صفحة جزء
[ ص: 283 ] 410 - عبد الله العمري

ومنهم العابد العدوي ، والزاهد البدوي - عبد الله بن عبد العزيز العمري .

حدثنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، ثنا أبو جعفر الحذاء ، سمعت العمري ، يقول : سمعت عبد الرحمن ، يقول : " أكثر قراءتك القرآن فإنه يقودك إلى الجنة " .

حدثنا أبي ، ثنا أحمد بن محمد بن عمر ، ثنا عبد الله بن محمد ، حدثني إسماعيل بن أبي الحارث ، ثنا يحيى بن أيوب ، حدثني بعض أصحابنا ، قال : كتب مالك بن أنس إلى البدوي : " إنك بدوي ثم فلو كنت عند مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكتب إليه : إني أكره محاورة مثلك " .

حدثنا أبي ، ثنا أحمد بن محمد ، ثنا عبد الله بن محمد ، حدثني محمد بن يحيى المروزي ، بلغني عن العمري عبد الله بن عبد العزيز : " أنه كان يلزم كتبه ، وكان لا يخلو من كتاب يكون معه ينظر فيه ، فقيل له في ذلك ، فقال : إنه ليس شيء أوعظ من قبر ، ولا أسلم من وحدة ، ولا آنس من كتاب " .

حدثنا محمد بن أحمد بن أبان ، حدثني أبي ، ثنا أبو بكر بن سفيان ، حدثني أبو يزيد النميري ، ثنا أبو يحيى الزهري ، قال : قال عبد الله بن عبد العزيز العمري عند موته : " نعمة ربي أحدث أني لم أصبح أملك على الناس إلا سبعة دراهم ملكتها يدي ، ونعمة ربي أحدث لو أن الدنيا أصبحت تحت قدمي لا يمنعني من أخذها إلا أن أزيل قدمي ما أزلتها " .

حدثنا محمد بن أحمد ، حدثني أبي ، ثنا أبو بكر ، حدثني القاسم بن هاشم ، عن محمد بن عبد الله الحذاء ، سمعت العمري ، يقول : " إنما الدنيا والآخرة إبان أيهما أكفان كان فيه " .

حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، ثنا عبد الغفار بن أحمد الحمصي ، ثنا المسيب بن واضح ، سمعت العمري أبا عبد الرحمن الزاهد ، وهو قائم في المسجد ، [ ص: 284 ] مسجد منى إلى جنب المنبر ، وهو آخذ بعمود المنبر ، وهو يشير بيده ، وهو يقول :


لله در ذوي العقول والحرص في طلب الفضول     بثلاث أكسبه الأرامل
واليتامى والكهول

    والجامعين المكثرين
من الخيانة والغلول

    وضعوا عقولهم من الدنيا
بمدرجة السيول

    ولهوا بأطراف الفروع
وأغفلوا علم الأصول

    وتتبعوا جمع الحطام
وفارقوا أثر الرسول

    ولقد رأوا غيلان وياسن
الدهر غولا بعد غول



حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا عبد الله بن محمد بن العباس ، ثنا سلمة بن شبيب ، ثنا سهل بن عاصم ، عن عبيد بن جناد ، سمعت العمري ، يقول : " أي رب ، توبة منك علينا ، وتوبة منا إليك في خواصنا وعوامنا ، أي رب ، اجعلنا لها صادقين ، ولا تجعلنا بها كاذبين ، ثم يقول : وايم الله إن أرانا بها إلا كاذبين " .

حدثنا أحمد بن جعفر بن مسلم ، ثنا أحمد بن علي الأبار ، ح وحدثنا أبو أحمد الغطريفي ، ثنا عبد الله بن صالح البخاري ، ثنا عبد الرحمن بن بشر بن الحكم ، ثنا سفيان بن عيينة ، قال : دخلت على العمري الرجل الصالح ، فقال : " ما أحد يدخل علي أحب إلي منك ، وفيك عيب ، قلت : ما هو ؟ قال : تحب الحديث ، أما إنه ليس من زاد الموت ، أو من أنذر الموت " .

حدثنا أبي ، ثنا أبو الحسن بن أبان ، ثنا عبد الله بن محمد بن عبيد ، حدثني أبو المنذر إسماعيل بن عمر ، سمعت أبا عبد الرحمن العمري الزاهد ، يقول : " إن من غفلتك عن نفسك إعراضك عن الله ، بأن ترى ما يسخطه فتجاوزه ، ولا تأمر بالمعروف ، ولا تنهى عن المنكر ; خوفا ممن لا يملك لك ضرا ولا نفعا " .

قال : وسمعته يقول : " من ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مخافة المخلوقين نزعت منه هيبة الله فلو أمر ولده أو بعض مواليه لا يؤبه به " .

[ ص: 285 ] حدثنا أبو أحمد الغطريفي ، ثنا عمران بن موسى ، ثنا إسحاق بن بهلول ، حدثني أبو جعفر الحافظ ، وكان من العباد ، قال : دخلت على العمري في باديته ، فقلت له : لم نأيت عن الناس ؟ فقال : " ما استطعت أن تنأى عن الناس فافعل ، قلت : أحتمل ؟ قال : احتمل بالبلغة وانظر لمن تعمل ، ثم قال : ألا أسمعك أبياتا ؟ قلت : نعم ، فقال :


وما لي من عبد وما لي وليدة     وإني لفي فضل من الله واسع


بنعمة ربي لا أريد معيشة     سوى قصد عيش من معيشة قانع


ومن يجعل الرحمن في قلبه الغنى     يعش في غنى من طيب العيش واسع


إذا كان ديني ليس فيه غميزة     ولم أنشره بعض تلك المطامع


ولم يستلمني من ذباب من الهوى     ولم أتخشع إمرة الصانع


كريما بحق الله بحل ماله     بخيلا يقول الزور غير موادع



حدثنا محمد بن أحمد بن أبان ، حدثني أبي ، ثنا أبو بكر بن عبيد ، حدثني محمد بن الحسين ، ثنا محمد بن حرب المكي ، قال : قدم علينا أبو عبد الرحمن العمري الزاهد ، فاجتمعنا عليه ، وأتاه وجوه أهل مكة ، فرفع رأسه ، فلما نظر إلى القصور المحدقة بالكعبة نادى بأعلى صوته : " يا أصحاب القصور المشيدة ، اذكروا ظلمة القبور الموحشة ، يا أهل التنعم والتلذذ ، اذكروا الدود والصديد وبلى الأجسام في التراب " ، قال : فغلبته عيناه فنام .

حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا إسحاق بن أحمد الخزاعي ، ثنا الزبير بن بكار ، ثنا سليمان بن محمد بن عروة ، سمعت عبد الله بن عبد العزيز العمري ، يقول : قال لي موسى بن عيسى : " ينتهي إلى أمير المؤمنين هارون الرشيد أنك تشتمه وتدعو عليه ، فبأي شيء استبحت ذلك يا عمري ؟ قال : فقلت له : أما شتمه فهو والله أكرم علي من نفسي ؛ لقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأما في الدعاء عليه فوالله ما قلت : اللهم إنه قد أصبح عبئا ثقيلا على أكتافنا لا تطيقه أبداننا ، وقذى في جفوننا لا تطرف عليه جفوننا ، وشجى في أفواهنا تسفه حلوقنا ، فاكفنا موته وفرق بيننا وبينه ، ولكن قلت : اللهم إن كان يسمى بالرشيد لرشد [ ص: 286 ] فأرشده أو لغير ذلك فراجع به ، اللهم إن له في الإسلام بالقياس على كل مؤمن حقا ، وله بنبيك قرابة ورحم ، فقربه من كل خير ، وباعده من كل سوء ، وأسعدنا به ، وأصلحه لنفسه ولنا ، فقال موسى بن عيسى : يرحمك الله أبا عبد الرحمن ، كذلك يا عمري الظن بك " .

حدثنا الحسين بن محمد ، ثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم ، ثنا محمد بن خالد ، ثنا أحمد بن أبي الحواري ، قال : قال رجل لأبي عبد الرحمن العمري : عظني ، فأخذ حصاة من الأرض ، فقال : " مثل هذا ورع يدخل في قلبك خير لك من صلاة أهل الأرض ، قال : زدني ، قال : كما تحب أن يكون الله غدا فكن أنت اليوم " .

التالي السابق


الخدمات العلمية