صفحة جزء
مسألة : أورد بعضهم في بعض الكتب حديثا فقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الحمى رائد الموت " ثم قال : " أي طالبه " فهل لهذا الحديث أصل ؟ وهل رائد بمعنى طالب كما ذكره ، أو له معنى آخر ؟ فإن كان بمعنى طالب فليس كل حمى مخوفة ؛ إذ فيها المخوف المؤدي إلى الموت ، وفيها الغير المخوف ، وقوله : الحمى ، يشمل الكل .

الجواب : الحديث ضعيف ، أخرجه ابن السني في الطب النبوي ، قال ابن الأثير في معناه : أي رسول الموت الذي يتقدمه كما يتقدم الرائد قومه . انتهى . وهذا المعنى لا ينافيه عدم استلزامه كل حمى للموت ; لأن الأمراض كلها من حيث هي مقدمات للموت ومنذرات به ، وإن أفضت إلى سلامة ، جعلها [الله] تذكرة لابن آدم يتفكر بها الموت ، وقد أخرج أبو نعيم في الحلية عن مجاهد قال : ما من مرض يمرضه العبد إلا رسول ملك الموت عنده ، حتى إذا كان آخر مرض يمرضه العبد أتاه ملك الموت عليه السلام فقال : أتاك رسول بعد رسول فلم تعبأ به ، وقد أتاك رسول يقطع أثرك من الدنيا . في آثار أخر بهذا المعنى ، فوضح أن الأمراض كلها رسل للموت ، بمعنى أنها مقدماته ومنذرات به إلى أن يجيء في وقته المقدر ، فليس شيء من الأمراض موجبا للموت بذاته .

التالي السابق


الخدمات العلمية