صفحة جزء
حدثنا عبد الله بن محمد بن عطاء ، حدثني أبي ، ثنا محمد بن مسلم ، ثنا سلمة بن شبيب ، ثنا مبارك أبو حماد ، قال : سمعت سفيان الثوري ، يقرأ على علي بن الحسن : " واعلم أن السنة سنتان : سنة أخذها هدى ، وتركها ضلالة ، وسنة أخذها هدى وتركها ليس بضلالة ، وأن الله لا يقبل نافلة حتى تؤدى الفريضة ، وأن لله حقا بالليل لا يقبله بالنهار ، وحقا بالنهار لا يقبله بالليل ، وأنه يحاسب العبد يوم القيامة بالفرائض ، فإن جاء بها تامة قبلت فرائضه ونوافله ، وإن لم يؤدها وأضاعها لحقت النوافل بالفرائض ، فإن شاء غفر له ، وإن شاء عذبه ، وأولى الفرائض الانتهاء عن الحرام والمظالم ، وأن الله تعالى يقول في كتابه : ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ) " الآية وقال : ( إن الله نعما يعظكم به ) وقال تعالى : ( وتزودوا فإن خير الزاد التقوى ) وإنما عنى به التقوى عن المظالم أن تتناولوها فتنفقوها في أعمال البر ، يا أخي ، عليك بتقوى الله ، ولسان صادق ، ونية خالصة ، وأعمال شتى صالحة ، ليس فيها غش ولا خدعة ، فإن الله يراك وإن لم تكن تراه ، وهو معك أينما كنت لا يسقط عليه شيء من أمرك ، لا تخدع الله فيخدعك ، فإنه من يخادع الله يخدعه ويخلع منه الإيمان ونفسه لا تشعر ، ولا تمكرن بأحد من المسلمين المكر السيئ ، فإنه لا يحيق المكر السيئ إلا بأهله ، ولا تبغين على أحد من المسلمين ، فإن الله تعالى يقول : ( ياأيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم ) ولا تغش أحدا من المؤمنين ، فقد بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من غش مؤمنا فقد برئ من المؤمنين " ولا تخدعن أحدا من المؤمنين فيكون نفاقا في قلبك ، ولا تحسدن ، ولا تغتابن فتذهب حسناتك ، وقد كان بعض الفقهاء يتوضأ من الغيبة كما يتوضأ من الحدث ، وأحسن سريرتك يحسن الله علانيتك ، وأصلح فيما بينك وبين الله يصلح الله فيما بينك وبين الناس ، واعمل لآخرتك يكفك الله أمر دنياك ، بع دنياك بآخرتك تربحهما جميعا ، ولا تبع آخرتك بدنياك فتخسرهما جميعا " .

حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا محمد بن عبدوس بن كامل ، ثنا محمد بن الحسن [ ص: 36 ] الجوهري ، قال : سمعت بشر بن الحارث ، يقول : " الذي أنا عليه ، بل كل الذي أنا عليه ، جامع سفيان " .

حدثنا سليمان ، ثنا زكريا الساجي ، قال : سمعت سلمة بن شبيب ، يقول : سمعت عبد الرزاق ، يقول : سمعت محمد بن مسلم الطائفي ، يقول : " إذا رأيت عراقيا فاستعذ بالله من شره ، وإذا رأيت سفيان الثوري فاسأل الله الجنة " .

حدثنا سليمان ، ثنا عبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم ، ثنا محمد بن يوسف الفريابي ، قال : سمعت سفيان الثوري ، يقول : " ما سألت أبا حنيفة عن شيء قط ، وربما لقيني فسألني " .

حدثنا سليمان ، ثنا محمد بن صالح بن الوليد ، ثنا محمد بن يحيى الأزدي ، ثنا عبد الله بن داود الحربي ، عن تميم ، عن أبي إسحاق الفزاري ، قال : سمعت الأوزاعي ، يقول : " إذا مات ابن عون وسفيان الثوري استوى الناس " .

حدثنا سليمان ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ، ثنا أبو أحمد الزبيري ، قال : سمعت سفيان ، يقول : " كان يقال : تعوذوا بالله من فتنة العابد الجاهل ، والعالم الفاجر ، فإن فتنتهما فتنة لكل مفتون " .

حدثنا سليمان ، ثنا أحمد بن علي الأبار ، ثنا أبو هشام الرفاعي ، قال : سمعت داود بن يحيى بن يمان يحدث عن أبيه ، قال : قال رجل لسفيان الثوري : إني أحبك ، قال : " كيف لا تحبني ، ولست بابن عمي ولا جاري " .

حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا بشر بن موسى ، ثنا مفرج أبو شجاع ، ثنا أبو زيد محمد بن حسان ، عن ابن المبارك ، قال : قال سفيان : " إياكم والبطنة ، فإنها تقسي القلب ، واكظموا الغيظ ، ولا تكثروا الضحك ، فإنه يميت القلوب " .

حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا زكريا الساجي ، ثنا محمد بن موسى الجرشي ، ثنا حماد بن عيسى الجهني ، قال : رأيت سفيان الثوري بمكة قد أكل شيئا ، فأدخل يده في الرمل فدلكها ، قلت : يا أبا عبد الله ، لو غسلتها ؟ قال : " إنما هي أيام قلائل " .

حدثنا سليمان ، ثنا معاذ بن المثنى ، ثنا إبراهيم بن بشار ، ثنا سفيان بن عيينة ، قال : قال سفيان الثوري : " كنت إذا رأيت الرجال يجتمعون إلى أحد [ ص: 37 ] غبطته ، فلما ابتليت بها وددت أني نجوت منهم كفافا لا علي ، ولا لي " .

حدثنا سليمان ، ثنا أحمد بن محمد بن صدقة ، ثنا علي بن محمد بن أبي المضاء ، ثنا خلف بن تميم ، عن سليمان بن ناجية ، قال : سمعت سفيان الثوري ، يقول : " إني لأعرف حب الرجل للدنيا بتسليمه على أهل الدنيا " .

حدثنا أحمد بن إسحاق ، ثنا أبو بكر بن أبي عاصم ، ثنا الحسين بن الحسن المروزي ، قال : سمعت عبد الرحمن بن مهدي ، يقول : الناس يزعمون أن سفيان كان يؤخر العصر ، وأشهد لقد تتبع المساجد عندنا التي تعجل ، ويشرب فيها النبيذ ، وأشهد لقد وصفت له دواء في مرضه ، فقلت له : نأتيك بنبيذ ؟ فقال : " لا ، ائتني بعسل وماء " .

حدثنا أحمد بن إسحاق ، ثنا أبو بكر بن أبي عاصم ، ثنا حسين بن الحسن المروزي ، ثنا الحسن بن علي ، ثنا أبو أسامة ، قال : قال سفيان : رآني مجمع - يعني التيمي - وعلي إزار خلق ، فدعاني فقال : " خذ هذا فاشتر به إزارا ، فدفع إلي أربعة دراهم " .

حدثنا أحمد ، ثنا أبو بكر ، ثنا أبو عمير ، ثنا أبو سهم الحكم الكلبي ، قال : وقفت على سفيان الثوري فقلت : يا أبا عبد الله ، فرفع رأسه إلي فقال : " هذه مسائل أهل القرى " .

حدثنا أحمد ، ثنا أبو بكر ، ثنا أبو عمير ، ثنا عبد الغفار بن الحسن ، قال : كان سفيان الثوري إذا سئل عن شيء من هذه العجائب أشار بيده إلى مقاتل بن سليمان - يعني : " اذهبوا إليه " .

حدثنا أحمد بن إسحاق ، ثنا أبو بكر بن أبي عاصم ، ثنا أبو جعفر محمد بن داود ، ثنا عيسى بن يونس ، قال : " كان سفيان الثوري إذا رأى الرجل عليه قلنسوة شاشية لم يحدثه " .

حدثنا أحمد ، ثنا أبو بكر ، ثنا الحسن بن البزار ، ثنا محمد بن يزيد بن خنيس ، قال : سمعت سفيان الثوري ، يقول : " جلست ذات يوم ومعنا سعيد بن السائب الطائفي ، فجعل سعيد يبكي حتى رحمته ، فقلت له : يا سعيد ، ما يبكيك وأنت [ ص: 38 ] سمعتني أذكر أهل الجنة ؟ " قال سعيد : يا سفيان ، ما يمنعني أن أبكي ؟ وإذا ذكرت مناقب الخير رأيتني عنها بمعزل ؟ قال : سفيان : " وحق له أن يبكي " .

حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، ثنا قتيبة بن سعيد ، ثنا محمد بن يزيد الخنيسي ، قال : سمعت رجلا ، قال لسفيان : " لو أنك نشرت ما عندك من العلم رجوت أن ينفع الله به بعض عباده فتؤجر على ذلك " قال سفيان : " والله لو أعلم بالذي يطلب هذا العلم يريد به ما عند الله لكنت أنا الذي آتيه في منزله فأحدثه بما عندي مما أرجو أن ينفعه الله به " .

حدثنا إبراهيم ، ثنا محمد ، ثنا قتيبة ، ثنا محمد بن يزيد ، قال : سمعت سفيان الثوري ، يقول : " بلغني أنه يأتي على الناس زمان تمتلئ قلوبهم في ذلك الزمان من حب الدنيا فلا تدخله الخشية " قال سفيان : " وأنت تعرف ذلك إذا ملأت جرابا من شيء حتى يمتلئ فأردت أن تدخل فيه غيره لم تجد لذلك من خلاء " .

حدثنا إبراهيم ، ثنا محمد ، ثنا قتيبة ، ثنا الخنيسي ، قال : سمعت سفيان الثوري ، إذا حدث الناس في المسجد الحرام وفرغ من الحديث يقول : " قدموا إلي الطبيب - يعني وهيب بن الورد - " .

حدثنا أبي ، ثنا محمد بن أحمد بن يزيد ، ثنا أبو غسان أحمد بن محمد بن إسحاق قال : سمعت الأصمعي ، يقول : أما سفيان الثوري فإنه أوصى أن تدفن كتبه - وكان ندم على أشياء كتبها عن قوم - وقال : " حملني عليه شهرة الحديث " .

حدثنا أبي ، ثنا محمد ، ثنا الحجاج بن يوسف ، ثنا ابن غزالة ، قال : قال سفيان : " الفاجر الراجي لرحمة الله أقرب إلى الله من العابد الذي يرى أنه لا ينال ما عند الله إلا بعمله " .

حدثنا أبي ، ثنا محمد بن أحمد بن يزيد ، ثنا هارون بن سليمان ، قال : سمعت محمد بن النعمان ، يقول : كان سفيان بمكة فمرض ومعه الأوزاعي ، فدخل عليه عبد الصمد بن علي ، فحول وجهه إلى الحائط ، فقال الأوزاعي لعبد الصمد : إن أبا عبد الله سهر البارحة ، فلعله أن يكون نائما ، فقال سفيان : " لست بنائم ، لست بنائم " ، فقام عبد الصمد ، فقال الأوزاعي لسفيان : أنت ستقتل ، لا يحل لأحد [ ص: 39 ] أن يصحبك .

حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا أبو بكر بن معدان ، ثنا عبد الله بن خبيق ح . وحدثنا عبد المنعم بن عمر بن عبد الله ، ثنا أحمد بن محمد بن زياد ، ثنا الحضرمي ، ثنا عبد الله بن خبيق ، ثنا الهيثم بن حميد ، عن المفضل بن مهلهل ، قال : " خرجت حاجا مع سفيان ، فلما صرنا إلى مكة وافينا الأوزاعي بها ، فاجتمعنا أنا والأوزاعي وسفيان في دار قال : وكان على الموسم عبد الصمد بن علي الهاشمي ، فدق داق الباب ، فقلنا : من هذا ؟ قال : الأمير ، فقام الثوري فدخل المخدع ، وقام الأوزاعي فتلقاه ، فقال له عبد الصمد بن علي : من أنت أيها الشيخ ؟ قال : أبو عمرو الأوزاعي قال : حياك الله بالسلامة ، أما إن كتبك كانت تأتينا فكنا نقضي حوائجك ، ما فعل سفيان الثوري ؟ قال : قلت : دخل المخدع ، فدخل الأوزاعي في إثره ، فقال : إن هذا الرجل ما قصد إلا قصدك ، فخرج سفيان مغضبا فقال : " سلام عليكم ، كيف أنتم ؟ " فقال له عبد الصمد : أتيتك أكتب هذه المناسك عنك ، فقال له سفيان : " أولا أدلك على ما هو أنفع لك منها ؟ " قال : وما هو ؟ قال : " تدع ما أنت فيه " ، فقال : وكيف أصنع بأمير المؤمنين أبي جعفر ؟ قال : " إن أردت الله كفاك أبا جعفر " ، فقال له الأوزاعي : يا أبا عبد الله ، إن هؤلاء ليس يرضون منك إلا بالإعظام لهم ، فقال له : يا أبا عمرو ، إنا لسنا نقدر أن نضربهم ، وإنما نؤذيهم بمثل هذا الذي ترى ، قال مفضل : فالتفت إلي الأوزاعي فقال : قم بنا من هاهنا ، فإني لا آمن هذا يبعث من يضع في رقابنا حبالا ، وإن هذا ما يبالي " .

حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد بن إبراهيم ، ثنا أحمد بن محمد بن الحسن ، ثنا عبد الله بن خبيق ، ثنا يوسف بن أسباط ، قال : سمعت سفيان الثوري ، يقول : " ما رأيت الزهد في شيء أقل منه في الرياسة ، ترى الرجل يزهد في المطعم والمشرب والمال والثياب ، فإذا تورع في الرياسة حامى عليها وعادى " .

حدثنا القاضي أبو أحمد محمد بن أحمد ، ثنا أحمد بن محمد ، ثنا عبد الله بن [ ص: 40 ] خبيق ، ثنا عبد الرحمن بن عبد الله ، قال : قال سفيان الثوري : " النظر إلى وجه الظالم خطيئة ، ولا تنظروا إلى الأئمة المضلين إلا بإنكار من قلوبكم عليهم ، لئلا تحبط أعمالكم " .

حدثنا أبو أحمد ، ثنا أحمد بن علي بن الجارود ، ثنا عبد الله بن سعيد الكندي ، ثنا أبو خالد ، قال : قال سفيان : " ولا تنظروا إلى دورهم ، ولا إليهم إذا مروا على المراكب " .

حدثنا أبو أحمد ، ثنا سلم بن عصام ، ثنا رسته ، قال : سمعت خيرا ، يقول : سمعت سفيان الثوري ، يقول - وذكروا له أمر السلطان وطلبهم إياه - فقال : " أترون أني أخاف هوانهم ، إنما أخاف كرامتهم " .

حدثنا أبو أحمد ، ثنا عبد الرحمن بن الحسن ، حدثني محمد بن سليمان ، ثنا عبد الله بن سلمة ، قال : سمعت يحيى بن سليم الطائفي ، يقول : بعث محمد بن إبراهيم الهاشمي إلى سفيان الثوري بمائتي دينار ، فأبى أن يقبلها فقلت : يا أبا عبد الله ، كأنك لا تراها حلالا ؟ قال : " بلى ، ما كان آبائي وأجدادي إلا في العطية ، ولكن أكره أن أذل لهم " .

حدثنا محمد بن علي ، ثنا أبو عروبة ، ثنا الإسماعيلي ، ثنا أحمد بن يونس ، ثنا أبو شهاب ، قال : كنت ليلة مع سفيان الثوري فرأى نارا من بعيد ، فقال : " ما هذا ؟ " فقلت : نار صاحب الشرطة ، فقال : " اذهب بنا في طريق آخر لا نستضيء بنارهم ، أو قال : بنورهم " .

حدثنا محمد بن علي ، ثنا أحمد بن عبيد الله الدارمي الأنطاكي ، ثنا عبد الله بن خبيق ، ثنا عبيد بن جناد ، ثنا عطاء بن مسلم ، قال : " لما استخلف المهدي بعث إلى سفيان ، فلما دخل خلع خاتمه ، فرمى به إليه فقال : يا أبا عبد الله ، هذا خاتمي فاعمل في هذه الأمة بالكتاب والسنة ، فأخذ الخاتم بيده وقال : " تأذن في الكلام يا أمير المؤمنين ؟ " قال عبيد : قلت لعطاء : يا أبا مخلد ، قال له : يا أمير المؤمنين ؟ قال : نعم ، قال : " أتكلم على أني آمن ؟ " قال : نعم ، قال : " لا تبعث إلي حتى آتيك ، ولا تعطني شيئا حتى أسألك " ، قال : فغضب من ذلك وهم به ، فقال له كاتبه : أليس قد أمنته يا أمير المؤمنين ؟ قال : بلى ، فلما خرج حف به أصحابه فقالوا : ما منعك [ ص: 41 ] يا أبا عبد الله وقد أمرك أن تعمل في هذه الأمة بالكتاب والسنة ؟ قال : فاستصغر عقولهم ، ثم خرج هاربا إلى البصرة " .

حدثنا محمد بن علي ، ثنا عبد الله بن أحمد بن عيسى ، ثنا الحسين بن معاذ الحجبي ، ثنا أبو هشام ، ثنا داود ، عن أبيه ، قال : " كنت مع سفيان الثوري فمررنا بشرطي نائم وقد حان وقت الصلاة ، فذهبت أحركه ، فصاح سفيان : " مه " ، فقلت : يا أبا عبد الله ، يصلي فقال : " دعه لا صلى الله عليه ، فما استراح الناس حتى نام هذا " .

حدثنا محمد بن علي ، ثنا عبد الله بن عباس البلدي - بملطية - ثنا محمد بن عبد الله ، عن أبي السري ، عن الأشجعي ، عن سفيان ، قال : " إن استرشدك أحد من هؤلاء الطريق فلا ترشده " .

حدثنا عبد المنعم بن عمر ، ثنا أحمد بن محمد ، ثنا جعفر بن وهب ، ثنا أحمد - يعني ابن سنان - قال : سمعت عبد الرحمن بن مهدي ، يقول : سمعت سفيان ، يقول : " لما أخذت فأدخلت على المهدي قلت : قد وقعت يا نفس فاستمسكي ، فلما دخلت إذا إلى جنبي أبو عبيد الله ، فقال أبو عبيد الله : ألست سفيان الثوري ؟ قلت : بلى ! قال : إن كتبك لتأتينا أحيانا ، قلت : ما كتبت إليك كتابا قط ، قال : فأي شيء دخله " .

حدثنا عبد المنعم ، ثنا أحمد أبو داود ، ثنا أبو بكر بن أبي النضر ، حدثني خلف بن تميم الكوفي ، قال : سمعت سفيان الثوري ، يقول : " إن الرجل ليستعير من السلاطين الدابة والسرج ، أو اللجام فيتغير قلبه لهم " .

حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، قال : سمعت محمد بن سهل بن عسكر ، قال : سمعت عبد الرزاق ، يقول : " بعث أبو جعفر الخشابين حين خرج إلى مكة ، فقال : إن رأيتم سفيان الثوري فاصلبوه قال : فجاء النجارون فنصبوا الخشب ، ونودي سفيان ، وإذا رأسه في حجر فضيل بن عياض ، ورجلاه في حجر ابن عيينة ، فقالوا له : يا أبا عبد الله ، اتق الله ولا تشمت بنا الأعداء ، قال : فتقدم إلى الأستار ثم دخله ثم أخذه وقال : " برئت منه إن دخلها أبو جعفر " ، قال : [ ص: 42 ] فمات قبل أن يدخل مكة ، فأخبر بذلك سفيان فلم يقل شيئا " .

حدثنا أبو بكر الطلحي ، ثنا الحسن بن يحيى ، ثنا أحمد بن جواس ، حدثني محمد بن عبد الوهاب ، قال : كان وهيب المكي يقول : " ما فعل الذي بالعراق ؟ الذي يجفو الأمراء ، ويدني الفقراء ، ما فعل ؟ " .

حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن ، ثنا سعيد بن محمد البيروتي ، ثنا محمد بن أبي داود الأزدي ، قال : سمعت عبد الرزاق ، يقول : " أخذ أبو جعفر بتلباب الثوري ، وحول وجهه إلى الكعبة فقال : يا رب ، برب هذه البنية ، أي رجل رأيتني ؟ قال : " برب هذه البنية بئس الرجل رأيتك ، وأطلق يده " .

حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا إبراهيم بن محمد ، ثنا سعد بن محمد ، ثنا محمد بن زاهر ، أن يحيى بن يمان ، قال : سمعت سفيان الثوري ، يقول : " ما يريد مني أبو جعفر ؟ فوالله لئن قمت بين يديه لأقولن له : قم من مقامك ، فغيرك أولى به منك " .

حدثنا أبو محمد ، ثنا محمد بن يحيى ، حدثني إبراهيم بن سعيد ، ثنا حيان : قال : قال ابن المبارك : قيل لسفيان الثوري : لو دخلت عليهم قال : " إني أخشى أن يسألني الله عن مقامي ما قلت فيه ؟ " قيل له : تقول وتتحفظ ، قال : " تأمروني أن أسبح في البحر ولا تبتل ثيابي ؟ " قال حيان : وبلغني أنه قال : " ليس أخاف ضربهم ، ولكني أخاف أن يميلوا علي بدنياهم ، ثم لا أرى سيئتهم سيئة " .

حدثنا أبو محمد ، ثنا الفتح بن إدريس ، ثنا سلمة بن شبيب ، قال : سمعت يزيد بن أبي حكيم ، يقول : كنا بالمسجد الحرام ، فأخذ الناس بالبيعة ، وعلى سفيان إزار ورداء جديدان ، فجاء إلى رجل مسكين عليه ثوبان خلقان ، فقال سفيان : " هل لك أن تأخذ ثوبي الجديدين وتعطيني الخلقين ؟ " قال : فاغتنم وقال : نعم ، فأعطاه الجديدين ، وأخذ الخلقين فلبسهما ، ثم جاء إلى المسجد ، فأخذه الحراس فألقوه خارجا من المسجد ، وقالوا له : يا ساسي ، أنت ما تصنع هاهنا ؟ " .

[ ص: 43 ] حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا أبو الحسن بن الظهراني ، ثنا محمد بن هارون أبو جعفر ، قال : سمعت الفريابي ، يقول : سمعت سفيان الثوري ، يقول : " أدخلت على أبي جعفر بمنى ، فقلت له : اتق الله ، إنما أنزلت هذه المنزلة وصرت في هذا الموضع بسيوف المهاجرين والأنصار ، وأبناؤهم يموتون جوعا ، حج عمر بن الخطاب فما أنفق إلا خمسة عشر دينارا ، وكان ينزل تحت الشجر " ، فقال لي : أتريد أن أكون مثلك ؟ قلت : " لا تكون مثلي ، ولكن كن دون ما أنت فيه ، وفوق ما أنا فيه " ، فقال لي : اخرج ، قال أبو جعفر : كتبه عني بشر بن الحارث " .

حدثنا سليمان بن أحمد ، حدثني علي بن رستم الأصبهاني ، ثنا محمد بن عصام بن يزيد خير قال : سمعت أبي يقول : وجهني سفيان وكتب معي إلى المهدي وإلى وزيره أبي عبد الله ، ويعقوب بن داود ، وأدخلت عليه فجرأ كلامي فقال : " لو جاءنا أبو عبد الله لوضعنا أيدينا في يده وارتدينا برداء ، واتزرنا بآخر ، وخرجنا إلى السوق ، فأمرنا بالمعروف ونهينا عن المنكر ، فإذا توارى عنا مثل أبي عبد الله ، لقد جاء قراؤكم الذين هم قراؤكم فأمروني ونهوني ، ووعظوني وبكوا والله لي وتباكيت لهم ، ثم لم يفجأني من أحدهم إلا أن أخرج من كمه رقعة : أن افعل بي كذا ، وافعل بي كذا ، ففعلت ذلك بهم ، ومقتهم عليه ، وإنما كتب إليه لأنه طال مهربه أن يعطيه الأمان ، فأمنه ، وقدمت عليه البصرة بالأمان ثم قال : اخرج إلى أهلك ، فقد طالت غيبتك فألم بهم ، ثم الحق بي بالكوفة ، فإني منتظرك حتى تجيء ، فمرض بعده بالبصرة ، ومات رحمه الله " .

حدثنا سليمان بن أحمد ، حدثني علي بن رستم ، قال : سمعت محمد بن عصام بن يزيد ، يقول : قال أبي : لما أراد سفيان أن يوجهني إلى المهدي قلت له : إني غلام جبلي ، لعلي أسقط بشيء فأفضحك ، فقال لي : " ترى هؤلاء الذين يجيئوني لو قلت لأحدهم ، لظن أني قد أسديت إليهم معروفا ، ولكن قد رضيت بك ، قل ما تعلم ، ولا تقل ما لا تعلم " ، قال محمد : قال أبي : فلما رجعت إلى سفيان قلت : لأي شيء تهرب من الرجل ؟ والرجل يقول : لو جاء لخرجت معه إلى السوق فأمرنا ونهينا ؟ [ ص: 44 ] فقال : " يا ناعس ، حتى يعمل بما يعلم ، فإذا عمل بما يعلم لم يسعنا إلا أن نذهب فنعلمه ما لا يعلم " .

حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبو حفص عمرو بن علي قال : سمعت يحيى بن سعيد ، يقول : أملى علي سفيان الثوري كتابا كتبه إلى المهدي فقال : اكتب : " من سفيان بن سعيد ، إلى محمد بن عبد الله " ، فقلت : إذا كتبت هذا لم يقرأه ، فقال : " اكتب كما تريد " ، فكتبت ، ثم قال : " اكتب ، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو تبارك وتعالى ، وهو للحمد أهل ، وهو على كل شيء قدير " ، فقلت لسفيان : من كان يكتب هذا الصدر ؟ فقال : " حدثني منصور ، عن إبراهيم ، أنه كان يكتبه " .

حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا محمد بن الحسن بن قتيبة ، ثنا محمد بن خلف العسقلاني ، ثنا رذاذ بن الجراح ، قال : سمعت سفيان الثوري ، يقول : " هلاك هذه الأمة إذا ملك الخصيان " .

التالي السابق


الخدمات العلمية