صفحة جزء
( ومن وصاياه ومواعظه )

حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن ، ثنا بشر بن موسى ، ثنا أبو عبد الرحمن المقرئ ، ثنا سعيد بن أبي أيوب ، حدثني عبد الله بن الوليد قال : سمعت عبد الرحمن بن حجيرة يحدث عن أبيه ، عن عبد الله بن مسعود أنه كان يقول إذا [ ص: 134 ] قعد : إنكم في ممر الليل والنهار في آجال منقوصة ، وأعمال محفوظة ، والموت يأتي بغتة . فمن يزرع خيرا يوشك أن يحصد رغبة ، ومن يزرع شرا يوشك أن يحصد ندامة ، ولكل زارع مثل ما زرع ، لا يسبق بطيء بحظه ، ولا يدرك حريص ما لم يقدر له ، فمن أعطي خيرا فالله تعالى أعطاه ، ومن وقي شرا فالله تعالى وقاه ، المتقون سادة ، والفقهاء قادة ، ومجالستهم زيادة .

حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد ، وسليمان بن أحمد ، قالا : ثنا أبو خليفة ، ثنا مسلم بن إبراهيم ، ثنا قرة بن خالد ، عن الضحاك بن مزاحم ، قال : قال عبد الله : ما منكم إلا ضيف وماله عارية ، والضيف مرتحل ، والعارية مؤداة إلى أهلها .

حدثنا محمد بن علي في جماعة ، قالوا : ثنا عبد الله بن محمد البغوي ، ثنا علي بن الجعد ، ثنا شريك ، عن عبد الملك بن عمير ، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود ، عن أبيه ، قال : أتاه رجل فقال : يا أبا عبد الرحمن ، علمني كلمات جوامع نوافع . فقال : اعبد الله ولا تشرك به شيئا ، وزل مع القرآن حيث زال ، ومن جاءك بالحق فاقبل منه وإن كان بعيدا بغيضا ، ومن جاءك بالباطل فاردد عليه وإن كان حبيبا قريبا .

حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، ثنا عبد الرحمن بن سلم ، ثنا هناد بن السري ، ثنا ابن نمير ، عن موسى بن عبيدة ، عن أبي عمرو ، قال : قال عبد الله : الحق ثقيل مري ، والباطل خفيف وبي ، ورب شهوة تورث حزنا طويلا .

حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا علي بن عبد العزيز ، وبشر بن موسى ، قالا : ثنا أبو نعيم ، ثنا الأعمش ، عن يزيد بن حيان ، عن عيسى بن عقبة ، قال : قال عبد الله بن مسعود : والله الذي لا إله إلا هو ، ما على ظهر الأرض شيء أحوج إلى طول سجن من لسان .

حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن ، ثنا بشر بن موسى ، ثنا خلاد بن يحيى ، ثنا مسعر ، عن معن . قال : قال عبد الله بن مسعود : إن للقلوب شهوة وإقبالا ، وإن للقلوب فترة وإدبارا ، فاغتنموها عند شهوتها وإقبالها ، ودعوها عند فترتها وإدبارها .

حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني [ ص: 135 ] أبي ، ثنا جرير ، عن منصور ، عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد ، عن أبيه ، قال : قال عبد الله : إياكم وحزائز القلوب ، وما حز في قلبك من شيء فدعه .

حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، ثنا أبو يحيى الرازي ، ثنا هناد بن السري ، ثنا أبو الأحوص ، عن سعيد بن مسروق ، عن منذر ، قال : جاء ناس من الدهاقين إلى عبد الله بن مسعود ، فتعجب الناس من غلظ رقابهم وصحتهم ، قال : فقال عبد الله : إنكم ترون الكافر من أصح الناس جسما ، وأمرضهم قلبا ، وتلقون المؤمن من أصح الناس قلبا ، وأمرضهم جسما ، وايم الله لو مرضت قلوبكم وصحت أجسامكم لكنتم أهون على الله من الجعلان .

حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا محمد بن أبي سهل ، ثنا عبد الله بن محمد العبسي ، ثنا وكيع ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن أخيه ، عن أبي عبيدة ، قال : قال عبد الله : من استطاع منكم أن يجعل كنزه حيث لا يأكله السوس ، ولا تناله السراق فليفعل ، فإن قلب الرجل مع كنزه .

حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا علي بن عبد العزيز ، ثنا أبو نعيم ، ثنا سفيان ، عن قيس بن مسلم ، عن طارق بن شهاب ، قال : جاء عتريس بن عرقوب الشيباني إلى عبد الله ، فقال : هلك من لم يأمر بالمعروف ، ولم ينه عن المنكر ، قال : بل هلك من لم يعرف قلبه المعروف ، وينكر قلبه المنكر .

حدثنا أبو أحمد محمد بن محمد ، وسليمان بن أحمد ، قالا : ثنا أبو خليفة ، ثنا أبو الوليد ، ثنا شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأسود ، عن عبد الله ، قال : يذهب الصالحون أسلافا ، ويبقى أهل الريب من لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا .

حدثنا حبيب بن الحسن ، ثنا عمر بن حفص ، ثنا عاصم بن علي ، ثنا المسعودي ، عن القاسم ، قال : قال رجل لعبد الله : أوصني يا أبا عبد الرحمن ، قال : ليسعك بيتك ، واكفف لسانك ، وابك على ذكر خطيئتك .

حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن حمزة ، ثنا محمد بن يحيى بن سليمان ، ثنا عاصم بن علي ثنا المسعودي ، عن الأعمش ، عن أبي وائل ، قال : سمع عبد الله رجلا ، يقول : أين الزاهدون في الدنيا الراغبون في الآخرة ؟ فقال عبد الله : أولئك أصحاب الجابية ، اشترط خمسمائة من المسلمين أن لا يرجعوا حتى يقتلوا ، فحلقوا رءوسهم ولقوا العدو فقتلوا إلا مخبر عنهم .

[ ص: 136 ] حدثنا عبد الله بن محمد ثنا محمد بن شبل ، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، ثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن عمارة ، عن عبد الرحمن بن يزيد ، عن عبد الله ، قال : أنتم أكثر صياما ، وأكثر صلاة ، وأكثر اجتهادا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم كانوا خيرا منكم ، قالوا : لم يا أبا عبد الرحمن ؟ قال : هم كانوا أزهد في الدنيا وأرغب في الآخرة .

حدثنا عبد الرحمن بن العباس ، ثنا إبراهيم بن إسحاق الحربي ، ثنا محمد بن مقاتل ، ثنا ابن المبارك ، ثنا سفيان ، عن العلاء بن المسيب ، عن إبراهيم ، قال : قال ابن مسعود : ليس للمؤمن راحة دون لقاء الله ، فمن كانت راحته في لقاء الله فكأن قد .

حدثنا محمد بن حميد ، ثنا أحمد بن الحسن ، ثنا أبو ياسر - عمار بن نصر - حدثني محمد بن نبهان ، حدثني يزيد بن أبي زياد ، عن إبراهيم النخعي ، عن علقمة ، عن عبد الله ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كيف أنتم إذا التبستكم فتنة ، فتتخذ سنة يربو منها الصغير ويهرم فيها الكبير ، وإذا ترك منها شيء قيل تركت سنة " قالوا : متى ذلك يا رسول الله ؟ قال : إذا كثر قراؤكم ، وقلت علماؤكم ، وكثرت أمراؤكم ، وقلت أمناؤكم ، والتمست الدنيا بعمل الآخرة ، وتفقه لغير الله " قال عبد الله : فأصبحتم فيها .

كذا رواه محمد بن نبهان مرفوعا ، والمشهور من قول عبد الله موقوف .

حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، ثنا محمد بن جعفر الوركاني ، أخبرنا شريك ، عن أبي حصين ، عن يحيى بن وثاب ، عن مسروق ، عن عبد الله ، قال : إذا أصبح أحدكم صائما - أو قال : إذا كان أحدكم صائما - فليترحل ، وإذا تصدق بصدقة بيمينه فليخفها عن شماله ، وإذا صلى صلاة أو صلى تطوعا فليصلها في داخله .

حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا محمد بن النضر ، ثنا معاوية بن عمرو ، ثنا زائدة ، عن الأعمش ، عن سلمة بن كهيل ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله ، قال : لا يقلدن أحدكم دينه رجلا ، فإن آمن آمن ، وإن كفر كفر ، فإن كنتم لا بد مقتدين فاقتدوا بالميت فإن الحي لا يؤمن عليه الفتنة .

حدثنا حبيب بن الحسن ، ثنا عمر بن حفص السدوسي ، ثنا عاصم بن علي المسعودي ، عن سلمة بن كهيل ، عن عبد الرحمن بن [ ص: 137 ] يزيد ، قال : قال عبد الله : لا يكونن أحدكم إمعة ، قالوا : وما الإمعة ، يا أبا عبد الرحمن ؟ قال : يقول أنا مع الناس ، إن اهتدوا اهتديت ، وإن ضلوا ضللت . ألا ليوطنن أحدكم نفسه على إن كفر الناس أن لا يكفر .

حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا إسحاق بن إبراهيم ، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن أبي إسحاق ، عن أبي عبيدة ، عن ابن مسعود ، قال : ثلاث أحلف عليهن ، والرابعة لو حلفت عليها لبررت . لا يجعل الله عز وجل من له سهم في الإسلام كمن لا سهم له ، ولا يتولى الله عبد في الدنيا إلا فولاه غيره يوم القيامة ، ولا يحب رجل قوما إلا جاء معهم ، والرابعة التي لو حلفت عليها لبررت ، لا يستر الله على عبد في الدنيا إلا ستر عليه في الآخرة .

حدثني عبد الله بن محمد ، ثنا أبو عبد الله محمد بن أبي سهل ، ثنا عبد الله بن محمد العبسي ، ثنا عباد بن العوام ، عن سفيان بن حسين ، عن أبي الحكم - أو الحكم - عن أبي وائل عن عبد الله قال : ما أحد من الناس يوم القيامة إلا يتمنى أنه كان يأكل في الدنيا قوتا ، وما يضر أحدكم على ما أصبح وأمسى من الدنيا إلا أن تكون في النفس حزازة ; ولأن يعض أحدكم على جمرة حتى تطفأ خير من أن يقول لأمر قضاه الله ليت هذا لم يكن .

حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا بشر بن موسى ، ثنا يحيى بن إسحاق السيلحيني ، ثنا حماد بن سلمة ، عن عبد الله - أو عبيد الله - بن مكرز ، قال : قال عبد الله بن مسعود : إن ربكم ليس عنده ليل ولا نهار ، نور السماوات والأرض من نور وجهه ، وإن مقدار كل يوم من أيامكم عنده اثنتا عشر ساعة ، فتعرض عليه أعمالكم بالأمس أول النهار فينظر فيها ثلاث ساعات ، ويسبحه حملة العرش ، وسرادقات العرش ، والملائكة المقربون ، وسائر الملائكة ، ثم ينفخ جبريل بالقرن فلا يبقى شيء إلا سمع صوته ، فيسبحون الرحمن ثلاث ساعات حتى يمتلئ الرحمن رحمة ، فتلك ست ساعات ، ثم يؤتى بالأرحام فينظر فيها ثلاث ساعات ، وهو قوله في كتابه : ( يصوركم في الأرحام كيف يشاء ) ، ( يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما ) الآية ، فتلك التسع ساعات ثم يؤتى بالأرزاق [ ص: 138 ] فينظر فيها ثلاث ساعات ، وهو قوله : ( يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ) ، ( كل يوم هو في شأن ) قال : هذا من شأنكم ، وشأن ربكم عز وجل .

حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ، ثنا وكيع ، ثنا سفيان ، عن أبي قيس الأودي ، عن هذيل بن شرحبيل ، قال : قال عبد الله : من أراد الدنيا أضر بالآخرة ، ومن أراد الآخرة أضر بالدنيا ، يا قوم فأضروا بالفاني للباقي .

حدثنا محمد بن إسحاق بن أيوب ، ثنا إبراهيم بن سعدان ، ثنا بكر بن بكار ، ثنا حبيب بن حبان ، ثنا المسيب بن رافع ، قال : أخبرني إياس البجلي ، قال : سمعت ابن مسعود ، يقول : من راءى في الدنيا راء الله به يوم القيامة ، ومن يسمع في الدنيا يسمع الله به يوم القيامة ، ومن يتطاول تعظما يضعه الله ، ومن يتواضع تخشعا يرفعه الله .

التالي السابق


الخدمات العلمية