حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( أو ) قال لامرأة ( كيا قحبة ) أي يا قحبة ونحوه كيا عاهر ويا فاجرة ( أو قرنان ) وهو الذي يقرن [ ص: 329 ] بينه وبين غيره في زوجته فالقيام بالحد لزوجته ( أو ) قال له ( يا ابن منزلة الركبان ) ; لأنه نسب أمه للزنا وذلك ; لأن المرأة الباغية كانت في الجاهلية إذا أرادت الفاحشة أنزلت الركبان عندها لذلك ( أو ) قال له يا ابن ( ذات الراية ) ; لأنه عرض لأمه بالزنا وقد كانت العاهر تجعل على بابها راية علامة للنزول عندها ( أو ) قال في امرأة ( فعلت بها في عكنها ) جمع عكنة كغرفة وغرف وهي طيات البطن ( لا ) يحد ( إن نسب ) أي أسند وأضاف ( جنسا لغيره ) المراد بالجنس الصنف أو القبيلة ( ولو ) جنسا ( أبيض لأسود ) أو عكسه والمراد أن ينسب فردا من جنس لجنس آخر كقوله لرومي يا زنجي أو يا بربري وعكسه ( إن لم يكن ) المنسوب لغيره ( من العرب ) ، فإن كان منهم حد ولو كان كل منهما من العرب والفرق بين العرب وغيرهم أن العرب أنسابهم محفوظة دون غيرهم من الأجناس ( أو قال مولى ) أي معتق بالفتح ( لغيره أنا خير ) منك فلا حد لأن وجوه الخير كثيرة إلا أن يكون في الكلام دلالة على خيرية النسب فيحد كما لو قال له : أنا خير منك نسبا ( أو ) قال لغيره في مشاتمة أو لا ( ما لك أصل ولا فصل ) فلا حد لأن القصد نفي الشرف إلا لقرينة نفي النسب فيحد ، وكذا في كل ما لا حد فيه قال في الذخيرة ضابط هذا الباب الاشتهارات العرفية والقرائن الحالية فمتى فقدا حلف ومتى وجد أحدهما حد ، وإن انتقل العرف وبطل بطل الحد ويختلف ذلك باختلاف الأعصار والأمصار وبهذا يظهر أن يا ابن منزلة الركبان وذات الراية لا يوجب حدا [ ص: 330 ] وأنه لو اشتهر ما لا يوجب حدا الآن في القذف أوجب الحد .


( قوله : أو قال لامرأة كيا قحبة ) أي فيحد بهذه الألفاظ الثلاثة إذا قال شيئا منها لامرأة سواء كانت زوجة له أو أجنبية منه وكذا إذا قالها لأمرد وأما إن قال ذلك لرجل كبير نظر للقرائن ، فإن دلت على أن القصد رمية بالابنة حد ، وإلا فلا هذا ما استحسنه شيخنا العدوي ( قوله : كيا قحبة ) المراد بها الزانية والقحب في الأصل فساد الجوف أو السعال أطلق هذا اللفظ على الزانية - [ ص: 329 ] لأنها ترمز لأصحابها بالقحب الذي هو السعال .

( قوله : بينه ) أي بين نفسه ( قوله فالقيام بالحد لزوجته ) أي لأنه قذف لها .

( قوله : لذلك ) أي لفعلها الفاحشة بها .

( قوله : وقد كانت إلخ ) أي ولم يزل ذلك الأمر في بعض البلاد الآن كالقصير .

( قوله : للنزول ) أي لأجل النزول عندها بالفعل بها .

( قوله : في امرأة ) أي في حق امرأة ( قوله : فعلت بها في عكنها ) أي فيحد لأنه أشد من التعريض ولا يخالف هذا ما ذكروه في شهود الزنا من أنه إذا قال ثلاثة رأيناه كالمرود في المكحلة حدوا حيث قال الرابع رأيته يجامعها في عكنها أو طيات بطنها أو بين فخذيها وعوقب ذلك الرابع فقط لحمل ما هنا من حده على ما إذا قاله في مشاتمة فإن هذا قرينة على قصد الرمي بالزنا ، فإن قاله على وجه الشهادة عوقب فقط قاله ابن مرزوق .

( قوله : المراد بالجنس الصنف ) أي لأن الإنسان نوع من الحيوان فما تحته كالعرب والروم والبربر والزنج أصناف أو المراد بالجنس الجنس العرفي ; لأنه يقال في عرف الناس لكل صنف جنس فيقال الروم جنس والبربر جنس والمغاربة جنس وهكذا .

( قوله : ولو أبيض لأسود ) أي هذا إذا نسب جنسا أبيض لأبيض أو أسود لأسود بل ولو نسب جنسا أبيض لأسود وعكسه .

( قوله : والمراد أن ينسب إلخ ) أشار بهذا إلى أن في كلام المصنف حذف مضاف والأصل لا إن نسب ذا جنس لغيره أي صاحب جنس وهو الفرد أي وليس المراد ما يعطيه ظاهر المصنف من أنه نسب جنسا لجنس آخر كقوله : الروم بربر أو الفرس روم أو بربر .

( قوله : إن لم يكن من العرب ) هذا شرط فيما قبل المبالغة وما بعدها .

( قوله : ولو كان كل منهما من العرب ) أي ولو كان كل من المنسوب والمنسوب إليه من العرب كما لو نسب فردا من قبيلة من العرب لقبيلة أخرى منهم وظاهره ولو نسبه لأعلى من قبيلته ، إلا إذا كان العلو في الشرف .

( قوله : فإن كان منهم حد ) أي فإذا نسب واحدا منهم لغيرهم حد ولو تساويا لونا وظاهره ولو قصد بقوله للعربي : يا رومي أو يا بربري ، أي في البياض أو السواد في مشاتمة أم لا .

( قوله : والفرق بين العرب ) أي حيث حد من نسب واحدا منهم لغير قبيلته وقوله : وغيرهم أي حيث لم يحد من نسب واحدا منهم لغير جنسه ( قوله : أن العرب أنسابهم محفوظة ) أي لأنهم يعتنون بمعرفتها حتى جعل الله ذلك سجية فيهم فتجد الواحد منهم يعد من الآباء العشرة أو أكثر فمن نسب واحدا منهم إلى غير قبيلته حد ; لأنه قطع نسبه وأما غيرهم فلا يلتفت لمعرفة نسبه فإذا نسب لغير جنسه أو قبيلته فلا يحد ناسبه ; لأنه لم يتحقق أنه قطعه عن نسبه فيحتمل أنه في نفس الأمر كما نسبه والحدود تدرأ بالشبهة .

( قوله : أو قال مولى إلخ ) ابن الحاجب لو قال مولى لعربي أنا خير منك فقولان ا هـ التوضيح لو قال ابن عم لابن عمه أنا خير منك أو قال ذلك مولى لعربي فقولان ، وقد ذكرهما ابن شعبان واختار وجوب الحد فيهما والأقرب خلافه ; لأن الأفضلية قد تكون في الدين أو في الخلق أو الخلق أو في المجموع أو في غير ذلك ، إلا أن يدل البساط على إرادة النسب ا هـ بن ( قوله : لأن وجوه الخير كثيرة ) وذلك لأن الخيرية تصدق بالخيرية في الدين أو الخلق أو الخلق أو المجموع أو نحو ذلك ( قوله : فيحد ) أي لأنه قذف المخاطب بأن نسبه لا خير فيه وحينئذ فيكون ابن زنا .

( قوله : أو قال لغيره ) أي ولو كان ذلك الغير عربيا .

( قوله : لأن القصد نفي الشرف ) أي لأن العرف استعمال ذلك اللفظ في ذم الأفعال .

( قوله : في كل ما لا حد فيه ) أي كقول المولد لغيره أنا خير منك أو نسب فرد جنس لجنس آخر فمتى قامت قرينة على أن قصده نفي النسب حد ، وكذلك قوله : الآتي يا ابن الفاسقة أو الفاجرة أو يا حمار أو يا ابن الحمار فمتى قامت قرينة على أن القصد القذف حد ( قوله : حلف ) أي أنه ما أراد القذف ولا يحد [ ص: 330 ]

( قوله : وأنه لو اشتهر إلخ ) أي مثل علق فإنه في الأصل الشيء النفيس واشتهر الآن في القذف بالمفعولية ففيه الحد ولو حلف أنه لم يقصدها قذفا

التالي السابق


الخدمات العلمية