حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( وكره ) ( سجود شكر ) وكذا الصلاة له عند بشارة بمسرة أو دفع مضرة ( أو ) سجود ل ( زلزلة ) بخلاف الصلاة فلا تكره بل تطلب ( و ) كره ( جهر ) أي رفع صوت ( بها ) أي بالقراءة ( بمسجد ) والأولى تأخير هذا عن قوله ( و ) كره ( قراءة بتلحين ) أي تطريب صوت لا يخرجه عن حد القراءة والإحرام ليكون الضمير عائدا على مذكور ( ك ) كراهة قراءة ( جماعة ) يجتمعون فيقرءون معا إن لم يؤد إلى تقطيع الكلمات وإلا حرم ( و ) كره ( جلوس لها ) أي لأجل سجودها خاصة ( لا لتعليم ) أو تعلم أو قصد ثواب مع قصد السجود فلا يكره الجلوس بل يطلب ثم إن كان معلما سجد وإلا فلا فقوله لا لتعليم من تتمة ما قبله فلو قال بدله فقط كان أخصر وأشمل ( وأقيم ) ندبا ( القارئ ) جهرا ( في المسجد يوم خميس أو غيره ) أي كل خميس أو جمعة إن قصد دوام ذلك وإلا فلا يقام وإن كره كما قدمه بقوله وجهر بها بمسجد فلو قال بعد قوله وقراءة بتلحين وجهر بها بمسجد وأقيم إن قصد الدوام [ ص: 309 ] لكان أخصر وأوضح ( وفي كره ) ( قراءة الجماعة ) مجتمعين ( على ) الشيخ ( الواحد ) مخافة التخليط وجوازها ( روايتان ) عن الإمام ( و ) كره ( اجتماع ) الناس ( لدعاء يوم عرفة ) بمسجد كغيره إن قصد التشبيه بالحاج أو جعل من سنة ذلك اليوم وإلا فلا كراهة بل يندب ( و ) كره ( مجاوزتها ) أي سجدة التلاوة أي ترك السجود عند قراءة محلها ( لمتطهر وقت جواز ) لها ( وإلا ) يكن متطهرا أو ليس وقت جواز ( فهل يجاوز ) أي يترك ( محلها ) أي محل سجودها فقط وهو { يسجدون } في الأعراف { والآصال } في الرعد وهكذا ( أو ) يجاوز ( الآية ) بتمامها ابن رشد وهو الصواب لئلا يغير المعنى ( تأويلان و ) كره ( اقتصار عليها ) قال فيها أكره له قراءتها خاصة لا قبلها شيء ولا بعدها شيء ثم يسجد في صلاة أو غيرها ( وأول بالكلمة ) الدالة على السجود نحو { خروا سجدا } { واسجدوا لله } وأما الآية بجملتها فلا كراهة ( و ) أول أيضا بالاقتصار على ( الآية ) مثل { واسجدوا لله الذي خلقهن } إلى { تعبدون } ومثل { إنما يؤمن بآياتنا } إلى { يستكبرون } ( قال ) المازري ( و ) التأويل بالآية ( هو الأشبه ) بالقواعد من الأول إذ لا فرق بين كلمات السجدة وجملة الآية فعلم أن التأويلين في الآية فإذا اقتصر على الكلمة فلا يسجد باتفاقهما


. ( قوله وكره سجود شكر ) وأجازه ابن حبيب لحديث أبي بكر { أتى النبي صلى الله عليه وسلم أمر فسر به فخر ساجدا } رواه الترمذي ووجه المشهور العمل .

( قوله بخلاف الصلاة ) أي للزلزلة فلا تكره بل تطلب لأنها أمر يخاف منه ومثل الصلاة للزلزلة الصلاة لدفع الوباء أو الطاعون لأنه عقوبة من أجل الزنا وإن كان شهادة لغيرهم كما أفاده البدر ويصلون لذلك أفذاذا أو جماعة وهل يصلون ركعتين أو أكثر ذكر بعضهم عن اللخمي أنه يستحب ركعتان ومحل استحباب الصلاة لما ذكر ما لم يجمعهما الإمام وإلا وجبت .

( قوله أي بالقراءة ) أي المفهومة من السياق وهذا الحمل في المصنف هو الظاهر واستبعده بعضهم بأن فيه التكرار مع قوله وأقيم القارئ في المسجد وهو غير صحيح لأن الجهر بالقراءة مكروه وإن لم يتخذه عادة فإقامة القارئ مشروطة باتخاذ ذلك عادة وإن أراد أن هذا يغني عن الإقامة فغير صحيح أيضا لأن الكراهة لا توجب إقامة القارئ .

( قوله بتلحين ) أراد أي بأنغام وما ذكره المصنف من الكراهة هو المشهور من مذهب الجمهور وذهب الشافعي وابن العربي إلى جوازه بل قال إنه سنة واستحسنه كثير من فقهاء الأمصار لأن سماعه بالألحان يزيد غبطة بالقرآن وإيمانا ويكسب القلب خشية ويدل له قوله عليه الصلاة والسلام { ليس منا من لم يتغن بالقرآن } وقوله { زينوا القرآن بأصواتكم } وأجاب الجمهور عن الأول بأن المراد بالتغني الاستغناء وعن الثاني بأنه مقلوب ا هـ شيخنا عدوي .

( قوله يجتمعون فيقرءون معا ) إنما كرهت القراءة على هذا الوجه لأنه خلاف العمل وللزوم تخليط بعضهم على بعض وعدم إصغاء بعضهم لبعض وهو مكروه وأما اجتماع جماعة يقرأ واحد ربع حزب مثلا وآخر ما يليه وهكذا فذكر بعضهم الكراهة في هذه الصورة ونقل النووي عن مالك جوازها قال بن وهو الصواب إذ لا وجه للكراهة .

( قوله أي لأجل سجودها ) أي بحيث يكون ليس الحامل له على الجلوس لسماع القراءة إلا أن يسجد السجدة فقط .

( قوله وأقيم القارئ في المسجد ) يعني أن القارئ في المسجد يوم الخميس أو غيره يقام ندبا ولو كان فقيرا محتاجا بشروط ثلاثة أن تكون قراءته جهرا برفع صوت وقصد دوام ذلك ويعلم ذلك بقوله أو بقرينة ولم يشترط ذلك واقف إلا وجب فعله لما سيأتي أنه يجب اتباع شرطه ولو كره وأما قراءة العلم في المساجد فمن السنة القديمة ولا يرفع المدرس في المسجد صوته فوق الحاجة كما سيأتي في إحياء الموات .

( قوله وإلا فلا يقام ) أي وإلا يقصد دوام ذلك فلا يقام ويؤمر بالسكوت أو القراءة سرا [ ص: 309 ] وذلك لأنه إذا قصد دوام ذلك كان الغالب قصده بالقراءة الدنيا كذا قيل واعلم أن قراءة القرآن على الأبواب وفي الطرق قصدا لطلب الدنيا حرام ولا يجوز الإعطاء لفاعل ذلك لما فيه من الإعانة على ذلك كذا قرر شيخنا العدوي .

( قوله قراءة الجماعة ) المراد بها ما زاد على الواحد .

( قوله مخافة التخليط ) أي ولأنه لا بد أن يفوت الشيخ سماع ما يقرؤه بعضهم حين الإصغاء لغيره فقد يخطئ القارئ الذي لم يصغ الشيخ لقراءته في ذلك الحين ويظن ذلك القارئ أن الشيخ سمعه فيحمل عنه الخطأ ويظنه مذهبا له .

( قوله وجوازها ) أي للمشقة الداخلة على القراء بانفراد كل واحد بالقراءة عليه إذ قد يكثرون فلا يعمهم فجمعهم أحسن من القطع لبعضهم .

( قوله روايتان عن الإمام ) أي فكان أولا يكره ذلك ولا يراه صوابا ثم رجع وخففه فإن قلت حيث رجع عن الكراهة فالمعمول به الجواز فكان الأولى للمصنف الاقتصار عليه لأن الكراهة مرجوع عنها فلا تنسب لقائلها وأجيب بأن قواعد المذهب لما كانت تقتضيها صح نسبتها للإمام وإن رجع عنها قال شيخنا العدوي والظاهر من الروايتين الكراهة لأن كلام الله ينبغي مزيد الاحتياط فيه ومحل الخلاف إذا كان في إفراد كل قارئ بالقراءة مشقة فإن انتفت المشقة فالكراهة اتفاقا .

( قوله واجتماع لدعاء ) أي بأي دعاء كان ومثله الذكر .

( قوله وإلا فلا كراهة ) أي وإن لا يقصد التشبه بالحاج ولا جعل ذلك من سنة اليوم بل قصد اغتنام فضيلة الوقت فلا كراهة ولو كان الاجتماع في المسجد .

( قوله وقت جوازها ) أي وهو ما عدا وقت الإسفار والاصفرار وخطبة الجمعة ( قوله فهل يجاوز محلها أو الآية ) في المج وينبغي ملاحظة المتجاوز بقلبه لنظام التلاوة بل لا بأس أن يأتي بالباقيات الصالحات كما في تحية المسجد .

( قوله لئلا يغير المعنى ) أي لو اقتصر على مجاوزة محل السجود والمراد أن الاقتصار على مجاوزته مظنة لتغير المعنى وإلا ففي بعض المواضع مجاوزة محل السجود فقط لا تغير المعنى فتأمل .

( قوله تأويلان ) وعليهما إذا جاوز محلها أو الآية ثم تطهر أو زال وقت الكراهة فلا يرجع لقراءتها لنص أهل المذهب على أن القضاء من شعار الفرائض وهذا هو المذهب خلافا للجلاب كذا في عبق نقلا عن تت ولأبي عمران قول مقابل للتأويلين وحاصله أن القارئ إذا كان غير متطهر أو كان الوقت ليس وقت جواز لها فإن القارئ لا يتعداها بل يقرأ محلها لأنه إن حرم أجر السجود فلا يحرم أجر القراءة قال بن وهو ظاهر قوله وإلا يكن متطهرا أو ليس وقت جواز أي والحال أنه ليس في صلاة فرض فهذا محل التأويلين أما لو كان في صلاة فرض وكان الوقت وقت نهي فإنه يقرؤها ويسجد قولا واحدا .

( قوله واقتصار عليها ) أي على قراءة محل السجدة كان في صلاة أم لا حيث كان يفعل ذلك لأجل أن يسجد وإلا فلا كراهة وإنما كره ذلك لأن قصده السجدة لا التلاوة وهو خلاف العمل وإذا اقتصر فلا يسجد حيث فعل ما يكره .

( قوله أكره له قراءتها ) أي قراءة محلها .

( قوله وأما الآية بجملتها فلا كراهة ) أي في الاقتصار عليها ويسجد حينئذ .

( قوله وأول أيضا بالاقتصار على الآية ) أي وعليه فيكره الاقتصار على الكلمة بالطريق الأولى .

( قوله قال وهو الأشبه ) أي المشابه والموافق للقواعد فهو المعتمد .

( قوله فعلم إلخ ) حاصله أنه إذا اقتصر على الآية فعلى القول الأشبه من كراهة الاقتصار عليها لا يسجد وعلى القول [ ص: 310 ] الآخر وهو أول التأويلين يسجد وإذا اقتصر على الكلمة الدالة على السجود لا يسجد باتفاقهما واعلم أن تعبير المصنف هنا بالفعل ليس جاريا على اصطلاحه لأن هذا القول مختار للمازري من خلاف لأنهما تأويلان على المدونة واختار المازري واحدا منهما وليس ذلك القول من عند نفسه حتى يكون تعبيره بالفعل جاريا على اصطلاحه فلو قال وهو الأشبه على المقول لناسب اصطلاحه

التالي السابق


الخدمات العلمية