صفحة جزء
41 - القول الجلي في حديث الولي .

بسم الله الرحمن الرحيم .

مسألة : الحديث الذي أخرجه البغوي في تفسير سورة شورى عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم عن جبريل عن الله يقول عز وجل : " من أهان لي وليا فقد بارزني بالمحاربة ، وإني لأغضب لأوليائي كما يغضب الليث الحرد ، وما تقرب إلي عبدي المؤمن بمثل أداء ما افترضت عليه ، وما يزال عبدي المؤمن يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت له سمعا وبصرا ويدا ، إن دعاني أجبته ، وإن سألني أعطيته ، وما ترددت في شيء أنا فاعله ترددي في قبض روح عبدي المؤمن ، يكره الموت وأكره مساءته ولا بد له منه ، وإن من عبادي المؤمنين لمن يسألني الباب من العبادة فأكفه عنه أن لا يدخله عجب فيفسده ذلك ، وإن من عبادي المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه إلا الغنى ، ولو أفقرته لأفسده ذلك ، وإن من عبادي المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه إلا الفقر ، ولو أغنيته لأفسده ذلك ، وإن من عبادي المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه إلا الصحة ، ولو أسقمته لأفسده ذلك ، وإن من عبادي المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه إلا السقم ، ولو أصححته لأفسده ذلك ، إني أدبر أمر عبادي بعلمي بقلوبهم ; إني عليم خبير " ، من أخرجه من الأئمة ؟ وما حاله ؟

[ ص: 434 ] الجواب : هذا الحديث أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب الأولياء ، قال : حدثنا الهيثم بن خارجة والحكم بن موسى قالا : ثنا الحسن بن يحيى الخشني عن صدقة الدمشقي ، عن هشام الكناني ، عن أنس ، بطوله ولفظه ، وأخرجه أبو نعيم في الحلية في ترجمة الحسن بن يحيى الخشني ، قال : ثنا أبو علي محمد بن أحمد بن الحسن ، ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، ثنا عبد الجبار بن عاصم ح وثنا أبو بكر محمد بن الحسين الآجري ، ثنا أحمد بن يحيى الحلواني ح وثنا مخلد بن جعفر ، ثنا أحمد بن محمد بن يزيد البراتي ، قالا : ثنا الحكم بن موسى ، قال : ثنا الحسن بن يحيى الخشني به بطوله ولفظه وقال : غريب من حديث أنس لم يروه عنه على هذا السياق إلا هشام ، وعنه صدقة ، تفرد به الحسن ، والحسن بن يحيى قال الذهبي : تركوه ، وقال أبو حاتم : صدوق سيئ الحفظ ، وقال دحيم : لا بأس به ، وروى الطبراني في الأوسط من طريق عمر بن سعيد الدمشقي - وهو ضعيف - عن صدقة بن عبد الله أبي معاوية ، عن عبد الكريم الجزري ، عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قال الله تعالى : من أهان لي وليا فقد بارزني بالمحاربة ، وإني لأسرع شيء إلى نصرة أوليائي ، إني لأغضب لهم كما يغضب الليث الحرد " هكذا رواه مختصرا ، ثم إن لأصل الحديث شواهد ، منها ما أخرجه البخاري في صحيحه من طريق خالد بن مخلد ، عن سليمان بن بلال ، عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قال الله عز وجل : من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب ، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه ، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ، ولئن سألني لأعطينه ، ولئن استعاذني لأعيذنه ، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن ، يكره الموت وأكره مساءته ، ولا بد له منه " تفرد بإخراجه البخاري ، وأورده الذهبي في الميزان في ترجمة خالد وقال : هذا حديث غريب جدا ، تفرد به خالد بن مخلد ، ولولا هيبة الجامع الصحيح لعددته في منكرات خالد ، وذلك لغرابة لفظه ولأنه مما تفرد به شريك وليس بالحافظ . اه .

ومنها ما أخرجه الإمام أحمد في مسنده عن حماد بن خالد الخياط ، عن عبد الواحد مولى عروة ، عن عروة ، عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من آذى لي وليا فقد استحل محاربتي ، وما تقرب إلي عبدي بمثل الفرائض ، وما يزال العبد يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته إن سألني أعطيته وإن دعاني أجبته ، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي [ ص: 435 ] عن وفاته لأنه يكره الموت ، وأكره مساءته " ورجاله رجال الصحيح ، إلا عبد الواحد ، وثقه أبو زرعة والعجلي وابن معين في رواية ، وضعفه غيرهم ، وأخرجه الطبراني في الأوسط ، قال : ثنا هارون بن كامل ، ثنا سعيد بن أبي مريم ، ثنا إبراهيم بن سويد المدني ، حدثني أبو حزرة يعقوب بن مجاهد ، أخبرني عروة بن الزبير ، عن عائشة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله يقول : من أهان لي وليا فقد استحل محاربتي ، وما تقرب إلي عبد من عبادي بمثل أداء فرائضي ، وإن عبدي ليتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت عينه التي يبصر بها ، وأذنه التي يسمع بها ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ، وإن دعاني أجبته ، وإن سألني أعطيته ، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن موته ، وذلك أنه يكره الموت وأنا أكره مساءته " ، وقال : لم يروه عن عروة إلا أبو حزرة وعبد الواحد بن ميمون . قلت : ورجال الإسناد رجال الصحيح إلا هارون .

ومنها ما رواه أبو يعلى في مسنده عن العباس بن الوليد ، عن يوسف بن خالد ، عن عمر بن إسحاق ، عن عطاء بن يسار ، عن ميمونة أم المؤمنين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " قال الله عز وجل : من آذى لي وليا فقد استحل محاربتي ، وما تقرب إلي عبدي بمثل أداء فرائضي ، وإنه ليتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت رجله التي يمشي بها ، ويده التي يبطش بها ، ولسانه الذي ينطق به ، وقلبه الذي يعقل به ، إن سألني أعطيته ، وإن دعاني أجبته ، وما ترددت عن شيء أنا فاعله كترددي عن موته ، وذلك أنه يكره الموت وأنا أكره مساءته " . ويوسف - هو السمتي - كذاب .

ومنها ما رواه الطبراني في الكبير عن أبي أمامة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله تعالى يقول : من أهان لي وليا فقد بارزني بالعداوة . ابن آدم ، لم تدرك ما عندي إلا بأداء ما افترضت عليك ، ولا يزال عبدي يتحبب إلي بالنوافل حتى أحبه فأكون سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ولسانه الذي ينطق به ، وقلبه الذي يعقل به ، فإذا دعاني أجبته ، وإن سألني أعطيته ، وإن استنصرني نصرته " . وفي سنده علي بن زيد ضعيف .

ومنها ما أخرجه الطبراني عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يقول الله تعالى : من عادى لي وليا فقد ناصبني بالمحاربة ، وما ترددت عن شيء أنا فاعله كترددي عن موت المؤمن ، يكره الموت وأكره مساءته ، وربما سألني وليي المؤمن الغنى فأصرفه عن الغنى إلى الفقر ، ولو صرفته إلى الغنى لكان شرا له ، وربما سألني وليي المؤمن الفقر فأصرفه إلى الغنى ، ولو صرفته إلى الفقر لكان شرا له " . ومن شواهد قوله : " وإن من عبادي [ ص: 436 ] لمن يسألني الباب من العبادة " إلى آخره ، ما أخرجه أبو الشيخ ابن حيان في كتاب الثواب عن حاجب بن أبي بكر ، عن أحمد الدورقي ، عن أبي عثمان الأموي ، عن صخر بن عكرمة ، عن كليب الجهني رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " قال الله عز وجل : لولا أن الذنب خير لعبدي المؤمن من العجب ما خليت بين عبدي المؤمن وبين الذنب " وما أخرجه الديلمي في مسند الفردوس من طريق جعفر بن محمد بن عيسى الناقد ، عن سويد بن سعيد ، عن ضمام بن إسماعيل ، عن موسى بن وردان ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لولا أن المؤمن يعجب بعمله لعصم من الذنب حتى لا يهم به ، ولكن الذنب خير له من العجب " ، وما أخرجه أبو نعيم والحاكم في التاريخ من طريق سلام بن أبي الصهباء ، عن ثابت ، عن أنس ، والديلمي من طريق كثير بن يحيى ، عن أبيه ، عن الجريري ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لو لم تكونوا تذنبون لخفت عليكم ما هو أكبر من ذلك : العجب العجب " .

التالي السابق


الخدمات العلمية