حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
[ ص: 66 ] درس ( باب ) .

ذكر فيه موات الأرض ، وإحياءها وما يتعلق بذلك فقال ( موات الأرض ) بفتح الميم ( ما سلم ) أي أرض سلمت أي خلت ( عن الاختصاص ) بوجه من الوجوه الآتية وهنا تم التعريف وقوله ( بعمارة ) خبر مبتدأ محذوف أي والاختصاص كائن بسبب عمارة من بناء أو غرس ، أو تفجير ماء ونحو ذلك ( ولو اندرست ) تلك العمارة فإن الاختصاص لمن عمرها باق ( إلا لإحياء ) من آخر بعد اندراسها أي مع طول زمانه كما في النقل فإحياؤها من ثان قبل الطول لا تكون له بل للأول كمن اشترى أرضا ، أو وهبت له أو وقفت عليه ممن أحياها واندرست فإن ملكه لا يزول عنها ولو طال الزمان إلا الحيازة بشروطها في غير الوقف كما يأتي إن شاء الله تعالى ومفهوم إلا لإحياء أنه إن أحياها ثان بعد طول اختص وأما قبله فلا فإن عمرها جاهلا بالأول فله قيمة بنائه قائما للشبهة ، وإلا فمنقوضا وهذا ما لم يسكت الأول بعد علمه بتعمير الثاني ، وإلا كان سكوته دليلا على تسليمه الأرض لمعمرها ( وبحريمها ) معطوف على محذوف أي [ ص: 67 ] فيختص بالعمارة وبحريمها فالباء للتعدية داخلة على المقصور عليه ، ثم فصل الحريم بقوله ( كمحتطب ) بفتح الطاء أي مكان يقطع منه الحطب ( ومرعى ) مكان الرعي ( يلحق ) ذلك المحتطب والمرعى ( غدوا ) بضم الغين المعجمة والدال المهملة وتشديد الواو ما قبل الزوال ( ورواحا ) ما بعده حال كون المحتطب والمرعى ( لبلد ) يعني إذا عمر جماعة بلدا فإنهم يختصون بها وبحريمها من محتطب ومرعى لدوابهم يلحق كل منهما على عادة الحاطبين والرعاة لقضاء حاجتهم مع مراعاة المصلحة والانتفاع بالحطب وحلب الدواب ونحو ذلك غدوا ورواحا فلا مشاركة لغيرهم فيه ولا يختص به بعضهم دون بعض لأنه مباح لهم ومن أتى منهم بحطب ، أو نحوه فهو له ملك يتصرف فيه تصرف الملاك ( وما لا يضيق على وارد ) من عاقل ، أو غيره حريم لبئر ماشية أو شرب ( و ) ما ( لا يضر بماء ) حريم ( لبئر ) أي بئر الزراعة وغيرها بالنسبة للثاني وبئر الماشية بالنسبة للأول ومراده أن منتهى ما لا يضر ولا يضيق هو منتهى حريم البئر ، وفي نسخة وما يضيق إلخ بدون نفي وهو بيان للحريم الذي لرب البئر المنع منه ( وما فيه مصلحة ) عرفا حريم ( لنخلة ) وشجرة ( ومطرح تراب [ ص: 68 ] ومصب ميزاب ) حريم ( لدار ) ليست محفوفة بأملاك ( ولا تختص ) دار ( محفوفة بأملاك ) بحريم ( ولكل ) من ذوي الأملاك التي بينها فسحة ( الانتفاع ) بتلك الفسحة من جلوس وغيره وليس لأحدهم منع آخر ( ما لم يضر بالآخر ) فإن ضر منع ( وبإقطاع الإمام ) عطف على بعمارة أي ويكون الاختصاص بسبب إقطاع الإمام أرضا من موات ، أو من أرض تركها أهلها لكونها فضلت عن حاجتهم ولا بناء فيها ولا غرس ومن الموات ما عمرت ، ثم درست وطال الزمان كما تقدم ومثل الإمام نائبه إن أذن له في الإقطاع ، ثم إقطاع الإمام ليس من الإحياء ، وإنما الإحياء بالتعمير بعده نعم هو تمليك مجرد فله بيعه وهبته ووقفه ويورث عنه إن حازه ; لأنه يفتقر لحيازة قبل المانع كسائر العطايا ، ورجح أنه لا يحتاج لحيازة ولو اقتطعه على أن عليه كذا ، أو كل عام كذا عمل به ، ومحل المأخوذ بيت مال المسلمين لا يختص الإمام به لعدم ملكه لما اقتطعه إن ملكه المقطوع له باقتطاعه ( ولا يقطع ) الإمام ( معمور ) أرض ( العنوة ) كمصر والشام والعراق الصالحة لزراعة الحب ( ملكا ) بل إمتاعا وانتفاعا وأما ما لا يصلح لزراعة الحب وليس عقارا للكفار فإنه من الموات يقطعه ملكا ، أو متاعا ، وإن صلح لغرس الشجر ، وإنما لم يقطع المعمور ملكا ; لأنه يصير وقفا بمجرد الاستيلاء عليه وأما أرض الصلح فليس للإمام إقطاعها مطلقا ، ثم ما اقتطعه الإمام من العنوة إن كان لشخص بعينه انحل عنه بموته واحتاج لإقطاع بعده ، وإن كان لشخص وذريته وعقبه استحقه الذرية بعده للأنثى كالذكر إلا لبيان تفصيل كالوقف وبقي النظر في الالتزام المعروف عندنا بمصر وغيرها هل هو من الإقطاع فللملتزم أن يزيد في الأجرة المعلومة عندهم على الفلاحين ما شاء وبه أفتى بعض من سبق ، أو ليس من الإقطاع ، وإنما الملتزم جاب لما على الفلاحين لبيت مال المسلمين ليس له زيادة ولا تنقيص لما ضرب عليهم من السلطان وهو الظاهر كما قدمناه وليس هو من الإجارة في شيء كما يزعمون لما علمت أن حقيقة الإجارة بيع منافع معلومة بأجرة معلومة إلى أجل معلوم ( و ) الاختصاص يكون ( بحمى إمام ) أو نائبه المفوض له ، وإن لم يأذن له في خصوص الحمى بخلاف الإقطاع فإنه إنما يفعله النائب إذا أذن له الإمام في خصوصه والحمى بالقصر بمعنى المحمي فهو مصدر بمعنى المفعول وأصل محمي محموي وتثنيته محميان فهو يائي وأصل الحمى عند الجاهلية أن الرئيس منهم إذا نزل بأرض مخصبة استعوى كلبا بمحل عال فحيث انتهى إليه صوته حماه لنفسه من كل جانب فلا يرعى فيه غيره معه ويرعى هو في غيره مع غيره [ ص: 69 ] وهو لا يجوز شرعا والحمى الشرعي أن يحمي الإمام مكانا خاصا لحاجة غيره فيجوز بأربعة شروط أشار لها بقوله مكانا ( محتاجا إليه ) أي دعت حاجة المسلمين إليه فلا يحمي لنفسه ولا لغيره عند عدم الحاجة ( قل ) بأن لا يضيق على الناس لا إن كثر بأن ضيق عليهم ( من ) مرعى ( بلد عفا ) أي خلا عن البناء والغرس ( لكغزو ) أي لدواب الغزاة والصدقة وضعفاء المسلمين .


. ( باب إحياء الموات ) . ( قوله : موات الأرض ) من إضافة الصفة للموصوف أي الأرض الميتة . ( قوله : بفتح الميم ) أي لأن الموات - بضم الميم - الموت وأما بفتحها فيطلق على الميت وعلى الأرض التي لا مالك لها ولا انتفاع بها فهو بالفتح من الألفاظ المشتركة . ( قوله : ما سلم عن الاختصاص ) استغنى بالاسم المحلى بأل عن أن يقول عن الاختصاصات لإفادة الاسم المحلى العموم . ( قوله : أي أرض سلمت إلخ ) أشار الشارح إلى أن ما واقعة على أرض وحينئذ فتذكير الضمير في سلم مراعاة للفظ ما . ( قوله : وهنا تم التعريف ) اعترض هذا التعريف بأنه يقتضي أن حريم البلد لا يسمى مواتا لعدم سلامته من الاختصاص وهو مخالف لما أطبق عليه أهل المذهب من أن حريم العمارة يطلق عليه موات لأنهم ذكروا أن الموات قسمان قريب من العمران وبعيد منه فالقريب يفتقر في إحيائه لإذن الإمام دون البعيد فالأولى أن يجعل قوله " بعمارة " من جملة التعريف فيدخل به في التعريف كل ما وقع فيه الاختصاص بغير العمارة كالحريم والحمى ويكون قوله " ولو اندرست " مبالغة فيما فهم من أن المعمر ليس بموات فكأنه قال فالمعمر ليس بموات بل يختص به معمره ولو اندرست عمارته . ( قوله : بعمارة ولو اندرست إلا لإحياء ) حاصل ما يفيده كلام التوضيح نقلا عن البيان أن العمارة تارة تكون ناشئة عن ملك وتارة تكون لإحياء ويحصل الاختصاص بها إذا لم تندرس في القسمين وأما إذا اندرست فإن كانت عن ملك كإرث ، أو هبة أو شراء فالاختصاص باق ولو طال زمن الاندراس اتفاقا ، وإن كانت لإحياء فهل الاختصاص باق ، أو لا ؟ قولان فالأول يقول إن اندراسها لا يخرجها عن ملك محييها ولا يجوز لغيره أن يحييها وهي للأول إن أعمرها غيره ولو طال زمن اندراسها وهو قول سحنون والثاني يقول إن اندراسها يخرجها عن ملك محييها ويجوز لغيره إحياؤها وهو قول ابن القاسم وعلى الثاني درج المصنف ولكنه مقيد بما إذا طال زمن الاندراس كما في التوضيح عن ابن رشد إذا علمت هذا فقول المصنف والاختصاص بعمارة أي إذا كانت ناشئة عن ملك أو لإحياء " ولو " في قوله " ولو اندرست " لدفع التوهم لا للخلاف ولو عبر بإن كان أولى وقوله : إلا لإحياء أي إلا إذا كانت لأجل إحياء فاندراسها يخرجها عن ملك محييها كما لابن القاسم ويقيد ذلك بالطول كما علمت واعترض على المصنف في قوله بعمارة من حيث شموله لكون العمارة ناشئة عن ملك أو لإحياء بدليل الاستثناء بأن العمارة الناشئة عن الملك مستغنى عن ذكرها ; لأن مجرد الملك كاف في الاختصاص ولا يفتقر للعمارة وأجيب بأنه إنما ذكره لأجل تقسيم العمارة فتأمل انظر بن .

( قوله : أي مع طول زمانه ) أي فإنها تكون للآخر الذي أحياها بعد طول زمن الاندراس . ( قوله : كمن اشترى أرضا ) هذا تنظير وهو مفهوم قول المصنف إلا إذا كانت العمارة لإحياء . ( قوله : ومفهوم " إلا لإحياء " أنه إن أحياها إلخ ) فيه أن هذا منطوق الاستثناء لا مفهومه فالأولى إبدال مفهوم بمنطوق ، وإنما أعاد هذا الكلام مع ذكره له أولا لأجل الدخول على قوله فإن عمرها إلخ . ( قوله : وأما قبله ) أي الطول وقوله : فإن عمرها أي قبل طول زمن الاندراس . ( قوله : وإلا ) أي وإلا يكن جاهلا بل عالما بمعمرها الأول ، والفرض أنه لم يطل زمن الاندراس . ( قوله : وهذا ) أي عدم كونها لمن أحياها قبل طول زمن الاندراس وقوله : ما لم يسكت إلخ أي وحلف أن تركه لها ليس إعراضا عنها وأنه على نية إعادتها والحاصل أن عدم فواتها على محييها [ ص: 67 ] الأول بإحياء الثاني قبل طول الاندراس مقيد بقيدين عدم سكوته بعد علمه بتعمير الثاني وحلفه فإن انتفى واحد منهما اختص بها الثاني وحمل الأول على الإعراض عنها . ( قوله : فيختص بالعمارة ) أي فيختص المعمر بالعمارة وبحريمها فإذا جاء شخص آخر وبنى في حريم العمارة وأحياه بالعمارة ، أو بتفجير ماء فيه فلا يملكه سواء كان من أهل البلد أو من غيرهم ، وإنما لجميع البلد الانتفاع به ، نعم إذا أراد إنسان أن يحييه بإذن الإمام كان له ذلك . ( قوله : على المقصود عليه ) الأولى حذف " عليه " ; لأن الحريم مختص بالمعمر ومقصور عليه . ( قوله : يلحق غدوا ) أي يلحق الشخص الموصول لكل منهما قبل الزوال ويرجع الشخص منهما لقومه في ذلك اليوم بعد الزوال مع مراعاة المصلحة المترتبة على الذهاب والرجوع بحيث ينتفع في ذلك اليوم الذي يذهب فيه ويرجع بالحطب الذي يحتطبه في طبخ ونحوه وينتفع بالدواب في حلب وطبخ ما يحلب لا مجرد الغدو والرواح . ( قوله : ولا يختص به بعضهم دون بعض ) أي فلو أراد أحدهم أن يجيبه بعمارة ، أو غيرها فلهم منعه إلا إذا كان بإذن الإمام . ( قوله : وما لا يضيق ) عطف على " محتطب " . ( قوله : أو غيره ) أي كبهيمة . ( قوله : حريم لبئر ماشية ) مثله النهر فحريمه ما ذكر أي ما لا يضيق على من يرده من الآدميين والبهائم وقيل ألفا ذراع وقد وقعت الفتوى قديما بهدم ما بني بشاطئ النهر وحرمة الصلاة فيه إن كان مسجدا كما في المدخل وغيره ونقل البدر القرافي عن سحنون وأصبغ ومطرف أن البحر إذا انكشف عن أرض وانتقل عنها فإنها تكون فيئا للمسلمين كما كان البحر لا لمن يليه ولا لمن دخل البحر أرضه وقال عيسى بن دينار إنها تكون لمن يليه وعليه حمديس والفتيا والقضاء على خلاف قول سحنون ا هـ شيخنا عدوي .

( قوله : وغيرها ) أي من الآبار كبئر الماشية والشرب وقوله : بالنسبة للثاني أي وهو ما لا يضر بالماء وقوله بالنسبة للأول أي وهو ما لا يضيق على وارد .

وحاصله أن ما لا يضر بالماء حريم لكل بئر ويزاد على ذلك بالنسبة لبئر الماشية والشرب ما لا يضيق على وارد ولذا قال عياض حريم البئر ما اتصل بها من الأرض التي من حقها أن لا يحدث فيها ما يضر بها ظاهرا كالبناء والغرس ، أو باطنا كحفر بئر ينشف ماءها ، أو يذهبه ، أو حفر مرحاض تطرح النجاسات فيه يصل إليها وسخها ا هـ . ( قوله : ومراده أن منتهى إلخ ) هذا جواب عما يقال إن في عطف " ما لا يضيق " على " محتطب " شيئا ; لأن الكلام في الحريم الذي له المنع منه وما لا يضيق على وارد وكذا ما لا يضر بالماء ليس له المنع منه وحاصل الجواب أن في كلام المصنف حذفا من الأول ومن الآخر ، والأصل وغاية ما لا يضيق على وارد ولا يضر بماء منتهى الحريم بالنسبة لبئر فإذا كان حول بئر ماشية نحو عشرة أذرع من كل جانب وكان ذلك القدر يسع الواردين الذين يأتون إليه كل يوم مثلا فإن هذا القدر حريمه فيكون أهل ذلك البئر مختصين به فإذا أراد أن يحدث فيه عمارة فإنه يمنع ولا يختص بها وأما ما زاد على ذلك القدر فلا يختص به أهل تلك البئر لأنه غير حريم لها . ( قوله : حريم لنخلة وشجرة ) فحريمهما ما كان فيه مصلحة لهما عرفا كمد جريدها وسقيها وسعي جذرها . ( قوله : ومطرح تراب إلخ ) حاصله أنه إذا بنى جماعة بلدا في الفيافي مثلا فما كان مجاورا لدار زيد مثلا فهو حريم لها يختص به كالفسحة المجاورة لها التي يطرح فيها التراب وماء الميزاب والمرحاض ، ومحل كون الفسحة المجاورة للدار حريما لها ويختص بها صاحبها إذا كانت تلك الدار ليست محفوفة بأملاك بأن كانت في طرف البلد بحيث تكون الفسحة المجاورة لها غير مجاورة لغيرها من الدور فإن كانت مجاورة لغيرها بأن كانت بين الأبواب كان لكل واحد من الجيران أن يطرح فيها التراب ويصب ماء الميزاب [ ص: 68 ] والمرحاض لكن بجوار جداره ما لم يضر بجاره ، وإلا منع ، وإلى هذا أشار المصنف بقوله ولا يختص إلخ أي أن الدار المحفوفة بالأملاك لا تختص بحريم يمنع من الانتفاع به غير صاحبها واستلزم ذلك أن لكل من الجيران الانتفاع بذلك ، وإنما صرح بقوله ولكل الانتفاع به لأجل تقيده بقوله ما لم يضر بالآخر . ( قوله : ومصب ميزاب ) أي ونحوه كمرحاض . ( قوله : أو من أرض تركها أهلها ) أي الكفار اختيارا لا لخوف ، وإلا كانت أرض عنوة فليس للإمام إقطاعها تمليكا ومثل ما إذا تركها أهلها ما إذا ماتوا عنها . ( قوله : وطال الزمان ) أي فإذا أقطعها الإمام لإنسان بعد طول اندراسها فقد ملكها واختص بها . ( قوله : إن أذن له في الإقطاع ) أي وإن لم يعين له من يقطع له . ( قوله : بالتعمير بعده ) أي بعد الإقطاع فالاختصاص يكون بواحد من أمور ثلاثة من جملتها التعمير وهو كما يحصل به الاختصاص يحصل به الإحياء وأما غيره من الإقطاع والحمى فإنما يحصل به الاختصاص دون الإحياء . ( قوله : نعم هو ) أي الإقطاع تمليك مجرد أي لا يحتاج معه إلى عمارة والمراد أنه مجرد عن شائبة العوضية بإحياء أو غيره ابن شاس الإحياء إذا أقطع الإمام رجلا أرضا كانت ملكا له ، وإن لم يعمر منها شيئا فله بيعها وهبتها والتصدق بها وتورث عنه وليس هو من الإحياء بل تمليك مجرد . ( قوله : إن حازه ) أي فإن مات الإمام قبل أن يحوزه من أقطعه له كان الإقطاع باطلا . ( قوله : لأنه يفتقر إلخ ) هذا هو الفارق بين الإقطاع والإحياء ، وإن اشتركا في أن كلا منهما يحصل به البيع والهبة والإرث إذا مات المحيي أو المقطع . ( قوله : أنه لا يحتاج لحيازة ) أي نظرا إلى أن الإقطاع من باب الحكم لا من باب العطية وفي بن هذا القول الذي جرى به العمل وإنه المعتمد . ( قوله : ولا يقطع الإمام معمور أرض العنوة ) أي ولا يقطع أيضا عقارها ملكا . ( قوله : الصالحة لزراعة الحب ) تفسير لمعمور أرض العنوة ومفهومه أن الصالحة لزراعة النخل فقط له إقطاعها ملكا وهو كذلك لأنها موات . ( قوله : بل إمتاعا ) أي بل يقطعها إمتاعا أي انتفاعا مدة حياته مثلا أو مدة أربعين سنة . ( قوله : وإنما لم يقطع المعمور ملكا ) أي وكذلك العقار ; لأن كلا منهما يصير وقفا بمجرد الاستيلاء عليه بخلاف موات أرض العنوة فإنه لا يصير وقفا بالاستيلاء عليها فلذا جاز إقطاعه ملكا وإمتاعا . ( قوله : فليس للإمام إقطاعها ) أي لأنها على ملك أهلها لا علقة للإمام بها وقوله : مطلقا أي سواء كانت معمورة ، أو مواتا . ( قوله : بمعنى المفعول ) فيه أن هذا لا يناسب المصنف ; لأن سبب الاختصاص المعنى المصدري والأولى أن يقال إن المراد بالحمى الحماية والتحجير . ( قوله : محموي ) أي بزنة مفعول اجتمعت الواو والياء وسبقت [ ص: 69 ] إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء والضمة التي قبلها كسرة ، وأدغمت الياء في الياء . ( قوله : وهو لا يجوز شرعا ) أي لما فيه من التضييق على الناس لأن الكلأ النابت في الفيافي مباح لكل الناس . ( قوله : أن يحمي الإمام مكانا خاصا ) أي أن يمنع رعي كلئه لأجل أن يتوفر لدواب الصدقة والغزو وضعفاء المسلمين . ( قوله : فيجوز ) أي الحمى للأمام دون غيره بأربعة شروط والظاهر أن جواز الحمى بالشروط الأربعة المذكورة إنما هو فيما لم يتعلق به إحياء ، وإلا فلا يجوز حماه . ( قوله : دعت حاجة المسلمين إليه ) أي لأجل نفعهم . ( قوله : بأن لا يضيق على الناس ) أي بأن كان فاضلا عن منافع أهل ذلك الموضع . ( قوله : من بلد ) أي من محل وقوله : عفا أي عاف وخال عن البناء والغرس . ( قوله : لكغزو ) أي لدواب كغزو فهو على حذف مضاف وهو متعلق بقوله وبحمى إمام .

التالي السابق


الخدمات العلمية