صفحة جزء
حدثنا أبو مسلم عبد الرحمن بن محمد بن جعفر ، ثنا أحمد بن عيسى بن ماهان ، ثنا سعيد بن العباس الرازي الصوفي ، ثنا أبي قال : سمعت حاتما الأصم يقول : قال شقيق البلخي : من عمل بثلاث خصال أعطاه الله الجنة : أولها معرفة الله عز وجل بقلبه ، ولسانه ، وسمعه وجميع جوارحه ، والثاني أن يكون بما في يد الله أوثق مما في يديه ، والثالث يرضى بما قسم الله له وهو مستيقن أن الله تعالى مطلع عليه ، ولا يحرك شيئا من جوارحه إلا بإقامة الحجة عند الله ، فذلك حق المعرفة ، وتفسير الثقة بالله أن لا تسعى في طمع ، ولا تتكلم في طمع ولا ترجو دون الله سواه ، ولا تخاف دون الله سواه ، ولا تخشى من شيء سواه ، ولا يحرك من جوارحه شيئا دون الله - يعني في طاعته واجتناب معصيته - قال : وتفسير الرضا على أربع خصال ، أولها أمن من الفقر ، والثاني حب القلة ، والثالث خوف الضمان ، قال : وتفسير الضمان أن لا يخاف إذا وقع في يده شيء من أمر الدنيا أن يقيم حجته بين يدي الله في أخذه وإعطائه على أي الوجوه كان ، قال شقيق : التوكل أربعة : توكل على المال ، وتوكل على النفس ، وتوكل على الناس ، وتوكل على الله ، قال : وتفسير التوكل على المال أن تقول : ما دام هذا المال في يدي فلا أحتاج إلى أحد ، فذلك توكل على الناس ، ومن كان على هذا فهو جاهل كائنا من كان ، وتفسير التوكل على الله أن تعرف أن الله تعالى خلقك وهو الذي ضمن رزقك وتكفل برزقك ، ولم يحوجك إلى أحد ، وأنت تقول بلسانك والذي يطعمني ويسقيني ، فهذا التوكل على الله ، وقال الله تعالى ( وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين ) ، ( وعلى الله فليتوكل المؤمنون ) وقال : [ ص: 62 ] ( إن الله يحب المتوكلين ) وتفسير من لم يتوكل على الله يصير خارجا من الإيمان ، ومن لم يكن بذلك مؤمنا فهو جاهل كائنا من كان .

حدثنا محمد بن عبد الرحمن ، ثنا سعيد بن أحمد البلخي ، ثنا محمد بن عبيد ، ثنا محمد بن الليث ، قال : سمعت حامدا يقول : سمعت حاتما يقول : سمعت شقيقا يقول : ميز بين ما تعطي وتعطى إن كان من يعطيك أحب إليك ، فأنت محب للدنيا ، وإن كان من تعطيه أحب إليك فأنت محب للآخرة .

حدثنا محمد بن أحمد بن محمد ، وحدثني عنه أولا عثمان بن محمد قال : ثنا عباس بن أحمد الشاشي ، ثنا أبو عقيل الرصافي ، ثنا أحمد بن عبد الله ، قال : سمعت شقيق بن إبراهيم يقول : ثلاث خصال هي تاج الزاهد : الأولى أن يميل على الهوى ولا يميل مع الهوى ، والثانية ينقطع الزاهد إلى الزهد بقلبه ، والثالثة أن يذكر كلما خلا بنفسه كيف مدخله في قبره ، وكيف مخرجه ، ويذكر الجوع والعطش والعري ، وطول القيامة ، والحساب والصراط ، وطول الحساب والفضيحة البادية ، فإذا ذكر ذلك شغله عن ذكر دار الغرور ، فإذا كان ذلك كان من محبي الزهاد ومن أحبهم كان معهم .

حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا عبد الله بن محمد بن زكريا ، قال : قال أبو تراب : سمعت محمد بن شقيق بن إبراهيم البلخي ، وحاتما الأصم يقولان : كان لشقيق وصيتان إذا جاءه رجل من العرب يوصيه بالعربية : توحد الله بقلبك ولسانك وشفتك ، وأن تكون بالله أوثق مما في يديك ، والثالث أن ترضى عن الله ، وإذا جاءه أعجمي قال : احفظ مني ثلاث خصال ، أول خصلة أن تحفظ الحق ، ولن يكون الحق إلا بالاجتماع ، فإذا اجتمع الناس فقالوا : إن هذا الحق ، يعمل ذلك الحق يريد الثواب مع الإياس من الخلق ، ولا يكون الباطل باطلا إلا بالاجتماع ، فإذا اجتمعوا وقالوا : إن هذا باطل تركت هذا الباطل خوفا من الله تعالى ، مع الإياس من المخلوقين ، فإذا كنت تعلم هذا الشيء حق هو أم باطل فينبغي لك أن تقف حتى تعلم هذا الشيء حق هو أو باطل ، فإنه حرام عليك أن تدخل في شيء من الأشياء إلا أن يكون معك بيان ذلك الشيء وعلمه .

التالي السابق


الخدمات العلمية