صفحة جزء
66 - طلوع الثريا بإظهار ما كان خفيا

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى .

مسألة : فتنة الموتى في قبورهم سبعة أيام ، أوردها غير واحد من الأئمة في كتبهم ، فأخرجها الإمام أحمد بن حنبل في " كتاب الزهد " ، والحافظ أبو الأصبهاني في كتاب " الحلية " بالإسناد إلى طاوس أحد أئمة التابعين ، وأخرجها ابن جريج في مصنفه بالإسناد إلى عبيد بن عمير ، وهو أكبر من طاوس في التابعين ، بل قيل : إنه صحابي ، وعزاها الحافظ زين الدين بن رجب في كتاب " أهوال القبور " إلى مجاهد وعبيد بن عمير ، فحكم هذه الروايات الثلاث حكم المراسيل المرفوعة على ما يأتي تقريره ، وفي رواية عبيد بن عمير زيادة أن المنافق يفتن أربعين صباحا . وهذه الرواية بهذه الزيادة أوردها الحافظ أبو عمر بن عبد البر في " التمهيد " ، والإمام أبو علي الحسين بن رشيق المالكي في " شرح الموطأ " ، وحكاه الإمام أبو زيد عبد الرحمن الجزولي من المالكية في " الشرح الكبير " على رسالة الإمام أبي محمد بن أبي زيد ، والإمام أبو القاسم بن عيسى بن ناجي من المالكية [ ص: 216 ] في " شرح الرسالة " أيضا وأورد الرواية الأولى ، والشيخ كمال الدين الدميري من الشافعية في " حياة الحيوان " ، وحافظ العصر أبو الفضل بن حجر في المطالب العالية .

ذكر الرواية المسندة عن طاوس : قال الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه في " كتاب الزهد " له : حدثنا هاشم بن القاسم قال : ثنا الأشجعي ، عن سفيان قال : قال طاوس : إن الموتى يفتنون في قبورهم سبعا ، فكانوا يستحبون أن يطعم عنهم تلك الأيام .

قال الحافظ أبو نعيم في " الحلية " : حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، ثنا أبي ، ثنا هاشم ، ثنا الأشجعي ، عن سفيان قال : قال طاوس : إن الموتى يفتنون في قبورهم سبعا ، فكانوا يستحبون أن يطعم عنهم تلك الأيام .

ذكر الرواية المسندة عن عبيد بن عمير : قال ابن جريج في مصنفه ، عن الحارث بن أبي الحارث ، عن عبيد بن عمير قال : يفتن رجلان مؤمن ومنافق ، فأما المؤمن فيفتن سبعا ، وأما المنافق فيفتن أربعين صباحا . الكلام على هذا من وجوه :

الوجه الأول : رجال الإسناد الأول رجال الصحيح ، وطاوس من كبار التابعين ، قال أبو نعيم في الحلية : هو أول الطبقة من أهل اليمن ، وروى أبو نعيم عنه أنه قال : أدركت خمسين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وروى غيره عنه قال : أدركت سبعين شيخا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .

قال ابن سعد : كان له يوم مات بضع وتسعون سنة .

وسفيان هو الثوري ، وقد أدرك طاوسا ، فإن وفاة طاوس سنة بضع عشرة ومائة في أحد الأقوال ، ومولد سفيان سنة سبع وتسعين ، إلا أن أكثر روايته عنه بواسطة . والأشجعي اسمه عبيد الله بن عبيد الرحمن ، ويقال : ابن عبد الرحمن .

وأما الإسناد الثاني فعبيد بن عمير ، هو الليثي قاص أهل مكة ، قال مسلم بن الحجاج صاحب " الصحيح " : إنه ولد في زمن النبي صلى الله عليه وسلم .

قال غيره : إنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم ، فعلى هذا يكون صحابيا ، وكان يقص بمكة على عهد عمر بن الخطاب ، وهو أول من قص بها . وكانت وفاته قبل وفاة ابن عمر .

وأما الحارث فهو ابن عبد الرحمن بن عبد الله بن سعد بن أبي ذياب الدوسي ، روى له البخاري في خلق أفعال العباد ، ومسلم في صحيحه . وروى عنه ابن جريج والدراوردي وغيرهما ، وأما ابن جريج فهو الإمام عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج الأموي ، قال أحمد بن حنبل : هو أول من صنف الكتب .

وقال ابن عيينة : سمعت ابن [ ص: 217 ] جريج يقول : ما دون العلم تدويني أحد .

روى عن خلق من التابعين ، ومات سنة تسع وأربعين ومائة ، وقد جاوز المائة .

التالي السابق


الخدمات العلمية