوب وذلك ; لأن في الشهادة بمطلق الشركة طريقتين إحداهما للخمي أن ذلك ليس كالشهادة بالمفاوضة وحينئذ فلا يقتضي الاشتراك بل القول لمدعي الاختصاص مطلقا والثانية لابن يونس والتونسي أن الشهادة بالشركة كالشهادة بالمفاوضة فيجري فيها القولان لا بد من الشهادة على الإقرار وكفاية الشهادة عليها ، ولو لم تشهد على الإقرار كما قال المصنف انظر بن .

( قوله والقول لمقيم بينة إلخ ) حاصله أن أحد الشريكين إذا أخذ من مال الشركة مائة وكان صاحبه أشهد عليه بها عند أخذها بينة للتوثق خوفا من دعواه ردها ثم مات الآخذ ولم توجد عنده بعد موته فادعى صاحبه أنها باقية عند شريكه الميت وقالت ورثته إنه ردها فالأصل بقاؤها عند من أخذها والقول قول من أقام البينة سواء طالت المدة أو قصرت ، وكذلك الأصل بقاؤها عند من أخذها إن كان قبضها من غير بينة مقصودة للتوثق لكن قصرت المدة من يوم أخذها ليوم موته ، فإن مضت سنة كان القول قول الورثة في دعواهم الرد أي إذا كان الميت يتصرف في المال ، وأما إذا علم أنه لم يصل للمال في تلك السنة لمرض أو حبس مثلا فلا تقبل دعوى الورثة أنه ردها هذا حاصل الفقه .

( قوله على شريكه الميت ) وأما إذا ادعى على شريكه الحي أنه أخذ مائة من مال الشركة ، فإن أقر بأخذها وادعى أنه ردها بعد ذلك فإنه يقبل دعواه الرد قصرت المدة أو طالت ما لم يكن أشهد عليه عند أخذها بينة مقصودة للتوثق فلا يقبل دعواه الرد إلا ببينة ، وإن أنكر أخذها بالمرة وأقام عليه شريكه بينة بالأخذ فادعى أنه ردها فلا تقبل دعواه الرد ولو طالت المدة ولا بينته الشاهدة له بالرد لتكذيبه لنفسه ولبينته بإنكاره الأخذ أولا .

هذا حاصل ما في عبق واعترضه بن بأن الذي في ابن الحاجب أن التفصيل في الحي المقر كالميت وحينئذ ، فإن كان القبض بغير بينة للتوثق فلا تقبل دعواه إذا قصرت المدة وتقبل إن طالت إذا كانت يده تصل للمال ، وأما إن كان القبض ببينة مقصودة للتوثق فلا تقبل دعواه الرد طالت المدة أو قصرت إلا لبينة بالرد .

( قوله إشارة إلى أنه لا بد من كونها مقصودة للتوثق ) أي لا إن كانت على سبيل الاتفاق والمصادفة وهل يشترط في قصد التوثق بها أن يقال لهم خوف دعوى الرد أو لا يشترط في ذلك خلاف والأظهر عدم الاشتراط ( قوله على الوجه المذكور ) أي قصد التوثق وهذا صادق بما إذا لم تشهد بها بينة أصلا وبما إذا شهدت بذلك بينة على وجه الاتفاق والمصادفة ( قوله والزوج أنه من ماله الخاص به ) كان أمانة عند شريكه ( قوله أو بالعكس ) أي بأن ادعى الدافع أن الصداق المدفوع من مالي الخاص بي [ ص: 357 ] وادعى الزوج أنه من مال الشركة ( قوله في أنه من المفاوضة ) وحينئذ يرجع ذلك الشريك على الزوج بما يخصه من الصداق ( قوله بل لمدعي الاختصاص ) أي ; لأن عدم مطالبته لشريكه في هذه المدة يدل على صدقه ( قوله وإلا لبينة علي كإرثه ) بأن شهدت البينة بأن ذلك المدفوع في الصداق كعبد نحوه ورثه الزوج أو وهب له فيصدق أنه ماله ( قوله ، وإن قالت لا نعلم تأخره ) أي هذا إذا قالت نعلم تأخر الميراث عن المفاوضة بل وإن قالت لا نعلم تأخره ولا تقدمه عنها أو قالت نعلم تقدمه عنها ولكن لم يدخل فيها على ما مر

التالي السابق


الخدمات العلمية