حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( و ) في ( منع من وطء و ) من ( بيع في صيغة حنث ) كالطلاق كإن لم أفعل كذا فعبدي حر أو أمتي حرة أو فلان أو فلانة من رقيقي حر فيمنع من وطء الأمة ومن بيعها أو بيع العبد حتى يفعل ، فإن مات قبل الفعل عتق من الثلث .

وأما صيغة البر نحو إن دخلت الدار فأنت حر أو ففلانة حرة فله البيع والوطء ; لأنه على بر حتى يحصل المحلوف عليه وسواء قيد أو أطلق بخلاف صيغة الحنث المقيدة بأجل نحو إن لم أدخل الدار في هذا الشهر فعبدي حر فيمنع من البيع دون الوطء إلا أن يضيق الوقت بحيث لو وطئ لفرغ الأجل فيمنع أيضا والفرق أن البيع يقطع العتق ويضاده بخلاف الوطء ( و ) هو في ( عتق عضو ) ولو حكما كشعر وجمال وكلام كالطلاق ، فإذا قال يدك أو رجلك حرة أو شعرك أو كلامك حر عتق الجميع لكن بالحكم كما سيذكره ووقوع الطلاق في قوله يدك طالق مثلا لا يتوقف على حكم فالتشبيه في هذا تشبيه في الجملة ويأتي قوله في الطلاق وأدب المجزئ هنا أيضا ( و ) هو في ( تمليكه العبد ) أمر نفسه أو تفويضه كتمليك الزوجة أمر نفسها ( و ) في ( جوابه كالطلاق ) فيعتق إن قال : أعتقت نفسي أو قبلت عتقي فلو قال : اخترت نفسي فقال أشهب كذلك كالطلاق وقال ابن القاسم لا يعتق إلا إذا قال نويت به العتق بخلاف الزوجة المملكة إذا قالت : اخترت نفسي ، فإنها تطلق ، وإن لم تدع أنها أرادت الطلاق وفرق بأن الزوج إنما ملكها في أن تقيم أو تفارق وفراقها لا يكون إلا طلاقا ، فإذا قالت اخترت نفسي علمنا أنها أرادت الطلاق ، وإن لم تقل نويت به الطلاق وأما العبد ففراقه [ ص: 365 ] قد يكون بالعتق وغيره كالبيع والهبة والمذهب ما قاله ابن القاسم ، وإن كان الأوجه قول أشهب فالمصنف إما ماش على ما لأشهب وإما على ما لابن القاسم ويراد بقوله وجوابه أي الجواب الصريح ولا يقال هذا لا قرينة عليه ; لأنا نقول الشيء عند الإطلاق إنما ينصرف للفرد الكامل والجواب الكامل في الطلاق هو الصريح ( إلا ) العتق ( لأجل ) فلا يساوي الطلاق لصحة العتق لأجل يبلغه عمره ظاهرا فلا ينجز عليه حتى يأتي الأجل بخلاف الطلاق فينجز عليه من وقته ( و ) إلا إذا قال لأمتيه ( إحداكما ) حرة ولا نية له ( فله الاختيار ) في عتق واحدة منهما وإمساك الأخرى بخلاف الطلاق ، فإذا قال : إحداكما طالق فيطلقان معا عليه حيث لا نية أو نسيها ( و ) إلا إذا قال لأمته ( إن ) أو إذا أو متى ( حملت ) مني ( فأنت حرة ) ( فله وطؤها في كل طهر مرة ) حتى تحمل ، فإن حملت عتقت بخلاف قوله لزوجته إن حملت فأنت طالق فله وطؤها مرة ، فإن وطئها ولو قبل يمينه في الطهر الذي حلف فيه حنث وتطلق عليه ولو عزل


( قوله : في صيغة حنث ) أي مطلقة غير مقيدة بأجل ( قوله : فيمنع من وطء الأمة ومن بيعها ) أي لأنه لما كان على حنث حتى يفعل ومن الجائز أن لا يفعل فيحكم عليه بالعتق والبيع مخرج للعبد عن ملكه والوطء قد ينشأ عنه حمل منع من البيع والوطء ( قوله : فله البيع والوطء ) أي وإن مات لم يخرج العبد ولا الأمة من ثلث ولا من غيره بل يكون ميراثا والظاهر أن الحالف إذا مات في صيغة الحنث المقيدة بأجل كذلك ( قوله : فيمنع أيضا ) أي فإما أن يفعل أو يحلف ( قوله : والفرق ) أي بين الوطء وبين البيع حيث منع الثاني دون الأول ( قوله : أن البيع يقطع العتق ) أي لأنه يخرج عن الملك وقوله ويضاده أي مع احتمال وقوعه بالحنث ( قوله : ويأتي قوله في الطلاق وأدب المجزئ هنا أيضا ) في بن أن التجزئة في العتق مكروهة فقط ولا أدب فيها ، وأما قول التلقين ولا يجوز تبعيض العتق ابتداء فقد قال ابن شاس ليس عدم الجواز على حقيقته من التحريم بل معناه الكراهة وحينئذ فلا أدب ( قوله : أو تفويضه ) أي له أمر نفسه ( قوله : وفي جوابه ) أي إذا ملكه أمر نفسه أو فوض له أمرها كذا فهم الشارح قال بن يحتمل أن المصنف أشار به لقوله في باب الطلاق أو قال يا حفصة فأجابته عمرة فطلقها فالدعوة وفي العتق أربعة أقوال يعتقان ، لا يعتقان ، تعتق المدعوة ، تعتق المجيبة وخرجها الأئمة في باب الطلاق ( قوله : فيعتق إن قال ) أي العبد جوابا لقول سيده ملكتك أمر نفسك أو فوضت لك أمر نفسك كما أن الزوجة تطلق إذا قالت : طلقت نفسي أو قبلت طلاقي جوابا لقول الزوج ملكتك أمر نفسك أو فوضت لك أمر نفسك ( قوله : فقال أشهب كذلك ) [ ص: 365 ] أي يعتق بقوله اخترت نفسي ، وإن لم يرد به العتق كالطلاق ; لأنه لا معنى لاختياره لنفسه إلا إرادة العتق في نفس الأمر ( قوله قد يكون بالعتق وغيره كالبيع ) أي فيحتمل أن يكون قوله اخترت نفسي بمعنى اخترت مفارقتك بالبيع أو الهبة ( قوله : الجواب الصريح ) أي كقوله أعتقت نفسي أو قبلت عتقي ( قوله : حتى يأتي الأجل ) أي وإن كان يمنع من البيع ومن وطء الأمة بذلك لأجل ( قوله : فينجز عليه من وقته ) ; لأن عدم تنجيزه يشبه نكاح المتعة وهو النكاح لأجل ( قوله : ولا نية له ) أي بعتق واحدة بعينها ( قوله : فله الاختيار ) أي في عتق واحدة وإمساك الأخرى ، فإن ماتت إحداهما قبل أن يختار عتقت الثانية ، فإن امتنع من الاختيار سجن ، فإن أصر على الامتناع من الاختيار أعتق الحاكم عليه أدناهما ( قوله : فإذا قال ) أي لزوجتيه ( قوله : فيطلقان معا عليه ) أي الآن وليس له اختيار واحدة وخيره المدنيون كالعتق وهو ضعيف وعلى المذهب وهو طريقة المصريين فالفرق بين الطلاق والعتق أن الطلاق فرع النكاح وهو لا يجوز فيه الاختيار فلا يجوز أن يتزوج بنتا من بنات رجل بمائة على أن يختار منهن واحدة بعد العقد والعتق فرع الملك وهو يجوز فيه الاختيار فيجوز أن يشتري أمة بمائة على أن يختارها من إماء ( قوله : أو نسيها ) أي فإذا نوى واحدة معينة ونسيها ، فإنهما يطلقان معا حالا وكذلك يعتقان فالمخالفة بين الطلاق والعتق على طريقة المصريين إنما هي عند عدم النية ( قوله : وإلا إذا قال لأمته إن حملت إلخ ) أي والحال أنها كانت غير حامل ، وأما إذا قال لها وهي حامل إن حملت فأنت حرة لم تعتق إلا بحمل مستأنف ، وأما إذا قال لزوجته الحامل إن حملت فأنت طالق ففي بهرام عن ابن القاسم ينجز طلاقها وذكر ابن الحاجب أن الطلاق كالعتق أي فلا تطلق إلا بحمل مستأنف ( قوله : بخلاف قوله لزوجته إلخ ) حاصله أنه إذا قال لزوجته إن حملت فأنت طالق ، فإنه يجوز له وطؤها مرة إذا كان لم يحصل منه وطء لها في الطهر الذي حلف فيه ومتى وطئها نجز عليه طلاقها كما أنه ينجز عليه إذا كان وطئها قبل يمينه في الطهر الذي حلف فيه لاحتمال حملها ولا يجوز البقاء على عصمة مشكوك فيها ( قوله : فله ) أي فيجوز له وطؤها مرة خلافا لما في عبق من حرمة وطئها ( قوله : حنث وتطلق عليه ) أي ينجز طلاقها عليه لاحتمال حملها ولا يجوز البقاء على عصمة مشكوك فيها ( قوله : ولو عزل ) أي خلافا للخمي القائل بعدم الطلاق مع العزل

التالي السابق


الخدمات العلمية