صفحة جزء


حدثنا عبد الله بن محمد ، ومحمد بن علي قالا : ثنا أبو يعلى ، ثنا عبد الصمد بن يزيد ، سمعت سفيان بن عيينة ، يقول : قال عبد العزيز بن أبي رواد لأخ له : " أقرضنا خمسة آلاف درهم إلى الموسم ، فشد التاجر وحملها إليه ، فلما جن الليل وأوى التاجر إلى فراشه قال : ما صنعت يا ابن أبي رواد أنت شيخ كبير ، وأنا شيخ كبير فلا أدري ما يحدث الله بي أو بك فلا يعرف له ولدي ما أعرفه ، لئن أصبحت سالما لآتينه فأجعله منها في حل ، فلما أصبح أتى عبد العزيز بن أبي رواد فأصابه خلف المقام - وكان عبد العزيز عظم جلوسه خلف المقام في الحجر - فقال : يا أبا عبد الرحمن ، رأيت البارحة في أمر [ ص: 192 ] فكرهت أن أقطعه حتى أشاورك فيه ، قال : ما هو ؟ قال : تفكرت في المال الذي حملته إليك فإذا أنت شيخ كبير وأنا شيخ كبير ، فلا أدري ما يحدث الله تعالى بي أو بك ، فلا يعرف لك ولدي ما أعرف لك ورأيت أن أجعلك منها في حل في الدنيا والآخرة ، فقال : اللهم اغفر له اللهم أعطه أفضل ما نوى ، ثم دعا له بما حضره من الدعاء فقال له : إن كنت إنما تشاور في هذا المال فإنما استقرضناه على الله فكلما اغتممنا به كفر الله به عنا ، فإذا جعلتنا في حل كأنه سقط قال : فكره التاجر أن يخالفه ، قال : فما أتى الموسم حتى مات التاجر ، فأتاه ولده في الموسم ، فقالوا له : يا أبا عبد الرحمن : مال أبينا ، فقال لهم : لم أتهيأ ولكن الميعاد فيما بيننا وبينكم الموسم الذي يأتي ، فقام القوم من عنده ، فلما دار الموسم الآتي لم يتهيأ المال ، فقال : إني أهون عليك من الخشوع وتذهب بأموال الناس ، قال : فرفع رأسه ، فقال : رحم الله أباكم مذ كان يخاف هذا وشبهه ، ولكن الأجل بيننا وبينكم الموسم الذي يأتي وإلا فأنتم في حل مما قلتم ، قال : فبينا هو ذات يوم خلف المقام إذ ورد عليه غلام له كان قد هرب منه إلى أرض السند أو الهند بعشرة آلاف درهم ، فقال : السلام عليك يا مولاي أنا غلامك الذي هربت منك وإني وقعت إلى أرض السند أو الهند فاتجرت ورزق الله بها عشرة آلاف درهم ، ومعي من التجارات ما لا أحصيها ، قال سفيان : فسمعته يقول : لك الحمد سألناك خمسة آلاف فبعثت إلينا عشرة آلاف ، يا عبد المجيد احمل هذه العشرة آلاف فأعطهم إياها وأقرئهم السلام ، وقل : هذه العشرة بعث بها أبي إليكم ، فقالوا : إنما لنا خمسة آلاف ، فقال : صدقتم خمسة لكم للإخاء الذي كان بينه وبين أبيكم ، قال : فأسقط القوم في أيديهم لما جاء منهم من اللوم وما جاء به من الكرم ، فرجع إلى أبيه قال : فدفعها إليهم ، فقال العبد : عده يقبض ما معي ، فقال : يا بني إنما سألناه خمسة آلاف فبعث إلينا بعشرة آلاف أنت حر لوجه الله وما معك فهو لك " .

حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن ، ثنا بشر بن موسى ، ثنا خلاد بن يحيى ، ثنا عبد العزيز بن أبي رواد ، قال : كان يقال : " من رأس التواضع الرضاء بالدون [ ص: 193 ] من شرف المجالس ، وكان يقال : في رأس كل إنسان حكمة إحداهما ملك تواضع لربه ، وقال : النفس رحمك الله وإن تكبر معه وقال : أحيا أحياك الله .

التالي السابق


الخدمات العلمية