صفحة جزء
حدثنا أبو علي محمد بن أحمد بن الحسن ، ثنا بشر بن موسى ، ثنا معاوية بن عمرو ، عن أبي إسحاق الفزاري ، قال : قال الأوزاعي في الرجل يسأل أمؤمن أنت حقا ؟ قال : إن المسألة عما سئل من ذلك بدعة والشهادة عليه تعمق ، ولم نكلفه في ديننا ولم يشرعه نبينا عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام ليس لمن يسأل عن ذلك فيه إمام إلا مثل القول فيه جدل ، المنازعة فيه حدث وهزؤ ، ما شهادتك لنفسك بذلك بالذي يوجب لك تلك الحقيقة إن لم تكن كذلك ، ولا تركك الشهادة لنفسك بها بالتي تخرجك من الإيمان ، إن كنت كذلك ، وإن الذي يسألك عن إيمانك ليس يشك في ذلك بمثل ولكنه يريد أن ينازع الله علمه في ذلك حتى يزعم أن علمه وعلم الله في ذلك سواء ، فاصبر نفسك على السنة ، وقف حيث وقف القوم ، وقل بما قالوا ، وكف عما كفوا عنه ، واسلك [ ص: 255 ] سبل سلفك الصالح ، فإنه يسعك ما وسعهم ، وقد كان أهل الشام في غفلة من هذه البدع حتى قذفها إليهم بعض أهل العراق ممن دخلوا في تلك البدعة بعد ما ردها عليهم علماؤهم وفقهاؤهم ، فأسر بها قلوب طوائف من أهل الشام فاستحلتها ألسنتهم ، وأصابهم ما أصاب غيرهم من الاختلاف فيهم ، ولست بآيس أن يدفع الله سيئ هذه البدعة إلى أن يصير جوابا بعد مواد ، إلى أن تفرغ في دينهم وتباغض ، ولو كان هذا خيرا ما خصصتم به ، دون أسلافكم ، فإنه لم يدخر عنهم خيرا حق لكم دونهم لفضل عندكم ، وهم أصحاب نبيه محمد صلى الله عليه وسلم الذين اختارهم له ، وبعثه فيهم ، ووصفهم بما وصفهم ، فقال : ( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا ) . ويقول : إن فرائض الله ليس من الإيمان ، وإن الإيمان قد يطلب بلا عمل ، وإن الناس لا يتفاضلون في إيمانهم ، وإن برهم وفاجرهم في الإيمان سواء ، وما هكذا جاء الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه بلغنا أنه قال : " الإيمان بضع وسبعون ، أو بضع وستون جزءا ، أولها شهادة أن لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ، والحياء شعبة من الإيمان " . وقال الله تعالى : ( شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه ) والدين هو التصديق وهو الإيمان والعمل ، فوصف الله الدين قولا وعملا ، فقال : ( فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين ) فالتوبة من الشرك قول وهي من الإيمان ، والصلاة والزكاة عمل .

حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا أبو العباس ، ثنا أبو نشيط ، ثنا محمد بن هارون ، ثنا أبو صالح ، سمعت أبا إسحاق الفزاري يقول : أن من الناس من يحب الثناء عليه وما يساوي عند الله جناح بعوضة .

حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا محمد بن يحيى بن منده ، ثنا محمد بن الوليد القرشي - صاحب غندر - ثنا محمد بن فضالة - وكان لا يقدر أن يمشي من الخوف - ثنا عبد الله الغنوي عن أبي إسحاق الفزاري ، قال : من قال الحمد لله [ ص: 256 ] على كل حال فإن كانت نعمة كانت لها شكرا ، وإن كانت مصيبة كانت لها عزاء .

التالي السابق


الخدمات العلمية