صفحة جزء
326 - نوف البكالي

ومنهم المرغب في المحاسن والمعالي نوف بن أبي فضالة البكالي ، كان للكتب قاريا ، وإلى المحامد داعيا وعن المحاذر ناهيا ، وقيل : إن التصوف الدعاء إلى الارتفاع والإيماء إلى الارتداع .

حدثنا محمد بن معمر ، ثنا أبو شعيب الحراني ، ثنا يحيى بن عبد الله البابلتي ، ثنا الأوزاعي ، حدثني يحيى بن أبي عمرو الشيباني ، حدثني نوف البكالي ، قال : كان عمرو البكالي إذا افتتح موعظة قال : ألا تحمدون ربكم الذي حضر غيبتكم وأخذ سهمكم وجعل وفادة القوم لكم ، وذلك أن موسى - عليه السلام - وفد ببني إسرائيل فقال الله لهم : " إني قد جعلت لكم الأرض مسجدا حيثما صليتم منها تقبلت صلاتكم إلا في ثلاث مواطن فإنه من صلى فيهن لم أقبل صلاته : المقبرة والحمام والمرحاض " قالوا : لا إلا في كنيسة ، قال : وجعلت لكم التراب طهورا إذا لم تجدوا الماء ، قالوا : لا ! إلا بالماء " قال : وجعلت لكم حيثما صلى الرجل وكان وحده تقبلت صلاته ، قالوا : لا ، إلا في جماعة .

حدثنا أبي ، ثنا عبد الله بن محمد بن عمران ، ثنا عمرو بن علي ، ثنا معاذ بن هشام ، حدثني أبي ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن نوف البكالي ، قال : انطلق موسى - عليه السلام - بوفادة بني إسرائيل فناجاه ربه فقال : إني أبسط لكم الأرض طهورا ومسجدا تصلون حيث أدركتكم الصلاة إلا في حمام أو مرحاض أو عند قبر ، وأجعل السكينة في قلوبكم وإني أنزل عليكم التوراة تقرءونها على ظهر ألسنتكم رجالكم ونساؤكم وصبيانكم ، قالوا : لا نصلي إلا في كنيسة ولا نجعل السكينة في قلوبنا ، نجعل لها تابوتا تحمل فيه ولا نقرأ كتابنا إلا نظرا ، قال الله تعالى : [ ص: 49 ] ( فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون الذين يتبعون الرسول النبي الأمي ) إلى قوله : ( لعلكم تهتدون ) قال موسى - عليه السلام - : يا رب اجعلني نبيهم ، قال : إن نبيهم منهم ، قال : يا رب أخرني حتى تجعلني منهم ، قال : إنك لن تدركهم ، قال موسى : يا رب جئت بوفادة بني إسرائيل فكانت الوفادة لغيرهم ، قال الله تعالى : ( ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون ) فكان نوف البكالي يقول : احمدوا ربكم الذي شهد غيبتكم وأخذ بسهمكم ، وجعل وفادة بني إسرائيل لكم ، رواه جرير عن ليث بن أبي سليم ، عن شهر بن حوشب مثله .

حدثنا محمد بن جعفر بن حفص أبو بكر المغازلي ، ثنا محمد بن العباس الأخرم ، ثنا محمد بن عبدة ، ثنا مصعب بن المقدام ، ثنا سفيان الثوري ، عن نسير بن ذعلوق ، قال : سمعت نوفا يقول في قوله تعالى : ( ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا ) قال : الذراع سبعون باعا ، الباع ما بينك وبين مكة ، قال هذا وهو بالكوفة .

حدثنا أبي ، وأبو محمد بن حيان ، قالا : ثنا إبراهيم بن محمد ، ثنا أحمد بن سعيد ، ثنا عبد الله بن وهب ، أنبأنا الليث بن سعد ، أنبأنا خالد بن يزيد ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن القرظي ، عن نوف البكالي - وكان يقرأ الكتب - قال : إني لأجد أناسا من هذه الأمة في كتاب الله المنزل قوما يحتالون للدنيا بالدين ، ألسنتهم أحلى من العسل ، وقلوبهم أمر من الصبر ، يلبسون للناس مسوك الضأن وقلوبهم قلوب الذئب ، يقول الرب تعالى : فعلي تجترئون وبي تغترون ، حلفت بنفسي لأبعثن عليهم فتنة تترك الحليم فيها حيران ، قال القرظي : تدبرتها في القرآن فإذا هم المنافقون : ( ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ) ( ومن الناس من يعبد الله على حرف ) .

حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني محمد بن عبيد بن حساب ، ثنا جعفر بن سليمان ، عن أبي عمران الجوني ، عن نوف البكالي ، قال : أوحى الله إلى الجبال : إني نازل على جبل منكم فشمخت الجبال كلها إلا جبل الطور فإنه تواضع وقال : أرضى بما قسم الله لي ، قال : فكان الأمر عليه .

[ ص: 50 ] حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد ، ثنا عبيد الله بن عمر القواريري ، ثنا معاذ بن هشام ، حدثني أبي ، عن عامر الأحول ، عن عبد الملك بن عامر ، عن نوف ، قال : قال إبراهيم - عليه السلام - : يا رب إنه ليس في الأرض أحد يعبدك غيري ، قال : فأنزل الله تعالى ثلاثة آلاف ملك فأمهم ثلاثة أيام .

حدثنا أبو بكر ، ثنا عبد الله ، حدثني أبي ، ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ، ثنا أبي ، ثنا أبو عمران ، عن نوف : أن موسى - عليه السلام - لما نودي ، قال : ومن أنت الذي تناديني ؟ قال :أنا ربك الأعلى .

حدثنا أبو بكر ، ثنا عبد الله ، حدثني أبي ، ثنا أبو الزبير ح ، وحدثنا محمد بن أحمد بن الحسين ، ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، ثنا منجاب ، ثنا عبد الرحيم بن سليمان ، قالا : ثنا إسرائيل ، عن سماك ، عن نوف الشامي ، قال : مكث موسى - عليه السلام - في آل فرعون بعدما غلب السحرة أربعين عاما - وقال منجاب : عشرين سنة - يريهم الآيات الجراد والقمل والضفادع .

حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد ، حدثني علي بن مسلم ، ثنا سيار ، ثنا جعفر ، ثنا أبو عمران الجوني ، عن نوف البكالي ، قال : مثل هذه الأمة مثل المرأة الحامل يرجى لها الفرج على رأس ولدها ، وهذه الأمة إذا لج بها البلاء لم يكن لها فرج دون الساعة .

حدثنا محمد بن أحمد ، ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، ثنا عبد الله بن الحكم ، ثنا سيار ، ثنا جعفر ، قال : سمعت أبا عمران الجوني ، وأبا هارون العبدي يقولان : سمعنا نوفا ، يقول : إن الدنيا مثلت على طير ، فإذا انقطع جناحاه وقع ، وإن جناحي الأرض مصر والبصرة وإذا خربتا ذهبت الدنيا .

حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، ثنا محمد بن عبيد بن حساب ، ثنا جعفر بن سليمان ، ثنا أبو عمران الجوني ، عن نوف ، قال : قال عزير فيما يناجي ربه عز وجل : تخلق خلقا فتضل وتهدي من تشاء ؟ قال : فقيل : يا عزير أعرض عن هذا ، لتعرضن عن هذا أو لأمحونك من النبوة ، إني لا أسأل عما أفعل وهم يسألون .

[ ص: 51 ] حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد ، حدثني عبيد الله بن عمر القواريري ، ثنا جعفر بن سليمان ، عن أبي عمران الجوني ، عن نوف ، قال : كانت مريم - عليها السلام - فتاة بتولا وكان زكريا - عليه السلام - زوج أختها كفلها فكانت معه ، قال : فكان يدخل عليها يسلم عليها قال : فتقرب إليه فاكهة الشتاء في الصيف وفاكهة الصيف في الشتاء ، قال : فدخل عليها زكريا - عليه السلام - مرة فقربت إليه بعض ما كانت تقرب ، قال : ( يامريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب هنالك دعا زكريا ربه قال رب هب لي من لدنك ذرية طيبة ) الآية ، قال : فبينا هي جالسة في منزلها إذا رجل قائم بين يديها قد هتك الحجب ، فلما رأته قالت : ( إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا ) فلما ذكرت الرحمن فزع جبريل - عليه السلام - وقال : ( إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا ) إلى قوله تعالى : ( وكان أمرا مقضيا ) فنفخ جبريل - عليه السلام - في جيبها فحملت حتى إذا أثقلت وجعت كما توجع النساء ، فلما وجعت كانت في بيت النبوة فاستحيت فهربت حياء من قومها نحو المشرق ، وخرج قومها في طلبها يسألون عنها فلا يخبرهم عنها أحد ، فأخذها المخاض فتساندت إلى النخلة وقالت : ( ياليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا ) قال : حيضة بعد حيضة ( فناداها من تحتها ) قال جبريل - عليه السلام - من أقصى الوادي : ( ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا ) قال : جدولا ( وهزي إليك بجذع النخلة ) إلى قوله ( فلن أكلم اليوم إنسيا ) فلما قال لها جبرائيل اشتد ظهرها وطابت نفسها فقطعت سرره ولفته في خرقة وحملته ، قال : فلقي قومها راعي بقر وهم في طلبها قالوا : يا راعي هل رأيت فتاة كذا وكذا ؟ قال : لا ، ولكن رأيت البارحة في بقري شيئا لم أره منها قط فيما خلا ، قالوا : وما رأيت منها ؟ قال : رأيتها باتت سجدا نحو هذا الوادي ، فانطلقوا حيث وصف لهم ، فلما رأتهم مريم - عليها السلام - وقد جلست ترضع عيسى - عليه السلام - فجاءوا حتى قاموا عليها وقالوا لها : ( يامريم لقد جئت شيئا فريا ) قال : أمرا عظيما : ( ياأخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا ) قال أبو عمران : قال نوف : فأشارت إليه أن [ ص: 52 ] كلموه فعجبوا منها ( قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا ) قال نوف : المهد حجرها ، فلما قالوا ذلك ترك عيسى - عليه السلام - ثديها واتكأ على يساره ثم تكلم ( قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا ) إلى قوله : ( أبعث حيا ) قال : فاختلف الناس فيه .

حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد ، حدثني أبي ، ثنا عبد الرحمن بن مهدي ، ثنا معاوية بن صالح ، عن سليم بن عامر ، قال : أرسلتني أم الدرداء إلى نوف البكالي وإلى رجل آخر كان يقص في المسجد ، فقالت : قل لهما : اتقيا الله ولتكن موعظتكما الناس موعظتكما لأنفسكما .

حدثنا أبو بكر ، ثنا عبد الله ، حدثني أبو الربيع الزهراني ، ثنا أبو قدامة الحارث بن عبيد ، عن عامر الأحول ، قال : سئل نوف عن قوله تعالى : ( وجعلنا بينهم موبقا ) قال : واد بين أهل الضلالة وأهل الإيمان .

حدثنا الحسين بن محمد ، ثنا محمد بن عبد الله بن غيلان ، ثنا الحسين بن الجنيد ، ثنا مصعب بن المقدام ، عن سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن نوف ، في قوله تعالى : ( وشروه بثمن بخس ) قال : البخس : الظلم ، والثمن عشرون درهما .

أخبرنا أبو أحمد محمد بن أحمد بن إبراهيم - في كتابه - ، ثنا محمد بن أيوب ، ثنا موسى بن إسماعيل ، ثنا حماد بن سلمة ، عن أبي عمران الجوني ، عن نوف : أن نبيا ، أو صديقا ذبح عجلا بين يدي أمه فتخبل ، فبينا هو ذات يوم تحت شجرة وفيها وكر طائر وفيه فرخ فوقع الفرخ وفغر فاه وجعل يصي ، فرحمه فأعاده في وكره فأعاد الله إليه قوته .

حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا علي بن عبد العزيز ، ثنا حجاج بن المنهال ، ثنا حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن مطرف بن عبد الله : أن نوفا وعبد الله بن عمرو اجتمعا ، فقال نوف : أجد في التوراة أن السماوات والأرض ومن فيهن لو كان طبقا واحدا من حديد فقال رجل : لا إله إلا الله لخرقتهن حتى تنتهي إلى الله عز وجل .

حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا أبو مسلم الكشي ، ثنا عبد العزيز بن الخطاب ، [ ص: 53 ] ثنا سهل بن شعيب النهمي ، عن أبي علي الصيقل ، عن عبد الأعلى ، عن نوف ، قال : رأيت علي بن أبي طالب - رضي الله تعالى عنه - خرج فنظر إلى النجوم فقال : يا نوف أراقد أنت أم رامق ؟ قلت : بل رامق يا أمير المؤمنين ، فقال : يا نوف طوبى للزاهدين في الدنيا والراغبين في الآخرة ، أولئك قوم اتخذوا الأرض بساطا وترابها فراشا وماءها طيبا والقرآن والدعاء دثارا وشعارا ، قرضوا الدنيا على منهاج المسيح عليه السلام ، يا نوف إن الله تعالى أوحى إلى موسى - عليه السلام - أن مر بني إسرائيل أن لا يدخلوا بيتا من بيوتي إلا بقلوب طاهرة وأبصار خاشعة وأيد نقية فإني لا أستجيب لأحد منهم ولأحد من خلقي عنده مظلمة ، يا نوف لا تكونن شاعرا ولا عريفا ولا شرطيا ولا جابيا ولا عشارا ، فإن داود - عليه السلام - قام في ساعة من الليل فقال : إنها ساعة لا يدعو عبد إلا استجيب له فيها إلا أن يكون عريفا أو شرطيا أو جابيا أو عشارا أو صاحب عرطبة - وهي الطنبور - أو صاحب كوبة ، وهي الطبل . حدثنا أبي ، ثنا محمد بن يحيى بن عيسى البصري ، ثنا أبو موسى ، ثنا أبو داود ، ثنا سهل بن شعيب النهمي ، قال : سمعت عبد الأعلى - وأثنى عليه معروفا - يحدث عن نوف ، قال : رأيت علي بن أبي طالب ، فذكر مثله .

حدثنا أحمد بن جعفر بن معبد ، ثنا أحمد بن مهدي ، ثنا قبيصة ، ثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن الحكم ، عن نوف ، قال : كانت النمل في زمان سليمان - عليه السلام - أمثال الذباب .

التالي السابق


الخدمات العلمية