صفحة جزء
سورة النساء

مسألة : في قوله تعالى : ( وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا ) ما فائدة قوله : ( ضعافا ) مع أن ذرية يغني عنه ، فإن الذرية هم الصغار ؟

الجواب : أما من حيث التفسير فإن ابن عباس رضي الله عنهما فسر الذرية في الآية بالأولاد ذكورا كانوا أو إناثا وفسر قوله ( ضعافا ) أي : صغارا فعلم أن الذرية شامل للأولاد مطلقا كيف كانوا ، وتخصيصهم في الآية بالصغار من الوصف أعني صغارا ، وقال الراغب في مفردات القرآن : الذرية أصلها الصغار من الأولاد ، وإن كان قد يقع على الصغار والكبار معا في التعارف ، هذا لفظه ، وهذا قول آخر فرق فيه بين اللغة والعرف ، والأول أصح ; لأن القرآن ناطق بإطلاق الذرية على الكبار والصغار في قوله تعالى : ( ذرية من حملنا مع نوح ) وقوله : ( قال ومن ذريتي ) وقوله : ( ومن ذريتنا أمة مسلمة لك ) فدل ذلك على أن إطلاقه عليهما من حيث اللغة أيضا ، وقال تعالى : ( إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض ) وقال جماعة : الذرية تطلق على الأولاد وعلى الآباء أيضا ، قال صاحب نظم القرآن : الذرية تقال للواحد والجمع ، وللأصل والنسل ، ومنه قوله تعالى : ( وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون ) أي آباءهم ، وقال الزملكاني في أسرار التنزيل : الذرية كما تطلق على الأولاد تطلق على الآباء ; لأن الأب ذرئ من الولد أي خلق ، فكان ذرية لولده ، كما أن الولد ذريء من أبيه ، قال : ومن استعمالها في الآباء قوله تعالى : ( وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون ) أي آباءهم قال : ومنه قوله تعالى : ( ذرية بعضها من بعض ) جعل آدم ومن ذكر معه ذرية للأنبياء انتهى .

[ ص: 362 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية