صفحة جزء
381 - حماد بن زيد

ومنهم الإمام الرشيد ، الآخذ بالأصل الوكيد ، المتمسك بالمنهج الحميد ، نزل من العلوم بالمحل الرفيع ، وتوصل إلى الأصول بالوسيط المنيع ، اقتبس الآثار عن الأخيار ، وأخذ الأعمال عن الأبرار ، أكبر فوائده في الأقضية والأحكام ، وأبلغ مواعظه في مراعاة الأبنية والأعلام ، أبو إسماعيل حماد بن زيد .

حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق الثقفي ، قال : سمعت أبا قدامة عبيد الله بن سعيد ، يقول : سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول : ما رأيت أحدا أعرف بالسنة من حماد بن زيد .

حدثنا إبراهيم ، ثنا محمد ، قال : سمعت أبا قدامة يقول : سمعت عبد الرحمن بن مهدي ، يقول : من أدركت من الناس كان الأئمة منهم أربعة : مالك بن أنس ، [ ص: 258 ] وحماد بن زيد ، وسفيان بن سعيد وذكر الرابع ونسيته إن لم يكن - قال - ابن المبارك ، فلا أدري من هو .

حدثنا إبراهيم بن إسحاق ، ثنا أبو العباس السراج ، قال : سمعت أحمد بن سعيد الدارمي ، يقول : سمعت أبا عاصم ، يقول : مات حماد بن زيد يوم مات ولا أعلم له في الإسلام نظيرا في هيبته ودله ، أظنه قال : وسمته .

حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا أحمد بن علي الأبار ، ثنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق ، حدثني أبي : قال : قال عبد الله بن المبارك :


أيها الطالب علما ايت حماد بن زيد     فاطلب العلم بحلم
ثم قيده بقيد     لا كثور وكجهم
وكعمرو بن عبيد



يعني بثور ، ثور بن يزيد .

حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أحمد الدورقي ، ثنا سليمان بن حرب ، قال : سمعت حماد بن زيد - وذكر هؤلاء الجهمية - ، فقال : إنما يحاولون أن يقولوا ليس في السماء شيء . حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا عباس الأسقاطي ، ثنا سليمان بن حرب ، قال : سمعت حماد بن زيد يقول : سمعت أيوب السختياني يقول وذكر نحوه .

حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، ثنا محمد بن إسحاق الصاغاني ، ثنا عبد الله بن يوسف الحيري ، ثنا فطر بن حماد بن واقد ، قال : سألت حماد بن زيد فقلت : يا أبا إسماعيل إمام لنا يقول : القرآن مخلوق أصلي خلفه ؟ قال : لا ، ولا كرامة .

حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا طالب بن فسره الأدنى ، ثنا محمد بن عيسى بن الطباع ، حدثني أخي إسحاق بن عيسى ، قال : كنا عند حماد بن زيد ومعنا وهب بن جرير ، فذكرنا شيئا من قول أبي حنيفة ، قال حماد بن زيد : اسكت ولا يزال الرجل منكم داحضا في بوله يذكر أهل البدع في مجلس عشيرته حتى يسقط من أعينهم ، ثم أقبل علينا حماد ، فقال : أتدرون ما كان أبو حنيفة ، إنما كان يخاصم [ ص: 259 ] في الإرجاء فلما تخوف على مهجته تكلم في الرأي ، فقاس سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعضها ببعض ليبطلها ، وسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقاس .

حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني منصور بن أبي مزاحم ، قال : سمعت أبا علي العذري ، يقول لحماد بن زيد : مات أبو حنيفة . قال : الحمد لله الذي كنس بطن الأرض به .

حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، ثنا حاتم بن الليث ، ثنا خالد بن خداش ، قال : حماد بن زيد من عقلاء الناس وذوي الألباب .

حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، ثنا عبد الله بن محمد بن عبيد ، قال : سمعت خالد بن خداش ، يقول : سمعت حماد بن زيد ، يقول : لئن قلت إن عليا أفضل من عثمان لقد قلت إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد خانوا .

حدثنا إبراهيم ، ثنا محمد بن إسحاق ، ثنا محمد بن غالب ، ثنا أمية بن بسطام ، قال : سمعت يزيد بن زريع يقول يوم مات حماد بن زيد : مات اليوم سيد المسلمين .

حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، ثنا عبد الله بن محمد بن العباس ، ثنا سلمة بن شبيب ، ثنا سهل بن عاصم ، ثنا أبو روح الفرج بن سعيد الصوفي ، عن حماد بن زيد ، قال : اجتمع أيوب السختياني ، ويونس بن عبيد ، وابن عون ، وثابت البناني في بيت ، فقال ثابت : يا هؤلاء كيف يكون العبد إذا دعا الله فاستجاب له دعاءه ؟ قال ابن عون : يكون البلاء في نفسه ، قال ثابت : فإنه يعرضه العجب بما صنع الله به ، فقال يونس بن عبيد : لا يكون العبد يعجب بصنع الله به إلا وهو مستدرج ، فقال أيوب : وما علامة المستدرج ؟ قال : إن العبد إذا كانت له عند الله منزلة فحفظها وأبقى عليها ثم شكر الله أعطاه الله أشرف من المنزلة الأولى ، وإذا هو ضيع الشكر استدرجه الله وكان تضييعه للشكر استدراجا من الله له ، وإن العبد المستدرج يكون له فيما بينه وبين الله تيسير وحبس ، فعليه ينكر العجب عن معرفة الاستدراج ، وإن العبد المستدرج إذا ألقي في [ ص: 260 ] قلبه شيء من الشكر حمله شكره على التفقد من أين أتي ، فإذا عرف ذلك خضع وإذا خضع أقال الله عثرته ، قال حماد : إن ابن عمر سئل عن الاستدراج فقال : ذاك مكره بالعباد المضيعين ، قال : فبكوا جميعا ، ثم رفع أيوب يده من بينهم ، وقال : يا عالم الغيب والشهادة لا توفيق لنا إن لم توفقنا ، ولا قوة لنا إن لم تقونا ، فقال يونس : به وجدنا طعم القوة من دعائك يا أبا بكر . قال : وكان أيوب يعرفه أصحابه أن له دعوة مستجابة .

التالي السابق


الخدمات العلمية