صفحة جزء


300 - عمر بن ذر

قال الشيخ رضي الله تعالى عنه : ومنهم الواعظ البر ، الرافض للشر ، أبو ذر عمر بن ذر .

حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا محمد بن عبدوس بن كامل ، ثنا أبو هشام الرفاعي ، ثنا محمد بن كناسة ، قال : لما مات ذر بن عمر بن ذر الهمداني - وكان موته فجأة - جاء أباه أهل بيته يبكون ، فقال : ما لكم ؟ إنا والله ما ظلمنا ، ولا قهرنا ، ولا ذهب لنا بحق ، ولا أخطئ بنا ، ولا أريد غيرنا ، وما لنا على الله معتب ، فلما وضعه في قبره قال : رحمك الله يا بني ، والله لقد كنت بي بارا ، ولقد كنت عليك حدبا ، وما بي إليك من وحشة ، ولا إلى أحد بعد الله فاقة ، ولا ذهبت لنا بعز ، ولا أبقيت علينا من ذل ، ولقد شغلني الحزن لك عن الحزن عليك ، يا ذر لولا هول المطلع ومحشره لتمنيت ما صرت إليه ، فليت شعري يا ذر ما قيل لك ، وماذا قلت ، ثم قال : اللهم إنك وعدتني الثواب بالصبر على ذر ، اللهم فعلى ذر صلواتك ورحمتك ، اللهم إني قد وهبت ما جعلت لي من أجر على ذر لذر صلة مني ، فلا تعرفه قبيحا ، وتجاوز عنه ، فإنك أرحم به مني ، اللهم وإني قد وهبت لذر إساءته إلي فهب له إساءته إليك ، فإنك أجود مني وأكرم ، فلما ذهب لينصرف قال : يا ذر قد انصرفنا وتركناك ، ولو أقمنا ما نفعناك .

حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، ثنا محمد بن الصباح ، ثنا سفيان بن عيينة ، ح . وحدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، ثنا محمد بن أبي عمر العدني ، ثنا سفيان ، قال : لما مات ذر بن عمر بن ذر قال عمر بن ذر : شغلنا يا ذر الحزن لك عن الحزن عليك ، فليت شعري ماذا قلت ؟ وماذا قيل لك ؟ اللهم إني قد وهبت لذر ما فرط به [ ص: 109 ] من حقي ، فهب له ما فرط فيه من حقك .

حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا أحمد بن علي بن المثنى ، ثنا عبد الصمد بن يزيد ، قال : سمعت عمرو بن جرير البجري صاحب محمد بن جابر يقول : لما مات ذر بن عمر بن ذر قال أصحابه : الآن يضيع الشيخ ; لأنه كان بارا بوالديه ، فسمعها الشيخ فبقي متعجبا ، أنا أضيع ؟ والله حي لا يموت ، فسكت حتى واراه التراب ، فلما واراه التراب وقف على قبره يسمعهم ، فقال : رحمك الله يا ذر ، ما علينا بعد من خصاصة ، وما بنا إلى أحد مع الله حاجة ، وما يسرني أن أكون المقدم قبلك ، ولولا هول المطلع لتمنيت أن أكون مكانك ، لقد شغلني الحزن لك عن الحزن عليك ، فيا ليت شعري ماذا قيل لك ، وماذا قلت ؟ يعني منكرا ونكيرا . ثم رفع رأسه فقال : اللهم إني قد وهبت له حقي ، فيما بيني وبينه ، اللهم فهب حقك فيما بينك وبينه له ، قال : فبقي القوم متعجبين مما جاء منهم ، ومما جاء منه من الرضا عن الله والتسليم له .

التالي السابق


الخدمات العلمية