صفحة جزء
33- ذكر من استعمل ذلك من الصحابة والتابعين غير من تقدم ذكره

أخرج ابن سعد ، وابن أبي شيبة ، والبيهقي في دلائل النبوة عن الشعبي قال : لما سلم الحسن بن علي الأمر إلى معاوية فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أما بعد ، فإن أكيس الكيس التقى ، وإن أعجز العجز الفجور ، ألا وإن هذا الأمر الذي اختلفت فيه أنا ومعاوية لا امرؤ كان أحق به مني ، وهو حق لي تركته إرادة إصلاح المسلمين ، وحقن دمائهم ، وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين ، ثم استغفر ، ونزل .

وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم في تفسيريهما عن حفصة أم المؤمنين - رضي الله عنها - أنها بلغها قتل عثمان ، فقالت : ( قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله ) ، وفي [ ص: 308 ] الصحيحين عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت في قصة الإفك : وإني لا أجد لي ولكم مثلا إلا قول أبي يوسف : ( فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون ) ، ومن هنا سمى العلماء استعمال ذلك ضرب مثل وتمثلا ، وكذا من قوله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وعمر حين استشارهما في أسرى بدر : " مثلك يا أبا بكر مثل إبراهيم حيث قال : ( فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم ) ومثلك يا عمر ، مثل نوح حيث قال : ( رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا ) - وفي رواية - إن مثلك يا أبا بكر مثل عيسى قال : ( إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم ) ، وإن مثلك يا عمر ، مثل موسى قال : ( ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم ) ، فمن هذا وأمثاله أطلق السلف والخلف على ذلك ضرب مثل .

التالي السابق


الخدمات العلمية