صفحة جزء
أخبرني جعفر بن محمد بن نصير - في كتابه - وحدثني عنه محمد بن إبراهيم بن نصر المنصوري ، ثنا إبراهيم بن بشار ، قال : وقف رجل صوفي على إبراهيم بن أدهم فقال : يا أبا إسحاق ! لم حجبت القلوب عن الله ؟ قال : لأنها أحبت [ ص: 13 ] ما أبغض الله ، أحبت الدنيا ومالت إلى دار الغرور واللهو واللعب ، وتركت العمل لدار فيها حياة الأبد ، في نعيم لا يزول ولا ينفد ، خالدا مخلدا في ملك سرمد لا نفاد له ولا انقطاع ، قال : وسمعت إبراهيم بن أدهم يقول : إذا أردت أن تعرف الشيء بفضله فاقلبه بضده ، فإذا أنت قد عرفت فضله ، اقلب الأمانة إلى الخيانة ، والصدق إلى الكذب ، والإيمان إلى الكفر ، فإذا أنت قد عرفت فضل ما أوتيت ، قال : وسمعت إبراهيم يقول : إن للموت كأسا لا يقوى على تجرعه إلا خائف وجل طائع كان يتوقعه ، فمن كان مطيعا فله الحياة والكرامة والنجاة من عذاب القبر ، ومن كان عاصيا نزل بين الحسرة والندامة يوم الصاخة والطامة ، قال إبراهيم بن بشار : فقلت لإبراهيم بن أدهم : أمر اليوم أعمل في الطين ، فقال : يا ابن بشار إنك طالب ومطلوب يطلبك من لا تفوته ، وتطلب ما قد كفيته ، كأنك بما غاب عنك قد كشف لك ، وكأنك بما أنت فيه قد نقلت عنه ، يا ابن بشار كأنك لم تر حريصا محروما ، ولا ذا فاقة مرزوقا ، ثم قال لي : ما لك حيلة ، قلت : لي عند البقال دانق ، قال : عز علي بك ، تملك دانقا وتطلب العمل ؟ قال : وسمعت إبراهيم ، يقول يوما لأبي ضمرة الصوفي - وقد رآه يضحك - : يا أبا ضمرة لا تطمعن فيما لا يكون ، فقلت له : يا أبا إسحاق أيش معنى هذا ؟ فقال : ما فهمته ؟ قلت : لا ، قال : لا تطمعن في بقائك وأنت تعلم أن مصيرك إلى الموت ، فلم يضحك من يموت ولا يدري إلى أين يصير بعد موته إلى جنة أم إلى نار ؟ ولا تيأس مما يكون ، إنك لا تدري أي وقت يكون الموت ، صباحا أو مساء ، بليل أو نهار ؟ ثم قال : أوه ، أوه ، ثم سقط مغشيا عليه .

حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، ثنا أحمد بن الحسين الحذاء ، ثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي ، ثنا عبيد بن الوليد الدمشقي ، أخبرني أحمد بن يحيى أن إبراهيم بن أدهم قال : إن الصائم القائم المصلي الحاج المعتمر الغازي من أغنى نفسه عن الناس .

حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا أحمد بن الحسين ، ثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي [ ص: 14 ] حدثني إبراهيم بن بكر ، قال : سمعت أبا صالح الجدي يقول : سمعت إبراهيم بن أدهم ، يقول : المسألة مسألتان ، مسألة على أبواب الناس ، ومسألة يقول الرجل ألزم المسجد وأصلي وأصوم وأعبد الله ، فمن جاءني بشيء قبلته ، فهذه شر المسألتين ، وهذا قد ألحف في المسألة .

حدثنا عبد الله ، ثنا أحمد ، ثنا أبو جعفر محمد بن مصعب ، حدثني أبو علي الجرجاني ، قال : سمعت إبراهيم يقول : نظرت إلى قاتل خالي بمكة - قتله وهو ساجد - قال : فوجس في قلبي عليه شيء ، فلم أزل أدير قلبي حتى أجاب أن لقيته فسلمت عليه واشتريت له طبقا من لطف فأهديت إليه ، قال : فسل ذلك عن قلبي .

التالي السابق


الخدمات العلمية