صفحة جزء
ومن مفاريد أقواله لمراعاة أحواله ، حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، ثنا مصعب الزبيري ، حدثني مالك بن أنس ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، أن عمر دخل على أبي بكر وهو يجبذ لسانه ، فقال له عمر : مه ؟ غفر الله لك ، فقال أبو بكر : إن هذا أوردني الموارد .

حدثنا أبي ، ثنا عبد الرحمن بن الحسن ، ثنا هارون بن إسحاق ، أنبأنا عبدة ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن طارق بن شهاب ، قال : قال أبو بكر الصديق - رضي الله تعالى عنه - : طوبى لمن مات في النانات ؟ قيل : وما النانات ؟ قال : جدة الإسلام .

حدثنا أبي ، ثنا عبد الرحمن بن الحسن ، ثنا هارون بن إسحاق ، ثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي صالح :

[ ص: 34 ] لما قدم أهل اليمن زمان أبي بكر وسمعوا القرآن جعلوا يبكون ، قال : فقال أبو بكر : هكذا كنا ، ثم قست القلوب .

قال الشيخ رحمه الله : ومعنى قوله : قست القلوب ، قويت واطمأنت بمعرفة الله تعالى .

حدثنا الحسين بن محمد بن سعيد ، ثنا محمد بن عزيز ، ثنا سلامة بن روح ، عن عقيل ، قال : قال ابن شهاب : أخبرني عروة بن الزبير ، عن أبيه ، أن أبا بكر - رضي الله تعالى عنه - خطب الناس فقال : يا معشر المسلمين ، استحيوا من الله عز وجل ، فوالذي نفسي بيده ، إني لأظل حين أذهب إلى الغائط في الفضاء متقنعا بثوبي استحياء من ربي عز وجل . رواه ابن المبارك عن يونس نحوه .

حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : حدثني أبي ، ثنا وكيع ، عن مالك بن مغول ، عن أبي السفر ، قال : قال : مرض أبو بكر - رضي الله تعالى عنه - فعادوه ، فقالوا : ألا ندعوا لك الطبيب ؟ قال : قد رآني ، قالوا : فأي شيء قال لك ؟ قال : قال : إني فعال لما أريد .

حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا أبو الزنباع ، ثنا سعيد بن عمير ، قال : حدثني علوان بن داود البجلي ، عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف ، وعن صالح بن كيسان ، عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف ، عن أبيه ، قال : دخلت على أبي بكر - رضي الله تعالى عنه - في مرضه الذي توفي فيه ، فسلمت عليه فقال : رأيت الدنيا قد أقبلت ولما تقبل وهي جائية ، وستتخذون ستور الحرير ، ونضائد الديباج ، وتألمون ضجائع الصوف الأزري كأن أحدكم على حسك السعدان ، ووالله لأن يقدم أحدكم فيضرب عنقه - في غير حد - خير له من أن يسبح في غمرة الدنيا .

حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ، ثنا الوليد بن مسلم ، ثنا الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي كثير ، أن أبا بكر الصديق - رضي الله تعالى عنه - كان يقول في خطبته : أين الوضآء ، الحسنة وجوههم ، المعجبون بشبابهم ؟ أين الملوك الذين بنوا المدائن وحصنوها بالحيطان ، أين الذين كانوا يعطون الغلبة في مواطن الحرب ؟ قد تضعضع بهم الدهر ، فأصبحوا في ظلمات القبور ، الوحا [ ص: 35 ] الوحا ، النجاء النجاء .

التالي السابق


الخدمات العلمية