صفحة جزء
415 - فتح بن سعيد

ومنهم فتح بن سعيد الموصلي ، المنتقي من اختياره والمبتغي لاختباره .

حدثنا أبو زرعة محمد بن إبراهيم الإستراباذي ، ثنا محمد بن قارن ، ثنا أبو حاتم ، ثنا محمد بن روح ، حدثني إبراهيم بن عبد الله ، قال : صدع فتح الموصلي فعرج ، فقال : " يا رب ، ابتليتني ببلاء الأنبياء ، فشكر هذا أن أصلي الليلة أربعمائة ركعة " .

حدثنا عمر بن أحمد بن شاهين ، ثنا العباس بن العباس بن المغيرة الجوهري ، ثنا عمي القاسم ، حدثني أبو بكر بن عفان ، قال : سمعت بشر بن الحارث ، يقول : بلغني أن بنتا لفتح الموصلي عريت ، فقيل له : ألا تطلب من يكسوها ؟ فقال : " لا ، أدعها حتى يرى الله عز وجل عريها وصبري عليها " .

قال : وكان إذا كان ليالي الشتاء جمع عياله ، وقام بكسائه عليهم ، ثم قال : " اللهم أفقرتني وأفقرت عيالي ، وجوعتني وجوعت عيالي ، وأعريتني وأعريت عيالي ، بأي وسيلة توسلتها إليك ، وإنما تفعل هذا بأوليائك وأحبابك ، فهل أنا منهم حتى أفرح ؟ " .

حدثنا أبو عمر محمد بن عبد الله بن محمد ، ثنا محمد بن عبد الله بن معروف ، [ ص: 294 ] قال : قرأت على سهل بن علي الدوري ، ثنا أبو عمران موسى بن عيسى الجصاص ، ثنا أبو نصر بشر بن الحارث ، قال : قال فتح الموصلي : " من أدام النظر بقلبه ورثه ذلك الفرح بالمحبوب ، ومن آثره على هواه ورثه ذلك حبه إياه ، ومن اشتاق إليه وزهد فيما سواه ، ورعى حقه وخافه بالغيب ورثه ذلك النظر إلى وجهه الكريم " .

حدثنا أبو محمد بن حيان ، وأبي ، قالا : ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن ، ثنا أبو موسى عمران بن موسى الطرسوسي ، قال : مر فتح الموصلي بصبيين مع أحدهما كسرة عليها عسل ، ومع الآخر كسرة عليها كامخ ، فقال الذي معه الكامخ للذي معه العسل : أطعمني من خبزك ، قال : إن كنت كلبا لي أطعمتك ، قال : نعم ، فأطعمه من خبزه ، وجعل في فمه خيطا ، وجعل يقوده ، فقال فتح : " لو رضيت بخبزك ما كنت كلبا لهذا " ، قال أبو موسى : فهكذا الدنيا .

حدثنا أبي ، ثنا أحمد بن محمد بن عمر ، ثنا أبو بكر بن عبيد ، حدثني عبد الرحيم بن يحيى ، ثنا عثمان بن عمارة ، قال : غبت غيبة ، فلما قدمت لقيت فتحا الموصلي في حانوت سالم الدورقي ، فقال لي : " يا بصري ، أي شيء رأيت في غيبتك ؟ فقلت : رأيت عجائب كثيرة وأخبارا مختلفة ، فصاح صيحة ، فقلت : " أنت تصيح من الخبر ، فكيف لو شاهدت القيامة أو شاهدت صاحب القيامة ، فشهق شهقة ، ووثب من الحانوت ، فخر مغشيا عليه ، فحملناه فأدخلناه الحانوت ، فما زال مغشيا عليه إلى العصر ، فلما صلينا العصر تنفس ، ثم فتح عينيه ، فقال لي : كيف قلت ؟ فقلت له : اسكت ، فقلت لعثمان : لم صحت به ؟ قال : مخافة إن رددت عليه القول أن أقتله " .

حدثنا محمد بن أحمد بن أبان ، حدثني أبي ، ثنا عبد الله بن محمد بن سفيان ، حدثني الحسين بن علي بن يزيد الصدائي ، قال : قال رجل لفتح الموصلي : ادع الله ، فقال : " اللهم هبنا عطاءك ولا تكشف عنا غطاءك ، وأرضنا بقضائك " .

حدثنا أبي ، ثنا أحمد بن محمد بن عمر ، ثنا أبو بكر بن سفيان ، ثنا رباح بن الجراح العبدي ، قال : جاء فتح الموصلي إلى صديق له ، يقال له عيسى التمار ، فلم يجده في المنزل ، فقال للخادم : أخرجي إلي كيس أخي ، فأخذ منه درهمين ، وجاء عيسى إلى منزله ، فأخبرته الجارية بمجيء فتح وأخذه الدرهمين ، فقال : إن [ ص: 294 ] كنت صادقة فأنت حرة ، فنظر فإذا هي صادقة ، فعتقت .

حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد ، ثنا هارون بن عبد الله ، ثنا سيار ، حدثني محمد بن عبد الرحمن بن حبيب الطفاوي ، قال : دخلت على فتح الموصلي ، وهو يوقد بالأجر ، وكان فتح رجلا من العرب ، وكان شريفا زاهدا .

أدرك فتح الموصلي عيسى بن يونس وأقرانه ، وأسند عن عيسى .

حدثنا أحمد بن إبراهيم بن جعفر ، ثنا أبو بكر العطار ، ثنا محمد بن هارون الهاشمي ، ثنا أبو حفص ابن أخت بشر الحافي ، قال : كنت جالسا عند خالي بشر بن الحارث فدق الباب ، فقال : انظر من هذا ، فخرجت فإذا أنا بشيخ عليه جبة من صوف وعلى رأسه مئزر من صوف ، وبيده ركوة ، فقال : تقول لأبي نصر ، أخوك أبو بكر قد طلبك ، فأعلمته ووصفته له فخرج خالي مسرعا فسلم عليه ، ثم أخذ بيده وأدخله ، فجعل يسائله ، ثم قال له : ما جاء بك ؟ قال : حديث سمعته أنا وأنت من عيسى بن يونس في الغسل ، وقد شككت فيه ، فقام خالي فأخرج قمطرا ففتشها ثم أخرج دفترا من قراطيس ، فقرأ فيه ، فقال : حدثنا عيسى بن يونس ، ثنا أشعث بن عبد الملك عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا قعد بين شعبها الأربع واجتهد فقد وجب الغسل " ، فقال الشيخ : اسمعه مني لا أكون أغلط ، فقال له خالي : هاته ، فقال الشيخ : حدثنا عيسى بن يونس ، ثنا أشعث بن عبد الملك ، عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا قعد بين شعبها الأربع واجتهد فقد وجب الغسل " ، ثم سلم على خالي وانصرف ، قلت له : يا أبا نصر ، من هذا ؟ فقال لي : هذا فتح الموصلي .

التالي السابق


الخدمات العلمية