صفحة جزء
حدثنا أبو حامد بن جبلة ، ثنا محمد بن إسحاق ، ثنا حاتم بن الليث ، ثنا عبد الله بن بكر السهمي ، حدثني رجل : أن عمر بن عبد العزيز خطب الناس بخناصرة ، فقال : يا أيها الناس ما منكم من أحد [ يبلغنا عنه حاجة إلا أحببت أن أسد من حاجته بما قدرت عليه ، وما منكم من أحد ] لا يسعه ما عندنا إلا وددت أنه بدئ بي وبلحمتي الذين يلونني ، حتى يستوي عيشنا وعيشه ، وايم الله ، إني لو أردت غير ذلك من الغضارة والعيش لكان اللسان به مني ذلولا عالما بأسبابه ، ولكنه قضاء من الله كتاب ناطق وسنة عادلة يدل فيها على طاعته ، وينهى [ ص: 295 ] فيها عن معصيته ، ثم رفع طرف ردائه وبكى ، حتى شهق وأبكى الناس حوله ، ثم نزل فكانت إياها ، لم يخطب بعدها حتى مات رحمه الله .

حدثنا محمد بن أحمد ، ثنا الحسين بن محمد ، ثنا أبو زرعة ، ثنا أبو زيد عبد الرحمن بن أبي المعمر المصري ، ثنا يعقوب بن عبد الرحمن ، عن أبيه قال : خطب عمر بن عبد العزيز هذه الخطبة ، وكانت آخر خطبة خطبها ؛ حمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : إنكم لم تخلقوا عبثا ، ولم تتركوا سدى ، وإن لكم معادا ينزل الله فيه ليحكم بينكم ويفصل بينكم ، وخاب وخسر من خرج من رحمة الله ، وحرم جنة عرضها السماوات والأرض ، ألم تعلموا أنه لا يأمن غدا إلا من حذر الله اليوم وخافه ، وباع نافدا بباق ، وقليلا بكثير ، وخوفا بأمان ؟ ألا ترون أنكم في أسلاب الهالكين ، وستصير من بعدكم للباقين ، وكذلك حتى تردوا إلى خير الوارثين .

ثم إنكم تشيعون كل يوم غاديا ورائحا ، قد قضى نحبه ، وانقضى أجله ، حتى تغيبوه في صدع من الأرض ، في شق صدع ، ثم تتركوه غير ممهد ، ولا موسد ، فارق الأحباب ، وباشر التراب ، ووجه للحساب ، مرتهن بما عمل ، غني عما ترك ، فقير إلى ما قدم ، فاتقوا الله وموافاته ، وحلول الموت بكم ، أما والله إني لأقول هذا وما أعلم عند أحد من الذنوب أكثر مما عندي ، وأستغفر الله ، وما منكم من أحد يبلغنا حاجته لا يسع له ما عندنا إلا تمنيت أن يبدأ بي وبخاصتي ، حتى يكون عيشنا وعيشه واحدا ، أما والله لو أردت غير هذا من غضارة العيش لكان اللسان به ذلولا ، وكنت بأسبابه عالما ، ولكن سبق من الله كتاب ناطق ، وسنة عادلة ، دل فيها على طاعته ، ونهى فيها عن معصيته . ثم رفع طرف ردائه ، فبكى وأبكى من حوله .

حدثنا أبو حامد بن جبلة ، ثنا محمد بن إسحاق ، ثنا الحسن بن محمد الزعفراني ، ثنا محمد بن يزيد ، قال : قال وهيب : خطب عمر بن عبد العزيز ذات يوم ، فحمد الله ، وأثنى عليه بما هو أهله ، ثم قال : إن الله لم يبعث نبيا بعد محمد صلى الله عليه وسلم ، [ ولم ينزل كتابا من بعد كتابه الذي أنزله على نبيه محمد صلى الله [ ص: 296 ] عليه وسلم ، ألا وإن ما أنزل الله على محمد ] فهو الحق إلى يوم القيامة ، ألا وإني لست بمبتدع ، ولكني متبع ، ألا وإني لست بخيركم ، ولكني أثقلكم حملا ، ألا وإن السمع والطاعة واجبان على كل مسلم ، ما لم يؤمر لله بمعصية ، فمن أمر لله بمعصية ألا فلا طاعة لمخلوق بمعصية الخالق ، ألا هل أسمعت ؟ قالها ثلاثا .

حدثنا أبو حامد بن جبلة ، ثنا محمد بن إسحاق ، ثنا يحيى بن عثمان الحربي ، ثنا إسماعيل بن عياش ، عن عاصم بن رجاء بن حيوة قال : كان عمر بن عبد العزيز يخطب فيقول : أيها الناس من ألم بذنب فليستغفر الله وليتب ، [ فإن عاد فليستغفر الله وليتب ، فإن عاد فليستغفر الله وليتب ] ، فإنما هي خطايا مطوقة في أعناق الرجال ، وإن الهلاك كل الهلاك الإصرار عليها .

حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا محمد بن شبل ، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، ثنا إسماعيل بن علية ، عن أبي مخزوم ، حدثني عمر بن أبي الوليد ، قال : خرج عمر بن عبد العزيز يوم جمعة وهو ناحل الجسم ، فخطب كما يخطب ، ثم قال : أيها الناس من أحسن منكم فليحمد الله ، ومن أساء فليستغفر الله ، فإنه لا بد لأقوام من أن يعملوا أعمالا وظفها الله في رقابهم ، وكتبها عليهم .

حدثنا أبو حامد بن جبلة ، حدثنا محمد بن إسحاق ، ثنا رجاء بن الجارود ، ثنا عبد الملك بن قريب الأصمعي ، عن عدي بن المفضل ، قال : سمعت عمر بن عبد العزيز يخطب ، فقال : اتقوا الله أيها الناس وأجملوا في الطلب ، فإنه إن كان لأحدكم رزق في رأس جبل أو حضيض أرض يأته .

حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ، ح .

وحدثنا الحسن بن أنس بن عثمان الأنصاري ، ثنا أحمد بن حمدان بن إسحاق العسكري ، ثنا علي بن المديني ، قالا : ثنا معتمر بن سليمان ، قال : سمعت علي بن زيد بن جدعان يقول : شهدت عمر بن عبد العزيز يخطب بخناصرة ، فسمعته يقول : ألا إن أفضل العبادة أداء الفرائض واجتناب المحارم .

حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ، قال : قرأت على زيد بن الحباب ، حدثني الحباب ، حدثني عياش بن عقبة الحضرمي - وهو ابن عم ابن [ ص: 297 ] لهيعة - حدثني بحدل الشامي ، عن أبيه - وكان صاحبا لعمر بن عبد العزيز - أخبره قال : رأيت عمر بن عبد العزيز على المنبر يتلو هذه الآية : ( ونضع الموازين القسط ليوم القيامة ) حتى ختمها ، فمال على أحد شقيه يريد أن يقع .

حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد ، ثنا محمد بن شبل ، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، ثنا عبد الله بن إدريس ، عن أبيه ، عن أزهر - بياع الخمر - قال : رأيت عمر بن عبد العزيز بخناصرة يخطب الناس عليه قميص مرقوع .

حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا أحمد بن الحسين بن نصر ، ثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي ، ثنا موسى بن إسماعيل ، ثنا سلام بن مسكين ، قال : سمعت بعض أصحابنا يقول : إن عمر بن عبد العزيز صعد المنبر فقال : يا أيها الناس اتقوا الله ، فإن تقوى الله خلف من كل شيء ، وليس لتقوى الله خلف ، يا أيها الناس اتقوا وأطيعوا من أطاع الله ، ولا تطيعوا من عصا الله .

حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا أحمد بن الحسين ، ثنا أحمد بن إبراهيم ، ثنا موسى بن إسماعيل ، ثنا حزم ، حدثني رجل يقال له زيد ، أنه سمع عمر بن عبد العزيز يوم عيد - جاء راكبا - فنزل ونزل من معه ، ثم جاء يمشي وعليه جبة محشوة بيضاء ، وعمامة شامية صفيقة ، وسراويل يمنية ، وخفان ساذجان ، فصعد المنبر ، فأتي بعصا مضببة بفضة عرضها بين يديه ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم تلا آيات من كتاب الله ، ثم قال : أيها الناس ، إني وجدت هذا القلب لا يعبر عنه إلا باللسان ، ولعمري - وإن لعمري مني الحق - لوددت أنه ليس من الناس عبد ابتلي بسعة إلا نظر قطيعا من ماله فجعله في الفقراء والمساكين واليتامى والأرامل ، بدأت أنا بنفسي وأهل بيتي ، ثم كان الناس بعد . ثم كان آخر كلمة تكلم بها حين نزل : لولا سنة أحييها أو بدعة أميتها لم أبال أن لا أبقى في الدنيا فواقا .

حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا محمد بن يحيى ، ثنا أحمد بن عبدة ، ثنا حماد بن زيد ، ح .

وحدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا أحمد بن الحسين ، ثنا أحمد بن إبراهيم ، ثنا خلف بن الوليد ، ثنا يحيى بن زكريا ، قالا : حدثنا يحيى بن سعيد ، قال : خطب عمر بن عبد العزيز بعرفات فقال : إنكم وفد غير واحد ، وإنكم قد شخصتم [ ص: 298 ] من القريب والبعيد ، وأنضيتم الظهر وأرملتم ، وليس السابق اليوم من سبق بعيره ولا فرسه ، ولكن السابق اليوم من غفر الله له . زاد حماد في حديثه : فقال له رجل : أين أصلي المغرب ؟ فقال : حيث أدركتك من واديك هذا .

حدثنا أبو محمد ، ثنا أحمد بن الحسين ، ثنا أحمد بن عبد الجبار ، ثنا سفيان ، قال : سمعت شيخا من شيوخنا قال : سمعت عمر بن عبد العزيز وهو على المنبر بعرفة وهو يقول : اللهم زد في إحسان محسنهم ، وراجع لمسيئهم التوبة ، وحط من وراءهم بالرحمة ، قال : وأومأ بيده إلى الناس .

حدثنا أبو محمد ، ثنا أحمد ، ثنا سعيد بن عامر ، عن محمد بن عمرو قال : سمعت عمر بن عبد العزيز يخطب قال : ما أنعم الله على عبد نعمة ثم انتزعها منه فعاضه مما انتزع منه الصبر إلا كان ما عاضه خيرا مما انتزع منه ، ثم قرأ هذه الآية : ( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ) .

حدثنا عمر بن أحمد بن شاهين ، ثنا عبد الله بن محمد البغوي ، ثنا عبد الله بن عمر القواريري ، ثنا زائدة بن أبي الرقاد ، ثنا عبد الله بن العيزار ، قال : خطبنا عمر بن عبد العزيز بالشام على منبر من طين ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أيها الناس أصلحوا سرائركم تصلح علانيتكم ، واعملوا لآخرتكم تكفوا أمر دنياكم .

حدثنا أبو بكر بن خلاد ، ثنا محمد بن غالب ، ثنا القعنبي ، عن مالك بن أنس ، عن إسماعيل بن أبي حكيم ، أنه أخبره أنه سمع عمر بن عبد العزيز يقول : كان يقال : إن الله لا يعذب العامة بذنب الخاصة ، ولكن إذا عمل المنكر جهارا استحقوا العقوبة كلهم .

حدثنا حبيب بن الحسن ، ثنا جعفر بن محمد بن الفريابي ، ثنا قتيبة بن سعيد ، ثنا عرعرة بن البرند ، عن حاجب بن خليف البرجمي ، قال : شهدت عمر بن عبد العزيز يخطب الناس وهو خليفة ، فقال في خطبته : ألا إن ما سن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحباه فهو دين نأخذ به وننتهي إليه ، وما سن سواهما فإنا نرجئه .

حدثنا عمر بن أحمد بن شاهين ، حدثنا نصر بن القاسم الفرائضي ، ثنا عبد الله بن [ ص: 299 ] عمر القواريري ، ثنا المنهال بن عيسى ، ثنا غالب القطان ، قال : قال عمر بن عبد العزيز : اللهم إن لم أكن أهلا أن أبلغ رحمتك ، فإن رحمتك أهل أن تبلغني ، رحمتك وسعت كل شيء ، وأنا شيء ، فلتسعني رحمتك يا أرحم الراحمين . اللهم إنك خلقت قوما فأطاعوك فيما أمرتهم ، وعملوا في الذي خلقتهم له ، فرحمتك إياهم كانت قبل طاعتهم لك يا أرحم الراحمين .

التالي السابق


الخدمات العلمية