صفحة جزء
[ ص: 231 ] الوجه الحادي عشر : أخرج الحكيم الترمذي بسنده عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما قال : في القبر حساب ، وفي الآخرة حساب ، فمن حوسب في القبر نجا ، ومن حوسب في القيامة عذب .

وقال ابن أبي شيبة في " المصنف " : حدثنا عبد الرحيم بن سليمان ، عن مجالد ، عن محمد بن المنتشر ، عن ابن حراش ، عن حذيفة بن اليمان قال : إن في القبر حسابا ، ويوم القيامة عذابا .

قال الحكيم الترمذي : إنما يحاسب المؤمن في القبر ليكون أهون عليه غدا في الموقف ، فيمحص في البرزخ ؛ ليخرج من القبر وقد اقتص منه ، انتهى .

وهذا وإن كان صورته صورة الموقوف على حذيفة ، فإن حكمه حكم المرفوع كما تقدم تقريره ، وشاهده ما أخرجه الإمام أحمد بن حنبل في مسنده عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا يحاسب أحد يوم القيامة فيغفر له ، يرى المسلم عمله في قبره .

وأخرج البزار ، والحاكم وصححه ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : اتقوا البول ، فإنه أول ما يحاسب به العبد في القبر .

وأخرج البيهقي في كتاب عذاب القبر عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن عذاب القبر من ثلاثة : من الغيبة ، والنميمة ، والبول ، فإياكم وذلك ، وله شواهد كثيرة ، قال ابن رجب : قد ذكر بعضهم السر في تخصيص البول والنميمة والغيبة بعذاب القبر ، وهو أن القبر أول منازل الآخرة ، وفيه أنموذج ما يقع في يوم القيامة من العقاب والثواب . والمعاصي التي يعاقب عليها يوم القيامة نوعان : حق لله ، وحق لعباده ، وأول ما يقضى فيه يوم القيامة من حقوق الله الصلاة ، ومن حقوق العباد الدماء .

وأما البرزخ فيقضى فيه في مقدمات هذين الحقين ووسائلهما ، فمقدمة الصلاة الطهارة من الحدث والخبث ، ومقدمة الدماء النميمة والوقيعة في الأعراض ، وهما أيسر أنواع الأذى ، فيبدأ في البرزخ بالمحاسبة والعقاب عليهما ، انتهى .

قال ابن رجب : وروى ابن عجلان عن عون بن عبد الله قال : يقال إن العبد إذا دخل قبره سئل عن صلاته أول شيء يسأل عنه ، فإن جازت له صلاته نظر فيما سوى ذلك من عمله ، وإن لم يجز له لم ينظر في شيء من عمله بعد .

التالي السابق


الخدمات العلمية