صفحة جزء
[ ص: 3 ] بسم الله الرحمن الرحيم

قال الشيخ الإمام الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق بن موسى بن مهران الأصبهاني رحمه الله .

الحمد لله محدث الأكوان والأعيان ، ومبدع الأركان والأزمان ، ومنشئ الألباب والأبدان ، ومنتخب الأحباب والخلان ، منور أسرار الأبرار بما أودعها من البراهين والعرفان ، ومكدر جنان الأشرار بما حرمهم من البصيرة والإيقان ، المعبر عن معرفته المنطق واللسان ، المترجم عن براهينه الأكف والبنان ، بالموافق للتنزيل والفرقان ، والمطابق للدليل والبيان . فألزم الحجة بالقادة من المرسلين ، وأبهج المنهج بالسادة من المحققين ، الذين جعلهم خلفاء الأنبياء ، وعرفاء الأصفياء ، المقربين إلى الرتب الرفيعة ، والمنزهين عن النسب الوضيعة ، والمؤيدين بالمعرفة والتحقيق ، والمقومين بالمتابعة والتصديق ، معرفة تعقب لمعرفتهم موافقة ، وتوجب لحكم نفوسهم مفارقة ، وتلزم لخدمة مشهودهم معانقة ، وتحقق لشريعة رسولهم مرافقة ، والصلاة على من عنه بلغ وشرع ، وبأمره قام وصدع ، ولمتبعيه غرس وزرع ، محمد المصطفى المصطنع . وعلى إخوانه من النبيين والمرسلين ، وعلى آله وصحابته المنتخبين وسلم .

أما بعد ، أحسن الله توفيقك ، فقد استعنت بالله عز وجل ، وأجبتك إلى ما ابتغيت ، من جمع كتاب يتضمن أسامي جماعة وبعض أحاديثهم وكلامهم ، [ ص: 4 ] من أعلام المتحققين من المتصوفة وأئمتهم ، وترتيب طبقاتهم من النساك ومحجتهم ، من قرن الصحابة والتابعين وتابعيهم ومن بعدهم ، ممن عرف الأدلة والحقائق ، وباشر الأحوال والطرائق ، وساكن الرياض والحدائق ، وفارق العوارض والعلائق ، وتبرأ من المتنطعين والمتعمقين ، ومن أهل الدعاوى من المتسوفين ، ومن الكسالى والمتثبطين ، المتشبهين بهم في اللباس والمقال ، والمخالفين لهم في العقيدة والفعال .

وذلك لما بلغك من بسط لساننا ولسان أهل الفقه والآثار في كل القطر والأمصار ، في المنتسبين إليهم من الفسقة الفجار ، والمباحية والحلولية الكفار ، وليس ما حل بالكذبة من الوقيعة والإنكار ، بقادح في منقبة البررة الأخيار ، وواضع من درجة الصفوة الأبرار ، بل في إظهار البراعة من الكذابين ، والنكير على الخونة الباطلين ، نزاهة للصادقين ورفعة للمتحققين .

ولو لم نكشف عن مخازي المبطلين ومساويهم ديانة ، للزمنا إبانتها وإشاعتها حمية وصيانة ، إذ لأسلافنا في التصوف العلم المنشور ، والصيت والذكر المشهور . فقد كان جدي محمد بن يوسف البنا رحمه الله أحد من نشر الله عز وجل به ذكر بعض المنقطعين إليه ، وعمر به أحوال كثير من المقبلين عليه .

وكيف نستجيز نقيصة أولياء الله تعالى ومؤذيهم مؤذن بمحاربة الله . وهو ما حدثنا إبراهيم بن محمد بن حمزة ، حدثنا أبو عبيدة محمد بن أحمد بن المؤمل ، وحدثنا إبراهيم بن عبد الله ، حدثنا محمد بن إسحاق السراج ، قالا : حدثنا محمد بن إسحاق بن كرامة ، حدثنا خالد بن مخلد ، عن سليمان بن بلال ، عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر ، عن عطاء ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن الله عز وجل قال : من آذى لي وليا فقد آذنته بالحرب ، وما تقرب إلي عبدي بشيء أفضل من أداء ما افترضت عليه ، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه [ ص: 5 ] الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ، فلئن سألني عبدي أعطيته ، ولئن استعاذني لأعذته ، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأكره إساءته أو مساءته .

حدثنا القاضي أبو أحمد محمد بن أحمد بن إبراهيم ، حدثنا الحسن بن علي بن نصر قال : قرأ على أبي محمد بن المثنى ، وحدثنا الحسن بن سلمة بن أبي كبشة ، أن أبا عامر العقدي حدثهما قال : حدثنا عبد الواحد ، عن عروة ، عن عائشة قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويروي عن ربه عز وجل قال : من آذى لي وليا فقد استحل محاربتي .

حدثنا سليمان بن أحمد ، حدثنا يحيى بن أيوب ، حدثنا سعيد بن أبي مريم ، حدثنا نافع بن يزيد ، حدثنا عياش بن عياش ، عن عيسى بن عبد الرحمن ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن ابن عمر ، قال : وجد عمر بن الخطاب معاذ بن جبل - رضي الله عنه - قاعدا عند قبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبكي ، فقال : ما يبكيك ؟ قال : يبكيني شيء سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : إن يسير الرياء شرك ، وإن من عادى أولياء الله فقد بارز الله بالمحاربة .

التالي


الخدمات العلمية