صفحة جزء
21 - عبد الله بن مسعود

ومن طبقة السابقين المهاجرين ، المعروفين بالنسك من المعمرين ، القارئ الملقن ، والغلام المعلم ، والفقيه المفهم ، صاحب السواد والسرار ، والسباق والبدار ، أقربهم وسيلة ، وأرجحهم فضيلة ، كان من الرفقاء والنجباء والوزراء والرقباء : عبد الله بن مسعود ، الكلف بالمعبود ، والشاهد للمشهود ، والحافظ للعهود ، والسائل الذي ليس بمردود .

وقد قيل : إن التصوف مشاهدة المشهود ، ومراعاة العهود ، ومحاماة الصدود .

حدثنا أبو بكر بن خلاد ، ثنا الحارث بن أبي أسامة ، ثنا أبو نعيم ، ثنا الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة قال : جاء رجل إلى عمر بن الخطاب فقال : إني جئتك من عند رجل يمل المصحف عن ظهر قلب ، ففزع عمر وغضب وقال : ويحك انظر ما تقول ؟ قال : ما جئتك إلا بالحق . قال : من هو ؟ قال : عبد الله بن مسعود ، قال : ما أعلم أحدا أحق بذلك منه ، وسأحدثك عن عبد الله : إنا سمرنا ليلة في بيت عند أبي بكر في بعض ما يكون من حاجة النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم خرجنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي بيني وبين أبي بكر ، فلما انتهينا إلى المسجد إذا رجل يقرأ ، فقام النبي صلى الله عليه وسلم يستمع إليه ، فقلت : يا رسول الله أعتمت ، فغمزني بيده اسكت ، قال : فقرأ وركع وسجد ، وجلس يدعو ويستغفر ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : سل تعطه ، ثم قال : من سره أن يقرأ القرآن رطبا كما أنزل فليقرأ قراءة ابن أم عبد ، فعلمت أنا وصاحبي أنه عبد الله ، فلما أصبحت غدوت إليه لأبشره ، فقال : سبقك بها أبو بكر ، وما سابقته إلى خير قط إلا سبقني إليه . رواه الثوري وزائدة عن الأعمش نحوه ، ورواه حبيب بن حسان ، عن زيد بن وهب ، عن [ ص: 125 ] عمر مثله . ورواه شعبة وزهير وحديج ، عن أبي إسحاق ، عن أبي عبيدة ، عن عبد الله ، ورواه عاصم عن زر عن عبد الله .

التالي السابق


الخدمات العلمية