صفحة جزء
حدثنا محمد ، ثنا محمد بن إبراهيم ، حدثني أبي ، عن جدي قال : حج سليمان بن عبد الملك ، ومعه عمر بن عبد العزيز ، فلما أشرف على عقبة عسفان ، نظر سليمان إلى عسكره ، فأعجبه ما رأى من حجره وأبنيته ، فقال : كيف ترى ما هاهنا يا عمر ؟ قال : أرى يا أمير المؤمنين دنيا يأكل بعضها بعضا ، أنت المسئول عنها ، والمأخوذ بما فيها ، فطار غراب من حجرة سليمان ينعب ، في منقاره كسرة ، فقال سليمان : ما ترى هذا الغراب يقول ؟ قال : أظنه يقول من أين دخلت هذه الكسرة ، وكيف خرجت ؟ ! قال : إنك لتجيء بالعجب يا عمر ، قال : إن شئت أخبرك بأعجب من هذا أخبرتك . قال : فأخبرني ، قال : من عرف الله فعصاه ، ومن عرف الشيطان فأطاعه ، ومن رأى الدنيا وتقلبها بأهلها ، ثم اطمأن إليها ، قال سليمان : نغصت علينا ما نحن فيه يا عمر ، وضرب دابته وسار ، فأقبل عمر حتى نزل عن دابته ، فأمسك برأسها ، وذلك أنه سبق ثقله ، فرأى الناس كل من قدم شيئا قدم عليه ، فبكىعمر ، فقال سليمان : ما يبكيك ؟ قال : هكذا يوم القيامة ، من قدم شيئا قدم عليه ، ومن لم يقدم شيئا قدم على غير شيء .

التالي السابق


الخدمات العلمية