صفحة جزء
[ ص: 296 ] باب الشهادات

مسألة : قراء يقرأون القرآن بأصوات حسنة محترزين من الزيادة والنقص فيه ، عالمين بأحكام القراءة فهل يمنعون من ذلك ؟ .

الجواب : قراءة القرآن بالألحان والأصوات الحسنة والترجيع إن لم تخرجه عن هيئته المعتبرة سنة حسنة ، وإن أخرجته فحرام فاحش - هذا منقول المذهب - صرح به النووي في الروضة والتبيان ، ويدل للشق الأول أحاديث ، منها حديث البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم : " قرأ سورة الفتح في السفر ، يرجع فيها ويقول : آ آ آ " ، ومنها حديث البراء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " زينوا القرآن بأصواتكم " رواه أبو داود ، والنسائي ، وابن ماجه ، والحاكم ، ورواه الدارمي ، والبيهقي بلفظ : " حسنوا القرآن بأصواتكم فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسنا " .

ومنها حديث فضالة بن عبيد الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لله أشد أذانا إلى الرجل الحسن الصوت بالقرآن من صاحب القينة إلى قينته " رواه الحاكم ، وقال : صحيح على شرط الشيخين ، ومنها حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي يتغنى بالقرآن " رواه الشيخان - وأذن بمعنى : استمع - وفي معناه حديث سعد بن أبي وقاص ، وابن عباس ، وعائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ليس منا من لم يتغن بالقرآن " على أحد التأويلين في الحديث وهو في المستدرك ، وفي لفظ عن سعد : " إن هذا القرآن نزل بحزن ، فإذا قرأتموه فابكوا وتغنوا به فمن لم يتغن به فليس منا " رواه البيهقي في شعب الإيمان ، ومنها حديث بريدة أنه صلى الله عليه وسلم سمع قراءة أبي موسى ، فقال : " لقد أوتي مزمارا من مزامير آل داود " رواه مسلم .

ويدل للشق الثاني ما رواه البيهقي عن ابن عباس قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحسن الناس قراءة ؟ فقال : " من إذا قرأ رأيت أنه يخشى الله " ، وما رواه أيضا عن حذيفة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " اقرءوا القرآن بلحون العرب وأصواتها ، وإياكم ولحون أهل الفسق وأهل الكتاب فإنه سيجيء قوم يرجعون القرآن ترجيع الغناء والرهبانية ، لا يجاوز حناجرهم مفتونة قلوبهم وقلوب الذين يعجبهم شأنهم " .

وروي أيضا عن عابس الغفاري قال : " سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يذكر خصالا يتخوفهن على أمته من بعده إمارة السفهاء ، واستخفافا بالدم ، وقطيعة الرحم ، وكثرة الشرط ، ونشئا يتخذون القرآن مزامير يتغنون غناء ، يقدمون الرجل بين أيديهم ليس بأفضلهم ولا أعلمهم ، لا يقدمونه إلا ليغني لهم " ، وروى الدارمي عن الأعمش قال : قرأ رجل عند أنس بلحن من هذه الألحان فكره ذلك أنس .

[ ص: 297 ] وروي عن محمد بن سيرين قال : كانوا يرون هذه الألحان في القراءة محدثة ، والأحاديث والآثار في الشقين كثيرة ، وفيما أوردناه كفاية .

التالي السابق


الخدمات العلمية