صفحة جزء
قال : وسمعت فضيلا يقول ذات ليلة وهو يقرأ سورة محمد ويبكي ويردد هذه الآية : ( ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم ) وجعل يقول : ونبلو أخباركم ، ويردد : وتبلو أخبارنا ! إن بلوت أخبارنا فضحتنا وهتكت أستارنا ، إنك إن بلوت أخبارنا أهلكتنا وعذبتنا ، ويبكي " .

حدثنا أبو محمد ، ثنا العباس بن محمد ، ثنا الحجاج بن حمزة ، حدثني محمد بن [ ص: 112 ] علي ، قال : سمعت الفضيل بن عياض يقول : " العلم دواء الدين ، والمال داء الدين ، فإذا جر العالم الداء إلى نفسه كيف يصلح غيره " .

حدثنا عبد الله بن محمد ، ومحمد بن إبراهيم ، قالا : ثنا أحمد بن علي ، ثنا عبد الصمد بن يزيد مردويه ، قال : سمعت الفضيل بن عياض ، يقول : " إنما سمي الصديق لتصدقه ، وإنما سمي الرفيق لترفقه ليس في السفر وحده ، بل في السفر والحضر ، قلنا : يا أبا علي فسر لنا هذا ، قال : أما الصديق فإذا رأيت منه أمرا تكرهه فعظه ولا تدعه يتهور ، وأما الرفيق فإن كنت أعقل منه فارفقه بعقلك ، وإن كنت أحلم منه فارفقه بحلمك ، وإن كنت أعلم منه فارفقه بعلمك ، وإن كنت أغنى منه فارفقه بمالك " .

حدثنا عبد الصمد بن محمد ، ومحمد بن إبراهيم ، قالا : ثنا أحمد بن علي ، ثنا عبد الصمد قال : سمعت الفضيل يقول : " إذا أتاك رجل يشكو إليك رجلا ، فقل : يا أخي اعف عنه فإن العفو أقرب للتقوى ، فإن قال : لا يحتمل قلبي العفو ولكن أنتصر كما أمرني الله عز وجل ، قل : فإن كنت تحسن تنتصر مثلا بمثل وإلا فارجع إلى باب العفو ، فإن باب العفو أوسع فإنه من عفا وأصلح فأجره على الله ، وصاحب العفو ينام الليل على فراشه ، وصاحب الانتصار يقلب الأمور " .

حدثنا أبو محمد ، ثنا أبو يعلى ، ثنا عبد الصمد ، قال : سمعت الفضيل يقول : " صبر قليل ونعيم طويل ، وعجلة قليلة ، وندامة طويلة رحم الله عبدا أخمد ذكره وبكى على خطيئته قبل أن يرتهن بعمله " .

حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، ثنا جعفر بن أحمد بن فارس ، ثنا إبراهيم بن الجنيد ، ثنا مليح بن وكيع ، قال : سمعتهم يقولون : خرجنا من مكة في طلب فضيل بن عياض إلى رأس الجبل فقرأنا القرآن فإذا هو قد خرج علينا من شعب لم نره ، فقال لنا : أخرجتموني من منزلي ومنعتموني الصلاة والطواف ، أما إنكم لو أطعتم الله ثم شئتم أن تزول الجبال معكم زالت ثم دق الجبل بيده فرأينا الجبال أو الجبل اهتزت وتحركت " .

حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا إبراهيم بن محمد بن علي الرازي ، ثنا أحمد [ ص: 113 ] بن الحسين بن عباد ، ثنا أبو جعفر محمد بن عبد الله الحذاء ، قال : سمعت فضيل بن عياض ، يقول : " حيثما كنت فكن ذنبا ، ولا تكن رأسا فإن الرأس تهلك والذنب ينجو " .

حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا إبراهيم بن سفيان ، ثنا عامر بن عامر ، عن الحسن بن علي العابد ، قال : قال فضيل بن عياض لرجل : كم أتت عليك ؟ قال : ستون سنة ، قال : فأنت منذ ستين سنة تسير إلى ربك توشك أن تبلغ ، فقال الرجل : يا أبا علي إنا لله وإنا إليه راجعون ، قال له الفضيل : تعلم ما تقول ، قال الرجل : قلت : إنا لله وإنا إليه راجعون ، قال الفضيل تعلم ما تفسيره ؟ قال الرجل : فسره لنا يا أبا علي ، قال : قولك إنا لله ، تقول : أنا لله عبد ، وأنا إلى الله راجع ، فمن علم أنه عبد الله ، وأنه إليه راجع ، فليعلم بأنه موقوف ، ومن علم بأنه موقوف فليعلم بأنه مسئول ومن علم أنه مسئول فليعد للسؤال جوابا ، فقال الرجل : فما الحيلة قال : يسيرة ، قال : ما هي ؟ قال : تحسن فيما بقي يغفر لك ما مضى وما بقي ، فإنك إن أسأت فيما بقي أخذت بما مضى وما بقي " .

حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا إسحاق بن أبي إحسان ، ثنا أحمد بن أبي الحواري ، شقال : سمعت أبا عبد الله الساجي يقول : سأل رجل فضيل بن عياض ، فقال : يا أبا علي متى يبلغ الرجل غايته من حب الله تعالى ؟ فقال له الفضيل : " إذا كان عطاؤه ومنعه إياك عندك سواء فقد بلغت الغاية من حبه " .

حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا إبراهيم بن علي الرازي ، ثنا النضر بن سلمة ، ثنا دهرم بن الحارث ، عن فضيل بن عياض ، قال : " قدمت شعوانة فأتيتها فشكوت إليها وسألتها أن تدعو الله بدعاء ، فقالت شعوانة : يا فضيل أما بينك وبين الله ما إن دعوته استجاب ؟ قال : فشهق الفضيل شهقة فخر مغشيا عليه ، قال : وقال الفضيل : " أعزنا بعز الطاعة ولا تذلنا بذل المعصية " .

حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا أبو يعلى ، ثنا عبد الصمد بن يزيد ، قال : سمعت فضيل بن عياض يقول : " ليس من عبد إلا وفيه ثلاث خصال أما اثنتان يسترهما ، وأما الثالثة فلا يقوى ، قيل : كيف ذاك يا أبا علي ؟ قال : يظهر الرجل حسن [ ص: 114 ] الخلق في الخيرات ، وليس بحسن الخلق ويظهر السخاء وليس بسخي ، ولكن الثالثة عقل الرجل عند المحاورة إن كان له عقل عرفته لا يقدر يتصنع " .

حدثنا محمد بن أحمد بن محمد ، ثنا عبد الرحمن بن داود ، ثنا عبد الله بن هلال الرومي ببيروت ، ثنا أحمد بن عاصم قال : التقى سفيان الثوري ، وفضيل بن عياض ، " فتذاكرا فبكيا ، فقال سفيان : إني لأرجو أن يكون مجلسنا هذا أعظم مجلس جلسناه بركة ، فقال الفضيل : نرجو لكني أخاف أن يكون أعظم مجلس جلسناه علينا شؤما ، أليس نظرت إلى أحسن ما عندك فتزينت لي به وتزينت لك به فعبدتني وعبدتك ؟ قال : فبكى سفيان حتى علا نحيبه ، ثم قال : أحييتني أحياك الله " .

حدثنا محمد بن أحمد ، ثنا عبد الرحمن بن داود ، ثنا الفضيل بن عياض ، يقول : " ما حليت الجنة لأمة ما حليت لهذه الأمة ثم لا ترى لها عاشقا " قال الشيخ أبو نعيم رحمه الله : كلام الفضيل ومواعظه تكثر اقتصرنا منها على ما أملينا نفعنا الله وإياكم بها ، كذلك له من المسانيد .

التالي السابق


الخدمات العلمية