صفحة جزء
ومن أقواله الدالة على أحواله تحفظه من الآفات ، وتزوده من الساعات .

وقد قيل : إن التصوف تصحيح المعاملة ، لتصحيح المنازلة .

حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ، ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي ، ثنا مالك بن مغول ، ثنا أبو يعفور ، عن المسيب [ ص: 130 ] بن رافع ، عن عبد الله بن مسعود ، قال : ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بليله إذا الناس نائمون ، وبنهاره إذا الناس يفطرون ، وبحزنه إذا الناس يفرحون ، وببكائه إذا الناس يضحكون ، وبصمته إذا الناس يخلطون ، وبخشوعه إذا الناس يختالون . وينبغي لحامل القرآن أن يكون باكيا محزونا ، حكيما حليما عليما سكيتا . وينبغي لحامل القرآن أن لا يكون جافيا ، ولا غافلا ، ولا صخابا ولا صياحا ، ولا حديدا .

حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا محمد بن علي الصايغ ، ثنا سعيد بن منصور ، ثنا أبو عوانة ، عن الأعمش ، عن يحيى بن وثاب . قال : قال ابن مسعود : إني لأكره أن أرى الرجل فارغا ، لا في عمل الدنيا ، ولا في عمل الآخرة .

حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا محمد بن شبل ، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، ثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن المسيب بن رافع ، قال : قال عبد الله بن مسعود : إني لأمقت الرجل أن أراه فارغا ليس في شيء من عمل الدنيا ، ولا عمل الآخرة .

حدثنا سليمان بن أحمد بن النضر الأزدي ، ثنا معاوية بن عمرو . وثنا زائدة ، عن الأعمش ، عن خيثمة ، قال : قال عبد الله : لا ألفين أحدكم جيفة ليل ، قطرب نهار .

وسمعت أبا بكر بن مالك يقول : قال عبد الله بن أحمد بن حنبل : حكي لي عن ابن عيينة أنه قال : القطرب الذي يجلس ههنا ساعة ، وههنا ساعة .

حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن ، ثنا بشر بن موسى ، ثنا خلاد بن يحيى ، ثنا مسعر ، عن زبيد ، عن مرة ، عن عبد الله ، قال : ما دمت في صلاة فأنت تقرع باب الملك ، ومن يقرع باب الملك يفتح له .

حدثنا أحمد بن جعفر ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ، ثنا وكيع ، عن مسعر ، عن معن ، قال : قال عبد الله بن مسعود : إن استطعت أن تكون أنت المحدث ، وإذا سمعت الله يقول : ( ياأيها الذين آمنوا ) فارعها سمعك ، فإنه خير يأمر به ، أو شر ينهى عنه .

حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا الدبري ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص ، قال : قال ابن مسعود : إن هذا القرآن مأدبة الله ، فمن استطاع أن يتعلم منه شيئا فليفعل ، فإن أصفر البيوت من الخير الذي [ ص: 131 ] ليس فيه من كتاب الله شيء ، وإن البيت الذي ليس فيه من كتاب الله شيء كخراب البيت الذي لا عامر له ، وإن الشيطان يخرج من البيت الذي تسمع فيه سورة البقرة .

حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا محمد بن أبي سهل ، ثنا عبد الله بن محمد العبسي ، ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي ، ثنا هارون بن عنترة ، عن عبد الرحمن بن الأسود ، عن أبيه ، قال : قال عبد الله : إنما هذه القلوب أوعية فاشغلوها بالقرآن ، ولا تشغلوها بغيره .

حدثنا أبو أحمد الغطريفي ، ثنا أبو خليفة ، ثنا مسلم بن إبراهيم ، ثنا قرة بن خالد ، عن عون بن عبد الله ، قال : قال لي عبد الله : ليس العلم بكثرة الرواية ، ولكن العلم الخشية .

حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ، ثنا محمد بن فضيل ، ثنا يزيد - يعني ابن أبي زياد - عن إبراهيم ، عن علقمة ، قال : قال عبد الله : تعلموا العلم فإذا علمتم فاعملوا .

حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ، ثنا عبد الرحمن ، ثنا معاوية بن صالح ، عن عدي بن عدي ، قال : قال ابن مسعود : ويل لمن لا يعلم ، ولو شاء الله لعلمه ، وويل لمن يعلم ، ثم لا يعمل سبع مرات .

حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن ، ثنا بشر بن موسى ، ثنا يحيى بن إسحاق ، حدثني أبو عوانة ، عن هلال الوزان ، عن عبد الله بن عكيم ، قال : سمعت ابن مسعود - في هذا المسجد - يبدأ باليمين قبل الكلام ، فقال : ما منكم من أحد إلا أن ربه تعالى سيخلو به كما يخلوا أحدكم بالقمر ليلة البدر ، فيقول : يا ابن آدم ما غرك بي ؟ ابن آدم ماذا أجبت المرسلين ، ابن آدم ماذا عملت فيما علمت ؟ .

حدثنا محمد بن إسحاق ، ثنا إبراهيم بن سعدان ، ثنا بكر بن بكار ، ثنا المسعودي ، عن القاسم ، قال : قال ابن مسعود : إني لأحسب الرجل ينسى العلم كان تعلمه ، للخطيئة يعملها .

قال أبو نعيم : وكان لفضول الدنيا من أهل وولد شانيا ، وعلى نفسه وأحواله وأوراده زاريا ، ولما منحه الله عز وجل من توحيده راجيا .

وقد قيل : إن التصوف حث النفس على النجا ، للاعتلاء على الخوف والرجا .

حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، ثنا عبد الله بن أحمد ، حدثني أبي ، ثنا هشيم ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن أبي جحيفة ، قال : قال عبد الله : ذهب صفو الدنيا [ ص: 132 ] وبقي كدرها ، فالموت اليوم تحفة لكل مسلم .

حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا محمد بن شبل ، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، ثنا عبد الله بن إدريس ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن أبي جحيفة ، قال : قال عبد الله : إنما الدنيا كالثغب ذهب صفوه وبقي كدره .

حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا عمر بن حفص السدوسي ، ثنا عاصم بن علي ، قال : ثنا المسعودي ، ثنا علي بن بذيمة ، عن قيس بن حبتر ، عن عبد الله قال : ألا حبذا المكروهان : الموت ، والفقر ، وايم الله إن هو إلا الغنى أو الفقر . وما أبالي بأيهما ابتليت . إن كان الغنى إن فيه للعطف ، وإن كان الفقر إن فيه للصبر .

حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ثنا يزيد ، ثنا المسعودي ، عن عون بن عبد الله ، قال : قال عبد الله : لا يبلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يحل بذروته ، ولا يحل بذروته حتى يكون الفقر أحب إليه من الغنى ، والتواضع أحب إليه من الشرف ، وحتى يكون حامده وذامه عنده سواء ، قال : ففسرها أصحاب عبد الله ، قالوا : حتى يكون الفقر في الحلال ، أحب إليه من الغنى في الحرام . والتواضع في طاعة الله أحب إليه من الشرف في معصية الله . وحتى يكون حامده وذامه عنده في الحق سواء .

حدثنا أبو محمد بن حبان ، ثنا عبد الرحمن بن محمد بن سلم ، ثنا هناد بن السري ، ثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن شمر بن عطية ، عن مغيرة بن سعد بن الأخرم ، عن أبيه ، قال : قال عبد الله : والله الذي لا إله غيره ، ما يضر عبدا يصبح على الإسلام ويمسي عليه ما أصابه في الدنيا .

حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا محمد بن سهل ، ثنا عبد الله بن محمد العبسي ، ثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن إبراهيم التيمي ، عن الحارث بن سويد ، قال : قال عبد الله : والذي لا إله غيره ، ما أصبح عند آل عبد الله ما يرجون أن يعطيهم الله به خيرا ، أو يدفع عنهم به سوءا ، إلا أن الله قد علم أن عبد الله لا يشرك به شيئا .

حدثنا أحمد بن جعفر ، ثنا عبد الله بن أحمد ، حدثني أبي ، ثنا يحيى بن سعيد ، عن مجالد ، أخبرني عامر بن [ ص: 133 ] مسروق ، قال : قال رجل عند عبد الله : ما أحب أن أكون من أصحاب اليمين ، أكون من المقربين أحب إلي ، قال : فقال عبد الله : لكن هناك رجل ود لو أنه إذا مات لم يبعث - يعني نفسه - .

حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا محمد بن علي الصايغ ، ثنا سعيد بن منصور ، ثنا أبو معاوية ، ثنا السري بن يحيى ، عن الحسن ، قال : قال عبد الله بن مسعود : لو وقفت بين الجنة والنار فقيل لي اختر نخيرك من أيهما تكون أحب إليك ؟ أو تكون رمادا ، لأحببت أن أكون رمادا .

أخبرنا عبد الله بن محمد ، ثنا محمد بن أسد ، ثنا أبو داود الطيالسي ، ثنا شعبة ، عن الأعمش ، عن إبراهيم التيمي ، أن الحارث بن سويد ، قال : قال ابن مسعود : لو تعلمون علمي لحثوتم التراب على رأسي .

حدثنا عبد الرحمن بن العباس ، ثنا إبراهيم بن إسحاق الحربي ، ثنا أبو الوليد ، ثنا مبارك بن فضالة ، عن الحسن ، قال : ثنا أبو الأحوص ، قال : دخلنا على ابن مسعود وعنده بنون ثلاثة كأمثال الدنانير ، فجعلنا ننظر إليهم ففطن بنا ، فقال : كأنكم تغبطوني بهم ؟ قلنا : وهل يغبط الرجل إلا بمثل هؤلاء ، فرفع رأسه إلى سقف بيت له قصير قد عشش فيه خطاف ، فقال : لأن أكون نفضت يدي من تراب قبورهم ، أحب إلي من أن يقع بيض هذا الخطاف فينكسر .

حدثنا عبد الرحمن بن العباس ، ثنا إبراهيم الحربي ، ثنا مسدد ، ثنا إسماعيل ، عن الجريري ، عن أبي عثمان ، عن ابن مسعود : أنه كان يجالسه بالكوفة ، فبينما هو يوم في صفة له وتحته فلانة وفلانة - امرأتان ذواتا منصب وجمال - وله منهما ولد كأحسن الولد ، إذ شقشق على رأسه عصفور ثم قذف أذى بطنه ، فنكته بيده ، وقال : لأن يموت آل عبد الله ، ثم أتبعهم أحب إلي من أن يموت هذا العصفور .

التالي السابق


الخدمات العلمية