صفحة جزء
حدثنا أبو محمد ، ثنا عبد الرحمن ، ثنا أبو زكريا ، ثنا محمد ، قال : ما رأيت أحدا [ ص: 116 ] يناظر الشافعي إلا رحمته مع الشافعي .

حدثنا الحسن بن سعيد ، ثنا زكريا الساجي ، قال : سمعت الربيع ، يقول : سمعت الشافعي ، يقول : رأيي ومذهبي في أصحاب الكلام أن يضربوا بالجريد ، ويجلسوا على الجمال ، ويطاف بهم في العشائر والقبائل ، وينادى عليهم : هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة ، وأخذ في الكلام .

حدثنا محمد بن إبراهيم ، ثنا أحمد بن عبد الله النسائي السراج ، ثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، أخبرنا الشافعي ، قال : دخل رجل على المختار بن أبي عبيد فوجد عنده وسادتين ، واحدة عن يمينه ، وأخرى عن شماله ، فلما رآه دعا له بوسادة . فقال : أليس هاتان الوسادتان موضوعتين . فقال : إن هذه قام عنها جبريل والأخرى قام عنها ميكائيل . فقال الشافعي : الصادقون إنما كان يأتيهم واحد ، والمختار كذاب يزعم أنه يأتيه اثنان .

حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن حمدان ، ثنا أبو محمد بن أبي حاتم ، حدثني أبي ، أخبرني عمرو بن سواد السرحي ، قال : قال الشافعي : ما أعطى الله تعالى نبيا ما أعطى محمدا - صلى الله عليه وسلم - فقلت : أعطى عيسى - عليه السلام - إحياء الموتى ، فقال : أعطى محمدا الجذع الذي كان يخطب إلى جنبه حتى هيئ له المنبر ، فلما هيئ له المنبر حن الجذع حتى سمع صوته . فهذا أكبر من ذاك .

حدثنا عبد الرحمن ، ثنا أبو محمد ، ثنا أبي ، أخبرني يونس بن عبد الأعلى ، قال : سمعت الشافعي ، وحضر شيئا فلما شحبنا عليه نظر إليه ، وقال : اللهم بغنائك عنه وفقره إليك اغفر له .

سمعت أبا جعفر محمد بن عبد الله بن محمد القاري يقول : سمعت علي بن عيسى القاري ، يقول : سمعت محمد بن إسحاق بن خزيمة ، يقول : سمعت يونس بن عبد الأعلى ، يقول : قال صاحبنا - يريد الليث بن سعد - : لو رأيت صاحب هوى يمشي على الماء ما قبلته .

حدثنا محمد بن إبراهيم قال : سمعت علي بن بشر الواسطي ، يقول : سمعت أحمد بن سنان يقول : سمعت الشافعي ، يقول : ما شبهت رأي أبي حنيفة إلا [ ص: 117 ] بخيط سحاب إذا مددته كذا خرج أصفر وإذا مددته كذا خرج أحمر .

حدثنا محمد بن إبراهيم ، ثنا أحمد بن علي بن زياد بن أبي الصفير ، ثنا أبو إبراهيم إسماعيل بن يحيى المزني قال : سمعت الشافعي ، يقول : ما أحد إلا وله محب ومبغض ، فإن كان لا بد من ذلك فليكن المرء مع أهل طاعة الله عز وجل .

حدثنا محمد بن إبراهيم ، ثنا محمد بن أحمد بن موسى الخياط - بالرملة - وعلي عن الربيع ، قال : سمعت الشافعي ، يقول : ما نظر الناس إلى شيء هم دونه إلا بسطوا ألسنتهم فيه .

حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا عبد الرحمن بن داود ، ثنا أبو زكريا النيسابوري ، حدثني المزني ، قال : أخبرنا أبو هرم ، قال : قال الشافعي : في كتاب الله تعالى : ( كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ) دلالة على أن أولياءه يرونه على صفته قال الشيخ - رضي الله تعالى عنه - : وكان لمن فوقه من المعلمين خاضعا ولمن يستعلم منه أو يعلمه متواضعا .

حدثنا أحمد بن محمد بن مقسم ، قال : سمعت أبا بكر الخلال ، يقول : سمعت الربيع بن سليمان ، يقول : سمعت الشافعي ، يقول : ما أوردت الحق والحجة على أحد فقبلها مني إلا هبته واعتقدت مودته ، ولا كابرني أحد على الحق ، ودفع الحجة الصحيحة إلا سقط من عيني ورفضته .

حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا أحمد بن طاهر بن حرملة ، حدثني جدي ، قال : سمعت الشافعي ، يقول : سألت مالك بن أنس عن مسألة ، فأجابني فيها ، وسألته ثانيا فأجابني فيها ، وسألته ثالثا فقال : أتريد أن تكون قاضيا ؟ فأبى أن يجيبني فيها .

حدثنا محمد بن إبراهيم ، ثنا يوسف بن عبد الواحد بن سفيان ، قال : سمعت يونس بن عبد الأعلى ، يقول : سمعت الشافعي ، يقول : ما نظرت في موطأ مالك - رحمه الله - إلا ازددت فهما .

حدثنا الحسن بن سعيد ، ثنا زكريا الساجي ، ثنا الحارث بن محمد الأموي ، عن أبي ثور قال : كنت مع أصحاب محمد بن الحسن ، فلما قدم الشافعي علينا [ ص: 118 ] جئت إلى مجلسه شبه المستهزئ ، فسألته عن مسألة من الدور فلم يجبني وقال : كيف ترفع يديك في الصلاة؟ فقلت : هكذا . فقال : أخطأت ، فقلت : هكذا ، فقال : أخطأت ، فقلت : وكيف أضع ؟ قال : حدثني سفيان عن سالم عن أبيه : " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يرفع يديه حذو منكبيه وإذا ركع وإذا رفع " قال أبو ثور : فوقع في قلبي من ذلك ، فجعلت أزيد في المجيء إلى الشافعي وأقصر من الاختلاف إلى محمد بن الحسن فقال : أجل ، الحق معه ، قال : وكيف ذلك؟ قال : قلت : كيف ترفع يديك في الصلاة؟ فأجابني نحو ما أخبرت الشافعي ، فقلت : أخطأت . فقال : كيف أصنع؟ فقلت : حدثني الشافعي ، عن سفيان ، عن الزهري ، عن سالم ، عن أبيه : " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يرفع يديه حذو منكبيه وإذا ركع وإذا رفع " قال أبو ثور : فلما كان بعد شهر وعلم الشافعي أني قد لزمته للتعلم منه ، قال : يا أبا ثور مسألتك في الدور؟ وإنما منعني أن أجيبك يومئذ لأنك كنت متعنتا .

حدثنا الحسن بن سعيد ، ثنا زكريا الساجي ، حدثني أحمد بن العباس الساجي ، قال : سمعت أحمد بن خالد الخلال يقول : سمعت محمد بن إدريس الشافعي يقول : ما ناظرت أحدا قط إلا على النصيحة ، وسمعت أبا الوليد موسى بن أبي الجارود يقول : سمعت الشافعي يقول : ما ناظرت أحدا قط إلا أحببت أن يوفق ويسدد ويعان ، ويكون عليه رعاية من الله وحفظ . وما ناظرت أحدا إلا ولم أبال بين الله الحق على لساني أو لسانه ، وسمعت أبا جعفر محمد بن عبد الله القابني ، يقول : سمعت محمد بن يعقوب ، يقول : سمعت الربيع ، يقول : قال الشافعي : لو قدرت أن أطعمك العلم لأطعمتك .

حدثنا محمد بن إبراهيم ، ثنا عبد العزيز بن أبي رجاء ، ثنا الربيع ، قال : سمعت الشافعي ، يقول : وددت أن الخلق يتعلمون هذا العلم ولا ينسب إلي منه شيء .

حدثنا إبراهيم بن أحمد المقري ، ثنا أحمد بن محمد بن عبيد الشعراني ، قال : سمعت الربيع بن سليمان ، يقول : دخلت على الشافعي وهو عليل ، فسأل عن أصحابنا ، وقال : يا بني ، لوددت أن الخلق كلهم تعلموا - يريد كتبه - ولا ينسب إلي منه شيء .

[ ص: 119 ] حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا عبد الله بن محمد بن يعقوب ، ثنا أبو حاتم ، حدثني حرملة ، قال : سمعت الشافعي ، يقول : وددت أن كل علم أعلمه يعلمه الناس أوجر عليه ولا يحمدوني .

حدثنا محمد بن إبراهيم ، ثنا أبو عقيل الدمشقي عن الربيع ، قال : سمعت الشافعي يقول : اعرف الحق لذي الحق ، إذا أحق الله الحق .

حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا عبد الرحمن بن داود ، ثنا أبو زكريا النيسابوري ، ثنا علي بن حسان النيسابوري ، ثنا محمد بن إدريس المكي ، قال : سمعت الحميدي يقول : ربما ألقى الشافعي علي وعلى ابنه عثمان المسألة فيقول : أيكم أصاب فله دينار .

حدثنا محمد بن المظفر ، ثنا محمد بن أحمد بن حماد ، قال : سمعت الربيع يقول : سمعت الشافعي يقول : طلب العلم أفضل من صلاة النافلة .

حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا أحمد بن محمد بن عبيد الشعراني ، وإبراهيم بن محمد بن الحسن ، قالا : ثنا الربيع ، قال : سمعت الشافعي ، يقول : طلب العلم أفضل من صلاة النافلة .

حدثنا أبو أحمد الغطريفي ، قال : سمعت ابن علوية ، يقول : سمعت الربيع بن سليمان ، يقول : قال الشافعي : لا يصلح طلب العلم إلا لمفلس ، قيل : ولا لغني مكفي ؟ قال : لا .

حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن سهل ، أخبرني محمد بن يحيى بن آدم ، ثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، - فيما قرأت عليه - قال : سمعت الشافعي ، يقول : قال محمد بن الحسن : ليس يبلغ هذا الشأن إلا من أحرق قلبه البن ؟ - يريد في طلب العلم - .

حدثنا أبو أحمد الغطريفي ، قال : سمعت محمد بن إسحاق بن خزيمة ، يقول : سمعت الربيع بن سليمان ، يقول : سمعت الشافعي ، يقول : لا يبلغ هذا الشأن رجل حتى يضربه الفقر أن يؤثره على كل شيء .

حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا سلم بن عصام ، ثنا أحمد بن مردك ، قال : سمعت حرملة ، يقول : سمعت الشافعي ، يقول : ما طلب أحد العلم بالتعمق وعز النفس [ ص: 120 ] فأفلح ، ولكن من طلبه بضيق اليد وذلة النفس وخدمة العالم أفلح .

حدثنا محمد بن إبراهيم ، ثنا عبد العزيز بن أبي رجاء ، قال : سمعت الربيع ، يقول : مرض الشافعي فدخلت عليه فقلت : يا أبا عبد الله ، قوى الله ضعفك ، فقال : يا أبا محمد لو قوى الله ضعفي على قوتي أهلكني ، قلت : يا أبا عبد الله ، ما أردت إلا الخير . فقال : لو دعوت الله علي لعلمت أنك لم ترد إلا الخير .

حدثنا محمد بن عبد الرحمن ، ثنا محمد بن صالح الخولاني ، ثنا الربيع بن سليمان ، قال : ركب الشافعي المركب فقال : أنا بالله ضعيف ، فقلت : قوى الله ضعفك ، فذكر نحوه .

حدثنا أبي - رحمه الله - ثنا أحمد بن محمد بن يوسف ، ثنا أبو نصر المصري ، قال : سمعت أبا عبد الله أحمد بن عبد الرحمن بن وهب يقول : سمعت الشافعي يقول : طالب العلم يحتاج إلى ثلاث خصال : إحداها : حسن ذات اليد ، والثانية : طول العمر ، والثالثة : يكون له ذكاء .

حدثنا أبي ، ثنا أبو نصر ، قال : سمعت الحسين بن معاوية ، يقول : سمعت الشافعي ، يقول : إذا ثبت الأصل في القلب أخبر اللسان عن الفروع .

حدثنا أبي ، ثنا أحمد ، أخبرنا أبو نصر ، قال : سمعت المزني ، يقول : سمعت الشافعي ، يقول : دخل ابن العباس على عمرو بن العاص فقال : كيف أصبحت يا أبا عبد الله قال : أصبحت وقد ضيعت من ديني كثيرا ، وأصلحت من دنياي قليلا ، فلو كان الذي أصلحت هو الذي أفسدت ، والذي أفسدت هو الذي أصلحت لقد فزت ، ولو كان ينفعني أن أطلب طلبت ، ولو كان ينجيني أن أهرب هربت فصرت كالمجنون بين السماء والأرض ، لا أرتقي بيدين ، ولا أهبط برجلين ، فعظني بعظة أنتفع بها يا ابن عباس . قال ابن عباس : هيهات ! صار ابن أخيك أخاك ، ولا يشاء أن يبكي إلا بكيت . قال : كيف يؤمر برحيل من هو مقيم ؟ فقال : على جنيها من حينها ابن بضع وثمانين تقنطني من رحمة الله ؟ قال : ثم رفع يديه فقال : اللهم إن ابن عباس يقنطني من رحمتك ، فخذ مني حتى [ ص: 121 ] ترضى قال : هيهات أبا عبد الله ! تأخذ جديدا ، وتعطي خلقا ، قال : من لي منك يا ابن عباس ؟ ما أرسل كلمة إلا أرسلت نقيضها ، قال : وسمعت الشافعي يقول : قال رجل لأبي بن كعب - أحسبه تابعيا أو صحابيا - : عظني ، ولا تكثر علي فأنس . فقال له : اقبل الحق ممن جاءك به وإن كان بعيدا بغيضا واردد الباطل على من جاءك به ، وإن كان حبيبا قريبا . وقال أيضا لأبي : يا أبا المنذر عظني ، قال : واخ الإخوان على قدر تقواهم ، ولا تجعل لسانك بذلة لمن لا يرى فيه ، ولا تغبط الحي إلا بما تغبط الميت .

حدثنا أبي ، ثنا أحمد ، ثنا أبو نصر ، ثنا إسماعيل بن يحيى ، قال : أملى علينا الشافعي قال : قدم ابن عمامة على عمرو بن العاص فألفاه صائما وقد أحضر إخوانه طعاما وصلى صلاة فأتقنها ، ثم أتى بمال فقال : اذهبوا بهذا إلى فلان ، وبهذا إلى فلان حتى فرقه ، فقال له ابن عمامة : يا أبا عبد الله ، أرأيت صلاة أحكمتها ، وطعاما أطعمته إخوانك ، وأتاك مال أنت أحق به من غيرك فقلت : اذهبوا بهذا إلى فلان وبهذا إلى فلانة ، حتى أتيت عليه ، بم ذاك يا أبا عبد الله ؟ قال : ويحك يا ابن عمامة ! فلو كانت الدنيا مع الدين أخذناها وإياه ، ولو كانت تنحاز عن الباطل ، أخذناها وتركناه ، فلما رأيت ذلك كذلك خلطنا عملا صالحا وآخر سيئا ، عسى أن يرحمنا الله .

حدثنا أبي ، ثنا أحمد ، ثنا أبو نصر ، ثنا ابن أخي حرملة ، ثنا عمي ، قال : قيل للشافعي : أخبرنا عن العقل ، يولد به المرء ؟ فقال : لا ! ولكنه يلقح من مجالسة الرجال ومناظرة الناس .

قال الشيخ - رحمة الله تعالى عليه - : وكان الشافعي لطيف النظر ، عجيب الحذر ، حصيفا في الفكر ، نجيبا في العبر .

التالي السابق


الخدمات العلمية