صفحة جزء
307- عبد الله بن أبي زكريا

ومنهم المستبق إلى ذكره كهلا وصبيا ، المغتنم مسألته جهرا وخفيا ، كان رضيا زكيا ، ووليا تقيا ، عبد الله بن أبي زكريا .

حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني الحسن بن عبد العزيز الجروي، ثنا أيوب بن سويد ، عن الأوزاعي ، قال : لم يكن بالشام رجل يفضل على ابن أبي زكريا ، قال : عالجت لساني عشرين سنة قبل أن يستقيم لي .

حدثنا أحمد بن إسحاق ، ثنا أبو بكر بن أبي عاصم ، قال : ثنا أبو عمير ، ثنا ضمرة ، عن أبي جميلة ، قال : سمعت ابن أبي زكريا ، يقول : عالجت الصمت عشرين سنة فلم أقدر منه على ما أريد .

حدثنا أحمد بن إسحاق ، ثنا أحمد بن عمر بن الضحاك ، ثنا أبو عمير ، ثنا ضمرة ، عن أبي جميلة ، قال : كان ابن أبي زكريا لا يذكر في مجلسه أحدا ، يقول : إن ذكرتم الله أعناكم ، وإن ذكرتم الناس تركناكم .

حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، ثنا أبو بكر بن أبي عاصم ، ثنا الحوطي ، ثنا وهب بن عمرو الأحمسي ، عن أبي سبأ عتبة بن تميم ، عن عبد الله بن أبي زكريا ، قال : من كثر كلامه كثر سقطه ، ومن كثر سقطه قل ورعه ، ومن قل ورعه أمات الله قلبه .

حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا أحمد بن عمرو بن الضحاك ، ثنا الحوطي ، ثنا محمد بن شعيب بن شابور ، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، عن عبد الله بن أبي زكريا ، قال : ما من أمة يكون فيهم خمسة عشر رجلا يستغفرون الله في كل يوم خمسا وعشرين مرة فتعذب تلك الأمة ، واقرءوا إن شئتم ( فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين ) .

حدثنا أبي ، ثنا أحمد بن محمد بن أبان ، ثنا أبو بكر بن عبيد ، ثنا محمد بن الحسين [ ص: 150 ] ثنا الصلت بن حكيم ، قال : ثنا مرجى الزاهد الشاهد ، قال : سمعت عبد الله بن أبي زكريا ، يقول : " والله للبس المسوح ، وسف الرماد ، ونوم على المزابل مع الكلاب ، ليسير في مرافقة الأبرار " .

حدثنا أحمد بن إسحاق ، ثنا أبو بكر بن أبي داود ، ثنا عمرو بن عثمان ، ثنا عقبة بن علقمة ، عن الأوزاعي ، عن ابن أبي زكريا ، قال : " من قال : سبحان الله وبحمده عند البرق لم تصبه صاعقة " .

حدثنا أحمد بن إسحاق ، ثنا أبو بكر بن أبي داود ، ثنا علي بن خشرم ، ثنا عيسى بن يونس ، عن الأوزاعي ، عن حسان بن عطية ، قال : تذاكروا في مجلس فيه ابن أبي زكريا ومكحول : أن العبد إذا عمل الخطيئة لم تكتب ثلاث ساعات ، فإن استغفر الله وإلا كتبت عليه .

حدثنا أحمد بن إسحاق ، ثنا أبو بكر بن أبي داود ، ثنا محمود بن خالد ، حدثنا عمر بن عبد الواحد ، عن الأوزاعي ، قال : حدثنا حسان بن عطية أن ابن أبي زكريا حدثه بحديثين ، أحدهما : من راءى بعمله حبط ما كان قبله ، فقلت : كيفما كان قبله ؟ قال : هكذا بلغنا ، والثاني قال : " إنه ستكون أئمة إن عصيتموهم ضللتم ، وإن أطعتموهم غويتم " ، قال حسان : فسألته عنهما فقال : لا أدري .

حدثنا أحمد بن إسحاق ، قال : ثنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث ، ثنا محمود بن خالد ، ثنا عمرو بن عبد الواحد ، عن الأوزاعي ، حدثني حسان بن عطية ، قال : قال ابن أبي زكريا : إن موضع الغائط مني غائر ، وإن الأحجار ليست تنقيه ، وقد خشيت أن يكون استنجائي بالماء بدعة ، قال الأوزاعي : فلما حدثت حسانا بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الاستنجاء بثلاثة أحجار نقيات غير رجعيات ، والماء أطهر " قال : يا ليت ابن أبي زكريا حيا حتى أقر عينيه بهذا الحديث .

حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا ابن أبي عاصم ، ثنا الحوطي ، ثنا بقية بن الوليد ، عن مسلم بن زياد ، قال : سمعت عبد الله بن أبي زكريا ، يقول : " ما مسست دينارا ولا درهما ، ولا اشتريت شيئا ولا بعته ، ولا ساومت به إلا مرة ، فإنه أصابني [ ص: 151 ] الحصر ، فرأيت جوربين معلقين عند باب جيرون عند صيرفي فقلت : بكم هذا ؟ ثم ذكرت فسكت " ، وكان من أبش الناس وأكثرهم تبسما ، قال بقية : قلت لمسلم : كيف هذا ؟ قال : كان له إخوة يكفونه .

حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا جعفر بن أحمد ، ثنا إبراهيم بن الجنيد ، ثنا مهدي بن جعفر ، ثنا الوليد بن مسلم ، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، أن عبد الله بن أبي زكريا ، كان يقول : " لو خيرت بين أن أعمر مائة سنة من ذي قبل في طاعة الله ، أو أن أقبض في يومي هذا ، أو في ساعتي هذه ، لاخترت أن أقبض في يومي هذا ، أو في ساعتي هذه ، تشوقا إلى الله ورسوله ، والصالحين من عباده " .

أخبرنا أبو أحمد محمد بن أحمد بن إبراهيم في كتابه ، ثنا ابن أبي عاصم ، ثنا الحوطي ، ثنا دريج بن عطية ، عن علي بن أبي جميلة ، قال : دعاني عبد الله بن أبي زكريا إلى منزله ، قال : ثم أخرج إلي مصاحف ، فقلت له : ما تصنع بكل هذه ؟ قال : ليس فيها فضل عني ، أما واحد فأقرأ فيه ، والآخر تقرأ فيه المرأة ، وآخر يقرأ فيه ابني ، قال : وكنت لا تراه أبدا إلا وثيابه كأنما غسلت يومئذ نقاء .

أخبرنا محمد بن أحمد ، ثنا ابن أبي عاصم ، ثنا إبراهيم بن محمد بن يوسف ، ثنا ضمرة ، عن ابن أبي جميلة ، قال : ذكر عند ابن أبي زكريا مشكان ، وكان جليسا لأبي الدرداء ، فقالوا : إنه يجلس إلى السلطان ، فقال : غفرا ، دعوه عنكم ، فقد رأيته معنا في البحر ونحن في الفراديس وقد اشتد علينا البحر ، وهمتنا أنفسنا ، فتقلد مصحفه ثم جاءني فقال : يا ابن أبي زكريا ، وددت أن يجلجل بي وبك إلى يوم القيامة .

حدثنا أحمد بن إسحاق ، ثنا عبد الله بن سليمان ، ثنا محمود بن خالد ، ثنا الوليد بن مسلم ، ثنا أبو عمرو الأوزاعي ، أن عبد الله بن أبي زكريا ، كلم رجلا جاءه للمسألة عن المشيئة ، فأخبره بالأمر والسنة ، فلم يقبل ، فقال : اكفف ، فلو أدركت رسول الله صلى الله عليه وسلم لم تقبل منه . أو : كنت حريا أن لا تقبل منه .

أخبرنا أبو أحمد محمد بن أحمد ، ثنا ابن أبي عاصم ، ثنا أبو عمير ، ثنا ضمرة ، عن [ ص: 152 ] محمد بن أبي جميلة ، قال : أرادني عبد الله بن عبد الملك على صحبته ، فشاورت عبد الله بن أبي زكريا فقال : أنت حر فلا تجعل نفسك مملوكا .

حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا أبو بكر بن أبي عاصم ، ثنا الحوطي ، ثنا وهب بن عمرو الأحمسي ، عن أبي سبأ عتبة بن تميم ، عن عبد الله بن أبي زكريا ، قال : " لا أقل ما تكلمت بكلمة إلا وجدت لذنب إبليس في صدري مغرزا ، إلا ما كان من كتاب الله فإني لم أستطع أن أزيد فيه ولا أنقص ، وما طلبت تعلم الكلام فتعلمت ما أردت ، ثم طلبت تعلم الصمت فوجدته أشد من تعلم العلم " ، قال أبو سبأ : وبلغني أن ابن أبي زكريا جعل في فيه حجرا سنين يتعلم به الصمت .

التالي السابق


الخدمات العلمية