صفحة جزء
حدثنا أحمد بن إسحاق ، ثنا محمد بن يحيى ، ثنا الحسين بن منصور ، ثنا علي الطنافسي ، ثنا أبو سهل الحسن قال : كنت جالسا عند يوسف بن أسباط فقال : اكتبوا إلى حذيفة ، أما بعد فإني أوصيك بتقوى الله ، والعمل بما علمك الله ، والمراقبة حيث لا يراك أحد إلا الله ، والاستعداد لما لا حيلة لأحد في دفعه ، ولا ينتفع بالندم عند نزوله ، فاحسر عن رأسك قناع الغافلين ، وانتبه من رقدة الموتى ، وشمر الساق ، فإن الدنيا ممر السابقين ، فلا تكن ممن قد أظهر الشك ، وتشاغل بالوصف وترك العمل بالموصوف له ، فإن لنا ولك من الله مقاما يسألنا فيه عن الرمق الخفي ، وعن الخليل الجافي ، ولست آمن أن يكون ، فيما يسألني ويسألك عنه وساوس الصدور ، ولحاظ الأعين ، وإصغاء الأسماع وما يصخر مثل عن صفة مثله ، اعلم أن مما يوصف به منافقو هذه الأمة أنهم خالطوا أهل الدين بأبدانهم ، وفارقوهم بأهوائهم ، وخففوا مما سعوا من الحق ولم ينتهوا عن خبيث فعالهم ، إذ ذهبوا إليه فنازعوا في ظاهر أعمال البر بالمحامل والرياء ، وتركوا باطن أعمال البر مع السلامة والتقى ، كثرت أعمالهم بلا تصحيح ، فأحرمهم الله الثمن الربيح ، واعلم يا أخي أنه لا يجزينا من العمل القول ، ولا من الفعل الصفة ، ولا من البذل العدة ، ولا من التوقي التلاوم ، وقد صرنا في زمان هذه صفة أهله ، فمن يكن كذلك فقد تعرض للمهالك ، احذر القراء المصغين ، والعلماء المتحرين ، حيوا بطرق وصدوا الناس عن سبيل الهوى ، وفقنا الله وإياك لما يحب والسلام .

حدثنا أبو يعلى الحسين بن محمد ، ثنا محمد بن الحسين ، ثنا عبد الله بن خبيق ، قال : قال لي حذيفة المرعشي : كتب إلي يوسف بن أسباط فذكر مثله . وقال : خضعوا لما طغوا من مالهم ، وسكتوا عما سعوا من باطلهم ، وفرحوا بما رأوا من زينتهم ، وداهن بعضهم بعضا في القول والفعل .

[ ص: 242 ] حدثنا الحسين بن محمد ، ثنا محمد بن المسيب ، ثنا عبد الله بن خبيق ، ثنا ابن أبي الدرداء ، قال : قال لي حذيفة المرعشي : كتب إلي يوسف بن أسباط : أما بعد فقد استقبلنا من هذه السنة أمورا كثيرة ، الآية الواحدة منها تعمي وتصم ، وقد صرنا بين ظهراني قوم قد صيروا المعروف منكرا ، والمنكر معروفا ، وقد يستقام بهم ذلك جاريا ، فإن كان بينهم بصير أعموه ، عميت الأبصار وصمت الآذان ، ولن ينجو في دهرنا هذا إلا ما شاء الله .

حدثنا الحسين بن محمد ، ثنا محمد بن المسيب ، ثنا طاهر ، سمعت يوسف بن أسباط يقول : لأن تقطع يدي ورجلي أحب إلي من أن آكل من ذا المال شيئا - يعني عطية الأمراء - .

حدثنا الحسين ، ثنا محمد ، ثنا محمد بن المسيب ، ثنا طاهر ، سمعت يوسف بن أسباط يقول : بلغني أن الله تعالى أوحى إلى إبراهيم عليه السلام : تدري لم اتخذتك خليلا ؟ لأنك تعطي الناس ولا تأخذ من أحد شيئا .

حدثنا محمد بن إبراهيم ، ثنا عبد الله بن جابر الطرسوسي ، ثنا عبد الله بن خبيق ، ثنا يوسف بن أسباط ، سمعت سفيان يقول : لم يفقه من لم يعد البلاء نعمة ، والرخاء مصيبة .

حدثنا أبي وأبو محمد بن حيان قالا : ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسين ، ثنا عبد الله بن خبيق ، قال : قال يوسف بن أسباط : إذا رأيت الرجل قد حدثنا فلا تعظه ، فليس للموعظة فيه موضع .

حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا محمد بن يحيى ، حدثني إبراهيم بن السري ، حدثني محبوب بن موسى ، قال : سمعت يوسف بن أسباط ، يقول لشعيب بن حرب : أشعرت أن طلب الحلال فريضة ، والصلاة في الجماعة سنة .

حدثنا الحسين بن محمد ، ثنا محمد بن المسيب ، ثنا عبد الله بن خبيق ، قال : قال لي موسى بن طريف ، قال لي يوسف بن أسباط : إن أقرضك رجل وعابه ، وإن استقرض لك فضحك .

حدثنا الحسين ، ثنا محمد ، ثنا ابن خبيق قال : قال أبو جعفر الحذاء : كتبت [ ص: 243 ] إلى يوسف بن أسباط أشاوره في التحويل إلى الحجاز ، فكتب إلي : أما ما ذكرت من تحويلك إلى الحجاز فليكن همك خيرك ، وما أرى موضعك إلا أضبط للخير من غيره ، وما أحب أحدا يفر من شيء إلا وقع في أشد منه ، وإنما يطيب الموضع بأهله ، وقد ذهب من يؤنس به ويستراح إليه وإن علم الله منك الصدق رجوت أن يصنع الله لك ، وإن كان الصدق قد رفع من الأرض .

حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق الثقفي ، سمعت عبد الوهاب بن عبد الحكم الوراق ، سمعت المثنى بن جامع - وهو من الثقات - سمعت أبا جعفر الحذاء ، سألت شعيب بن حرب عن يوسف بن أسباط ، فقال شعيب : ما أقدم عليه أحدا من هذه الأمة ، البر عشرة أجزاء ، تسعة منها في طلب الحلال ، وسائر البر في جزء واحد ، وقد أخذ يوسف التسعة وشارك الناس في العاشر .

حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، سمعت المؤمل بن الشماخ المصيصي يقول : سمعت يوسف بن أسباط يقول : إني لأهم بقراءة السورة فإن كان ليس يعمل بما فيها لم تزل السورة تلعنه من أولها إلى آخرها ، وما أحب أن يلعنني القرآن .

حدثنا أحمد بن إسحاق ، ثنا محمد بن يحيى بن منده ، ثنا أبو عمران الطرسوسي ، سمعت أبا يوسف المتبولي يقول : كتب حذيفة إلى يوسف - أو يوسف إلى حذيفة - : أما بعد فإن من قرأ القرآن ثم آثر الدنيا فهو ممن اتخذ آيات الله هزوا ، ومن كان طلب الفضائل أهم إليه من ترك الذنوب فهو مخدوع وقد حبب أن يكون خيرا عاليا أصبر علينا من ذنوبنا .

حدثنا أحمد بن إسحاق ، ثنا محمد بن يحيى ، ثنا الحسين بن منصور ، ثنا علي بن محمد الطنافسي ، ثنا سهل أبو الحسن ، سمعت يوسف بن أسباط ، يقول : يجزي قليل الورع عن كثير العمل ، ويجزي قليل التواضع عن كثير الاجتهاد .

حدثنا أبي ، ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن ، ثنا عبد الله بن خبيق قال : كنت عند يوسف بن أسباط إذ جاء الأمير وعليه قلنسوة شاشية فسأله عن [ ص: 244 ] مسألة فقال : إن أستاذي سفيان كان لا يفتي من على رأسه مثل هذا ، قال : فوضعه على الأرض فأفتاه .

حدثنا أبي ، ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن ، ثنا عبد الله بن خبيق ، حدثني موسى بن طريف قال : كنت بمكة مع شعيب بن حرب فنعي إليه يوسف بن أسباط ، فقال : يا موسى ، فمن أراد أن يكذب فليكذب ، ما بقي أحد يستحى منه بعد يوسف .

حدثنا أبي ، ثنا إبراهيم ، ثنا عبد الله ، حدثني موسى بن طريف ، سمعت يوسف بن أسباط يقول : لي أربعون سنة ما حاك في صدري شيء إلا تركته .

حدثنا أبي ، ثنا إبراهيم ، ثنا الحارث ، ثنا عبد الله بن خبيق قال : قال بشار : قال لي يوسف بن أسباط : تعلموا صحة العمل من سقمه ، فإني تعلمته في اثنين وعشرين سنة .

حدثنا أبي ، ثنا إبراهيم ، ثنا عبد الله بن خبيق ، قال يوسف : خرجت من سنح راجلا حتى أتيت المصيصة وجرابي على عنقي ، فقام ذا من حانوته يسلم علي ، وذا يسلم علي ، فطرحت جرابي ودخلت المسجد أصلي ركعتين ، فأحدقوا بي ، فطلع رجل في وجهي فقلت في نفسي : كم يقابلني على هذا ، فرجعت أخذت جرابي ورجعت بعرقي وعناني إلى سنح ، فما رجع إلي قلبي إلى سنين .

التالي السابق


الخدمات العلمية