صفحة جزء
48 - شد الأثواب في سد الأبواب

بسم الله الرحمن الرحيم

( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ) الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى . روى البخاري ، ومسلم ، والترمذي ، والنسائي ، وغيرهم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : " خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس وقال : إن الله خير عبدا بين الدنيا وبين ما عنده فاختار ذلك العبد ما عند الله ، فبكى أبو بكر فعجبنا لبكائه أن يخبر رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم عن عبد خير فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المخير ، وكان أبو بكر أعلمنا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن من أمن الناس علي في صحبته وماله أبا بكر ، ولو كنت متخذا خليلا غير ربي لاتخذت أبا بكر ، ولكن أخوة الإسلام ومودته ، لا يبقين في المسجد باب إلا سد إلا باب أبي بكر - وفي لفظ - لا يبقين في المسجد خوخة إلا سدت إلا خوخة أبي بكر " أخرجه ابن عساكر ، وفي لفظ : " ثم هبط عن المنبر فما رئي عليه حتى الساعة " أخرجه أحمد والدارمي هذا حديث متواتر كما سأشير إلى طرقه .

قال النووي في شرح مسلم : فيه خصيصة لأبي بكر رضي الله عنه . وقال ابن شاهين في السنة : تفرد أبو بكر رضي الله عنه بهذه الفضيلة . وللأمر بسد الأبواب في المسجد النبوي طرق كثيرة تبلغ درجة التواتر فأخرج البخاري والنسائي عن ابن عباس قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه عاصبا رأسه في خرقة ، فقعد على المنبر فحمد الله وأثنى عليه وقال : " إنه ليس أحد أمن علي من نفسه وماله من أبي بكر ، ولو كنت متخذا من الناس خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ، ولكن خلة الإسلام أفضل ، سدوا عني كل خوخة في هذا المسجد غير خوخة أبي بكر " .

وأخرج ابن سعد من طريق الزهري ، أخبرني أيوب بن بشير الأنصاري ، عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن [ ص: 17 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج فاستوى على المنبر فتشهد ، فلما قضى تشهده قال : إن عبدا من عباد الله خير بين الدنيا وبين ما عند ربه فاختار ما عند ربه ، ففطن لها أبو بكر الصديق أول الناس ، فعرف إنما يريد النبي صلى الله عليه وسلم نفسه ، فبكى أبو بكر ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : على رسلك يا أبا بكر سدوا هذه الأبواب الشوارع في المسجد إلا باب أبي بكر ، فإني لا أعلم امرءا أفضل عندي يدا في الصحابة من أبي بكر " .

وأخرج الطبراني بسند حسن عن معاوية بن أبي سفيان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " صبوا علي من سبع قرب من آبار شتى حتى أخرج إلى الناس فأعهد إليهم فخرج عاصبا رأسه حتى صعد المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : إن عبدا من عباد الله خير بين الدنيا وبين ما عند الله فاختار ما عند الله فلم يفهمها إلا أبو بكر فبكى ، فقال : نفديك بآبائنا وأمهاتنا وأبنائنا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : على رسلك ، أفضل الناس عندي في الصحبة وذات اليد ابن أبي قحافة ، انظروا هذه الأبواب الشوارع في المسجد فسدوها إلا ما كان من باب أبي بكر ، فإني رأيت عليه نورا " .

وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد المسند بسند رجاله ثقات عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أبو بكر صاحبي ومؤنسي في الغار سدوا كل خوخة في المسجد غير خوخة أبي بكر " .

وأخرج أبو يعلى بسند رجاله ثقات ، عن بعض الصحابة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في مرض موته : انظروا هذه الأبواب الملاصقة في المسجد فسدوها إلا ما كان من بيت أبي بكر فإني لا أعلم أحدا كان أفضل عندي في الصحبة منه " .

وأخرج البزار بسند حسن عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " سدوا عني كل باب إلا باب أبي بكر " ، وأخرج الطبراني في الأوسط عن عائشة قالت : أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بسد الأبواب التي في المسجد إلا باب أبي بكر " .

وأخرج الدارمي في مسنده عن عائشة قالت : قال النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه : " صبوا علي من سبع قرب من سبع آبار شتى حتى أخرج إلى الناس فأعهد إليهم فصببنا عليه فخرج فصعد المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : ألا إن عبدا من عباد الله قد خير بين الدنيا وبين ما عند الله فاختار ما عند الله ، فبكى أبو بكر فقال : على رسلك سدوا هذه الأبواب الشوارع إلى المسجد إلا باب أبي بكر ، فإني لا أعلم امرءا أفضل عندي يدا في الصحبة من أبي بكر ".

وأخرج الطبراني بسند رجاله رجال الصحيح عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا تؤذوني في صاحبي ، ولولا أن الله سماه صاحبا لاتخذته خليلا ألا فسدوا كل خوخة إلا خوخة ابن أبي قحافة " .

وأخرج ابن سعد في الطبقات ، وابن عدي في الكامل عن يحيى بن سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن أعظم الناس علي منا في [ ص: 18 ] الصحبة وذات يده أبو بكر فأغلقوا هذه الأبواب الشارعة كلها في المسجد إلا باب أبي بكر ، فقال ناس : أغلق أبوابنا وترك باب خليله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قد بلغني الذي قلتم في باب أبي بكر ، وإني أرى على باب أبي بكر نورا ، وأرى على أبوابكم ظلمة " مرسل ، وقد أخرجه أبو طاهر المخلص في فوائده ، وابن عدي في الكامل ، وابن عساكر في تاريخه ، موصولا من طريق يحيى بن سعيد عن أنس به ، وزاد : فكانت الآخرة أعظم عليهم من الأولى " قال ابن عدي : لا أعلم وصله عن الليث غير عبد الله بن صالح ورواه غيره عن الليث عن يحيى بن سعيد بدون ذكر أنس ، وأخرج ابن عساكر في تاريخه عن أبي الأحوص حكيم بن عمير العنسي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " عندما أمر به من سد [ تلك ] الأبواب إلا باب أبي بكر " وقال : " ليس منها باب إلا وعليه ظلمة إلا ما كان من باب أبي بكر فإن عليه نورا " .

وأخرج ابن سعد عن أبي الحويرث قال : " لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأبواب تسد إلا باب أبي بكر قال عمر : يا رسول الله دعني أفتح كوة أنظر إليك حتى تخرج إلى الصلاة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا " .

وأخرج ابن سعد عن أبي البداح بن عاصم بن عدي ، قال : قال العباس بن عبد المطلب : يا رسول الله ما بالك فتحت أبواب رجال في المسجد ، وما بالك سددت أبواب رجال في المسجد ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا عباس ما فتحت عن أمري ، ولا سددت عن أمري " .

التالي السابق


الخدمات العلمية