صفحة جزء


حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا أحمد بن محمد بن الحمال ، ثنا أحمد بن منصور ، ثنا عبد الله بن صالح ، قال : سمعت محمد بن اليمان ، يقول : " كتب إلي رجل من إخواني من أهل بغداد : صف لي الدنيا ، فكتبت إليه : أما بعد فإنه حفها بالشهوات ، وملأها بآفات ، مزج حلالها بالمؤونات وحرامها بالتبعات ، حلالها حساب وحرامها عذاب والسلام .

حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الرحمن بن المفضل ، ثنا محمد بن محمد بن عبد الخالق ، سمعت عبد الوهاب الوراق ، يقول : قال ابن السماك : الناس عندنا ثلاثة : زاهد ، وراغب ، وصابر ، فأما الزاهد فلا يفرح بما يؤتى منها ولا يحزن على ما فاته منها ، والصابر القلب منها مثلان فهو في الظاهر زاهد ، وفي الباطن صابر ، ما أشبهه بالزاهد ، وليس هو به ، وأما الراغب فأولئك في خوض يلعبون ، مفصحون لا يشعرون .

حدثنا أبو حامد أحمد بن محمد بن الحسين ، ثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم ، ثنا أبو بكر بن عبيد ، ثنا الحسين بن علي العجلي ، قال : قال محمد بن السماك : همة العاقل في النجاة والهرب، وهمة الأحمق في اللهو والطرب .

حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد المؤذن ، ثنا أحمد بن محمد بن عمر ، ثنا عبد الله بن محمد بن سفيان ، ثنا علي بن محمد البصري ، قال : كان أبو العباس بن السماك [ ص: 205 ] يقول في كلامه : عجبا لعين تلذ بالرقاد وملك الموت معه على وساد .

حدثنا أبي ، ثنا أبو الحسن بن أبان ، ثنا أبو بكر بن عبيد ، حدثني هارون بن سفيان ، حدثني عبد الله بن صالح العجلي ، ثنا ابن السماك ، قال : كتبت إلى محمد بن الحسن حين ولي القضاء بالرقة : أما بعد فلتكن التقوى في بالك على كل حال ، وخف الله في كل نعمة عليك ، لعلة الشكر عليها مع المعصية بها ، فإن في النعمة حجة وفيها تبعة ، فأما الحجة فيها فالنسبة لها ، وأما التبعة فيها فعلة الشكر عليها ، فعفا الله عنك لما صنعت من شكر أو ركبت من ذنب أو قصرت من حق .

حدثنا أبي ، ثنا أبو الحسن بن أبان ، ثنا أبو بكر بن عبيد ، حدثني محمد بن سعيد بن الأصبهاني ، سمعت ابن السماك ، يقول في مجلس في آخر كلامه : حتى متى بلغ الواعظون أعلام الآخرة ، حتى والله لكل نفس ما عليها واقفة ، وكأن العيون إليها ناظرة ، فلا منتبه من نومته ولا مستيقظ من غفلته ، ولا مفيق من سكرته ، ولا خائف من صرعته ، الرجا للدنيا يجعل للآخرة منك حظا ، أقسم بالله لو رأيت القيامة تخفف نزلا لهدأ أهوالها ، وقد علت النار مشرفة على أهلها ، وقد وضع الكتاب ونصب الميزان وجيء بالنبيين والشهداء ، ويكون لك في ذلك الجمع منزل وزلفى ، أبعد الدنيا إلى غير الآخرة تنتقل ، هيهات هيهات ، كلا والله ولكن صمت الآذان عن المواعظ ، وذهلت القلوب عن المنافع ، فلا المواعظ تنفع ، ولا الموعوظ ينتفع بما يسمع .

حدثنا محمد بن أحمد بن عمر ، ثنا أبي ، ثنا عبد الله بن محمد بن شبيب ، ثنا سهل بن عاصم ، ثنا يوسف بن بهلول ، سمعت عباد بن كليب ، يقول : سمعت ابن السماك ، يقول : أما بعد فإني كنت حينذاك وأنا مسرور مسبور وأنا فيها مغرور ذنب ستره علي فقد طابت النفس به كأنه مغفور ، ونعمة أبلاها فأنا بها مسرور كأني فيها على تأدية الحقوق مشكور فيا ليت شعري ما عواقب هذه الأمور .

حدثنا أبو الحسين محمد بن عبد الله سمعت محمد بن يونس المقري سمعت [ ص: 206 ] إسماعيل بن إبراهيم بن سحيم النامي ، ثنا محمد بن صبيح بن السماك : يا ابن آدم ألم يأن لك أن تطيع ، من عصى الحاسدين فيك ، أما وعزته لو أطاعهم قد يجعلك نكالا . حدثنا محمد بن شعيب ، سمعت محمد بن يونس ، يقول : سمعت إسماعيل بن إبراهيم بن سحيم ، سمعت ابن السماك يقول مثله .

· حدثنا محمد بن أحمد بن عمر ، حدثني أبي ، ثنا عبد الله بن محمد بن عبيد ، حدثني علي بن أبي مريم ، عن محمد بن الحسن ، حدثني إبراهيم بن سلمة الشعبي ، سمعت ابن السماك يقول : من صبر على العسر قوي على العبادة ، ومن أجمع الناس استغنى عن الناس ، ومن أهمته نفسه لم يول مسرتها إلى غيره ومن أحب الخير وفق له ومن كره الشر حبه ، ومن رضي الدنيا من الآخرة حظا فقد أخطأ حظ نفسه ، ومن أراد الحظ الأكبر من الآخرة وسعى لها سعيها ، وأعمل نفسه لها فهانت عليه الدنيا وأجمع ما فيها ، والصبر على المعاصي هو الكن لها والصبر على طاعة الله فرع الخير وتمامه .

التالي السابق


الخدمات العلمية