صفحة جزء
حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا محمد بن أبي رزيق بن جامع المصري ، ح . وحدثنا إسحاق بن أحمد بن علي ، ثنا إبراهيم بن يوسف ، ثنا أحمد بن أبي الحواري ، قالا : ثنا عبد الله بن سليمان أبو محمد الثبدي ، ثنا محمد بن يوسف الفريابي ، عن سفيان الثوري ، قال : " دخلت على بنت أم حسان الأسدية وفي جبهتها مثل ركبة العنز أثر السجود ، وليس به خفاء ، فقلت لها : يا بنت أم حسان ، ألا تأتين عبد الله بن شهاب بن عبد الله ، فرفعت إليه رقعة ، لعله أن يعطيك من زكاة ماله ما تغيرين به بعض الحالة التي أراها بك ؟ فدعت بمعجر لها فاعتجرت به فقالت : يا سفيان ، لقد كان لك في قلبي رجحان كثير ، أو كبير ، فقد ذهب الله برجحانك من قلبي ، يا سفيان ، تأمرني أن أسأل الدنيا من لا يملكها ؟ وعزته وجلاله ، إني أستحي أن أسأله الدنيا وهو يملكها ، قال سفيان : وكان إذا جن عليها الليل دخلت محرابا لها ، وأغلقت عليها ثم نادت : إلهي ، خلا كل حبيب بحبيبه ، وأنا خالية بك يا محبوب ، فما كان من سجن تسجن به من عصاك إلا جهنم ، ولا عذاب إلا النار ، قال سفيان : فدخلت عليها بعد ثلاث ، فإذا الجوع قد أثر في وجهها ، فقلت لها : يا بنت أم حسان ، إنك لن تؤتي أكثر مما أوتي موسى والخضر عليهما السلام إذ أتيا أهل القرية ، استطعما أهلها ، فقالت : يا سفيان ، قل الحمد لله فقلت : الحمد لله ، فقالت : اعترفت له بالشكر ؟ قلت : نعم ، قالت : وجب عليك من معرفة الشكر شكر ، وبمعرفة الشكرين شكر لا ينقضي أبدا ، قال سفيان : فقصر والله علمي ، وفسد لساني ، وما أقوم بشكر كلما أعترف له بنعمة وجب علي بمعرفة النعمة شكر ، وبمعرفة الشكرين شكر ، فوليت وأنا أريد الخروج ، فقالت : يا سفيان ، كفى بالمرء جهلا أن يعجب بعمله [ ص: 10 ] ، وكفى بالمرء علما أن يخشى الله ، اعلم أنه لن تنقى القلوب من الردى حتى تكون الهموم كلها في الله هما واحدا ، قال سفيان : فقصرت والله إلي نفسي " .

حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا أحمد بن محمد بن صدقة ، ثنا علي بن محمد بن أبي المضاء المصيصي ، ثنا خلف بن تميم ، ثنا أبو حذيفة العجلي ، عن سفيان الثوري ، قال : " أتدرون ما تفسير : لا حول ولا قوة إلا بالله ؟ يقول : لا يعطي أحد إلا ما أعطيت ، ولا يقي أحد إلا ما وقيت " .

حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا أحمد بن محمد بن صدقة ، ثنا علي بن محمد بن أبي المضاء ، ثنا خلف بن تميم ، قال : " دخل إياس بن عمرو بن يزيد بن عقال مسجد سفيان الثوري ، فقال : أبلغك يا أبا عبد الله أن قول لا إله إلا الله عشر حسنات ، والحمد لله ، والله أكبر عشر ؟ فقال : كذا أبلغنا ، وقال : فما تقول فيمن كسب ثلاثين ألف درهم من غير حقها وقال : أقعد وأسبح وأحمد وأكبر حتى أعمل من الحسنات بعدد هذه ؟ فقال سفيان الثوري : فليردها قبل ، فإنه لا يقبل له ذكر إلا بردها " .

حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا علي بن أحمد بن النضر ، قال : سمعت عثمان بن أبي شيبة ، يقول : سمعت معاوية بن هشام ، يقول : سمعت سفيان الثوري ، يقول : " إنما سميت الدنيا لأنها دنية ، وسمي المال لأنه يميل بأهله " .

حدثنا محمد بن عمر بن سلم ، ثنا عبد الله بن بشر بن صالح ، ثنا أبو سعيد الكندي ، ثنا أبو خالد الأحمر ، قال : سمعت سفيان الثوري ، يقول : " كان أقوام يدعون إلى الحلال فلا يقبلونه ، ويقولون : نخاف منه على أنفسنا " .

حدثنا عبد الله بن محمد بن عطاء ، حدثني أبي ، ثنا محمد بن مسلم ، ثنا سلمة بن شبيب ، ثنا مبارك أبو حماد ، قال : سمعت سفيان الثوري ، يقرأ على علي بن الحسن : " يا أخي اطلب العلم لتعمل به ، ولا تطلبه لتباهي به العلماء ، وتماري به السفهاء ، وتأكل به الأغنياء ، وتستخدم به الفقراء ، فإن لك من علمك ما عملت به ، وعليك ما ضيعت منه ، فقد بلغنا - والله أعلم - أنه من طلب الخير صار غريبا في زماننا ، ولا تستوحش ، واستقم على سبيل ربك ، فإنك إن فعلت ذلك كان [ ص: 11 ] مولاك الله تعالى ، وجبريل ، وصالحو المؤمنين ، واشتغل بذكر عيوب نفسك عن ذكر عيوب غيرك ، واحزن على ما قد مضى من عمرك في غير طلب آخرتك ، وأكثر من البكاء على ما قد أوقرت به ظهرك ، لعلك تتخلص منها ، ولا تمل من الخير وأهله ، ولا تباعد عنهم ، فإنهم خير لك ممن سواهم ، ومل الجهال وباطلهم ، وتباعد عنهم ، فإنه لن ينجو من جاورهم ، إلا من عصم الله ، وإن أردت اللحاق بالصالحين فاعمل بأعمال الصالحين ، واكتف بما أصبت من الدنيا ، ولا تنس من لا ينساك ، ولا تغفل عمن قد وكل بك ، يحصي أثرك ، ويكتب عملك ، راقب الله في سريرتك ، وعلانيتك ، وهو رقيب عليك ، واستح ممن هو معك وهو أقرب إليك من حبل الوريد ، اعرف فاقة نفسك ، وحقارة منزلتها ، فإنك حقير فقير إلى ربك ، وابك على نفسك وارحمها ، فإنك إن لم ترحمها لم ترحم ، ولا تغشها ، ولا توردها ، وخذ منها لك ، فإنك بيومك ، ولست بغدك ، وكأن الموت قد نزل بك ، ولا تغفل غفلة الغافلين والجاهلين ، وأكثر من البكاء على نفسك ، فلست من الضحك بسبيل إن عقلت ، فقد بلغت - والله أعلم - أن الله تعالى عير أقواما في كتابه بالضحك ، وترك البكاء فقال ( أفمن هذا الحديث تعجبون وتضحكون ولا تبكون وأنتم سامدون ) ومدح أقواما في كتابه فقال : ( ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا ) ، وقد بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إذا أحب الله قوما ابتلاهم ، فمن رضي فله الرضى ، ومن سخط فله السخط " .

وقد بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " كم من نعمة لله في عرق ساكن " .

حدثنا أبي ، ثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن يزيد الزهري ، ثنا أبو طاهر ، ثنا المسيب بن واضح ، قال : سمعت أبا إسحاق الفزاري ، يقول : سمعت سفيان الثوري ، يقول : " البكاء عشرة أجزاء ، تسعة لغير الله ، وواحد لله ، فإذا جاء الذي لله في السنة مرة فهو كثير " .

حدثنا أبي ، ثنا محمد بن أحمد ، ثنا أبو طاهر ، ثنا المسيب بن واضح ، ثنا [ ص: 12 ] يوسف بن أسباط ، عن سفيان ، قال : " يأتي على الناس زمان لا تقر فيه عين حكيم " .

حدثنا أبي ، ثنا محمد بن أحمد ، ثنا أبو سيار ، ثنا عبيد بن جناد ، ثنا خلف بن تميم ، قال : سمعت سفيان الثوري ، يقول : " من أحب أفخاذ النساء لم يفلح " .

حدثنا أبي ، ثنا محمد بن أحمد ، ثنا إسماعيل بن عبد الله ، ثنا المسيب بن واضح ، قال : سمعت عبد الله بن المبارك ، يقول : سئل سفيان الثوري : " طلب العلم أحب إليك يا أبا عبد الله أو العمل ؟ فقال : " إنما يراد العلم للعمل ، لا تدع طلب العلم للعمل ، ولا تدع العمل لطلب العلم " .

حدثنا القاضي أبو أحمد محمد بن أحمد ، ثنا أبو عمرو بن عقبة ، ثنا الحسن بن عرفة ، ثنا ابن أبي غنية ، عن سفيان الثوري ، قال : " مر عابد براهب ، فقال العابد : يا راهب ، ما بلغ - أحسبه قال - من عبادتك ؟ قال الراهب : ينبغي لمن يعلم أن الجنة حق ، والنار حق أن لا تأتي عليه ساعة إلا وهو قائم يصلي ، قال العابد : إني لأبكي حتى ينبت العشب من دموع عيني ، قال الراهب : إن الذي يضحك ويقر خير من الذي يبكي ويدل ، لأن المدل لا تجاوز صلاته رأسه " .

التالي السابق


الخدمات العلمية