صفحة جزء
313- يزيد بن مرثد

ومنهم البكاء الموجد ، يزيد بن مرثد .

حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ح . وحدثنا أحمد بن إسحاق ، ثنا أبو يحيى الرازي ، ثنا محمد بن مهران ، قالا : ثنا الوليد بن مسلم ، ثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، قال : قلت ليزيد بن مرثد : ما لي أرى عينيك لا تجف ؟ قال : وما مسألتك عنه ؟ قلت : عسى الله أن ينفعني به ، قال : يا أخي ، إن الله قد توعدني إن أنا عصيته أن يسجنني في النار ، والله لو لم يتوعدني أن يسجنني إلا في الحمام لكنت حريا أن لا تجف لي عين ، قال : فقلت له : فهكذا أنت في خلواتك ؟ قال : وما مسألتك عنه ؟ قلت : عسى الله أن ينفعني به ، فقال : والله إن ذلك ليعرض لي حين أسكن إلى أهلي ، فيحول بيني وبين ما أريد ، وإنه ليوضع الطعام بين يدي ، فيعرض لي فيحول بيني وبين أكله ، حتى تبكي امرأتي ويبكي صبياننا ، ما يدرون ما أبكانا ، ولربما أضجر ذلك امرأتي فتقول : يا ويحها ما خصصت به من طول الحزن معك في الحياة الدنيا ، ما تقر لي معك عين .

حدثنا محمد بن أحمد بن محمد ، ثنا أحمد بن موسى بن إسحاق ، ثنا أبي ، ثنا محمد بن إدريس ، ثنا سليمان بن شرحبيل ، ثنا حاتم بن شفي أبي فروة الهمداني ، قال : سمعت يزيد بن مرثد يقول : " كان بكاء بني إسرائيل يقول : اللهم لا تؤدبني بعقوبتك ، ولا تمكر بي في حيلتك ، ولا تؤاخذني بتقصيري عن رضاك ، عظيم خطيئتي فاغفر لي ، ويسير عملي فتقبل ، كما شئت تكن مسألتك ، وإذا عزمت تمضي عزمك ، فلا الذي أحسن استغنى عنك ولا عن عونك ، ولا الذي أساء غلبك ، ولا الذي استبد بشيء يخرج به من قدرتك ، فكيف لي بالنجاة ولا توجد إلا من قبلك ، إله الأنبياء وولي الأتقياء وبديع مرتبة [ ص: 165 ] الكرامة ، جديد لا تبلى ، حفيظ لا تنسى ، دائم لا تبيد ، حي لا تموت ، يقظان لا تنام ، بك عرفتك ، وبك اهتديت إليك ، ولولا أنت لم أدر ما أنت ، تباركت وتعاليت " .

حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا أحمد بن المعلى ، ثنا هشام بن عمار ، ثنا يحيى بن حمزة ، عن الوضين بن عطاء ، عن يزيد بن مرثد ، أن أبا الدرداء ، قال لمعاوية : " والذي نفسي بيده ، لا تنقصون من أرزاق الناس شيئا إلا نقص من الأرض مثله " .

أخبرنا محمد بن أحمد بن إبراهيم ، في كتابه ، ثنا أحمد بن هارون ، ثنا أحمد بن منصور ، ثنا محمد بن وهب ، ثنا سويد بن عبد العزيز ، عن الوضين بن عطاء ، قال : أراد الوليد بن عبد الملك أن يولي يزيد بن مرثد ، فبلغ ذلك يزيد بن مرثد ، فلبس فروة قد قلبه ، فجعل الجلد على ظهره ، والصوف خارجا وأخذ بيده رغيفا وعرقا وخرج بلا رداء ولا قلنسوة ولا نعل ولا خف ، وجعل يمشي في الأسواق ، ويأكل الخبز واللحم ، فقيل للوليد : إن يزيد بن مرثد قد اختلط ، وأخبر بما فعله فتركه .

التالي السابق


الخدمات العلمية