صفحة جزء
حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن جعفر ، ثنا أحمد بن عيسى ، ثنا سعيد بن العباس ، ثنا أبي قال : سمعت حاتما الأصم يقول : قال شقيق : ما من يوم إلا ويستخبر إبليس خبر كل آدمي سبع مرات ، فإذا سمع خبر عبد تاب إلى الله عز وجل من ذنوبه صاح صيحة تجتمع إليه ذريته كلهم من المشرق والمغرب ، فيقولون له : ما لك يا سيدنا ؟ فيقول : قد تاب فلان بن فلان فما الحيلة في فساده ؟ ويقول لهم : هل من قرابته أو من أصدقائه أو من جيرانه معكم أحد ؟ فيقول [ ص: 65 ] بعضهم لبعض : نعم ، وهو من شياطين الإنس فيقول لأحدهم : اذهب إلى قرابته وقل له : ما أشد ما أخذت فيه ، قال : وإن لإبليس خمسة أبواب ، فتقول له قرابته : إنك أخذت بالشدة فإن أخذ بقوله رجع فهلك وإلا هلك الآخر ، ويقول له الآخر من قرابته : هذا الذي أخذت فيه لا يتم ، فإن أخذ بقوله رجع وهلك وإلا هلك الآخر ، ويقول له الثالث : كما أنت حتى تفني ما في يديك من الحطام ، فإن أخذ بقوله رجع وهلك وإلا هلك الآخر ، فيأتيه الرابع فيقول له : تركت العمل فلا تعمل وأنت ليلك ونهارك في راحة لا تعمل ، فيقول له الخامس : جزاك الله خيرا تبت وأخذت في عمل الآخرة ، ومن مثلك والحق في يدك ، فإذا أجابهم فقال : إنك أخذت بالشدة ، يرد عليه ويقول : إني كنت قبل اليوم في شدة فأما اليوم ففي راحة حيث أردت أن أرضي ربي وأرضي الناس ، فمتى أرضيت ربي أسخطت الناس ومتى ما أرضيت الناس أسخطت ربي ، فأخذت اليوم في رضاء ربي الواحد القهار وتركت الناس ، فصرت اليوم حرا ، وهونت علي أمري حيث أعبد ربي وحده لا شريك له ، فإذا قال : إنك لا تتمه ، فقل : إنما الإتمام على الله عز وجل ، وعلي أن أدخل في العمل وتمامه على الله تعالى ، فإذا قال : كما أنت حتى تفني ما في يديك من الحطام ، فقل له : ففيم تخوفني وقد استيقنت أن كل شيء ليس بقولي فإني لا أقدر عليه وما كان لي ، فلو دخلت في الأرض السابعة لدخل علي ، إذ فرغت نفسي واشتغلت بعبادة ربي ، ففيم تخوفني ؟ فإذا قال : إنك لم تعمل وصرت بلا عمل ، فقل : إني في عمل شديد ، قد استبان لي عدو في قلبي ولن يرضى علي ربي إلا أن ينكسر هذا العدو الذي في قلبي ، وأكون ناصرا عليه في كل ما ألقى في قلبي ، فأي عمل أشد من هذا ؟ فإذا أجبته بهذا واستقمت على طاعة الله تعالى يجيء إليك من قبل العجب بنفسك فيقول لك : من مثلك جزاك الله خيرا وعافاك ؟ فيريد أن يوقع في قلبك العجب فقل له : إذا استبان لك أن الحق هذا والصواب في هذا العمل ، فما يمنعك أن تأخذ فيه إلى أن يأتيك الموت ؟ فإذا أجبتهم بهذا تفرقوا عنك ولا يكون لهم عليك سبيل فيأتون إبليس ، فيخبرونه فيقول لهم إبليس : إنه [ ص: 66 ] قد أصاب الطريق والهدى فليس لكم عليه سبيل ، ولكن لا يرضى بهذا حتى يدعو الناس إلى عبادة الله عز وجل ، فامنعوا الناس عنه ، وقولوا لهم : إنه لا يحسن شيئا فلا تختلفوا إليه .

حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن جعفر ، ثنا أحمد بن عيسى بن ماهان ، ثنا سعيد بن العباس الرازي الصوفي ، ثنا أبي قال : سمعت حاتما الأصم يقول : قال شقيق بن إبراهيم : " استتمام صلاح عمل العبد بست خصال : تضرع دائم وخوف من وعيده ، والثاني حسن ظنه بالمسلمين ، والثالث اشتغاله بعيبه لا يتفرغ لعيوب الناس ، والرابع يستر على أخيه عيبه ولا يفشي في الناس عيبه رجاء رجوعه عن المعصية ، واستصلاح ما أفسده من قبل ، والخامس ما اطلع عليه من خسة عملها استعظمها رجاء أن يرغب في الاستزادة منها ، والسادسة أن يكون صاحبه عنده مصيبا " .

التالي السابق


الخدمات العلمية