صفحة جزء
422 - أبو الحكم سيار

ومنهم المتعبد الصبار أبو الحكم سيار ، كان رباصا ذكارا ، ولباسا شكارا ، وقيل : إن التصوف تكشر الظاهر ، وتكسر الباطن .

حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبو معمر ، حدثني أخي أبو الهذيل ، عن هشيم ، قال : " دخلنا على سيار أبي الحكم ، وهو يبكي ، فقلنا : ما يبكيك ؟ قال : ما أبكى العابدين من قبلي " .

حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني شريح يعني ابن يونس ، ثنا خلف ، يعني ابن خليفة ، عن سيار ، قال : " الدنيا والآخرة يجتمعان في قلب العبد ، فأيهما غلب كان الآخر تبعا له " .

حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، ثنا محمد بن عمران بن الجنيد ، ثنا سليمان بن داود القزاز ، ثنا علي بن الحسن ، ثنا عبد الله بن المبارك ، قال : " كان سيار أبو الحكم ومالك بن دينار يحبان أن يلتقيا ، فقدم سيار البصرة ، وكان له ثياب حسان ، كان يلبسها أحيانا ، فلبس يومئذ ثيابه الحسان وتعمم بعمامة ، ثم دخل على مالك وعليه وعلى أصحابه الصوف ، فحدث مالك ووعظ أصحابه حتى تفرقوا ، وبقي هو ومالك ، وهو لا يعرفه ، فقال : أيها الشيخ ، إني لأرغب بك عن هذا اللباس ، فقال سيار : أتضعني هذه عندك ؟ قال : نعم ، قال : فنعم الثوب ثوب يضع صاحبه عند الناس ، قال : ولكن يوشك هذا أن قد بلغ بك من الناس [ ص: 314 ] ما لم يبلغك من الله ، فقام من محله فجاء حتى جلس بين يديه ، فقال : من أنت يرحمك الله ؟ قال : سيار أبو الحكم " .

حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني محرز بن عون ، ثنا فضيل بن عياض ، قال : " دخل سيار أبو الحكم على مالك بن دينار وعليه ثياب جياد ، فقال له مالك : مثلك يلبس هذا اللباس ؟! فقال : يا مالك ، ثيابي تضعني عندك أو ترفعني ؟ قال : بل تضعك ، فقال : هذا التواضع ، ثم قال له : يا مالك إني أخاف أن يكون قد أنزلا بك من الناس ما لم ينزلا بك من الله " .

حدثنا أحمد بن جعفر ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ، ثنا حجاج ، قال : سمعت شعبة ، عن سيار أبي الحكم ، قال : قيل لعمي : ما حكمك ؟ قال : لا أسأل عما لقيت ولا أتكلف ما لا يعنيني .

حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ، ثنا محمد بن جعفر ، ثنا شعبة ، عن سيار أبي الحكم ، عن أبي وائل ، عن عبد الله أنه قال : " لوددت أن الله عز وجل غفر لي من خطيئتي خطيئة واحدة ، وأنه لم يعرف نسبي " .

التالي السابق


الخدمات العلمية